قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم أمس الخميس، تمديد ولاية بعثة "المينورسو"، لمدة عام؛ حيث تم تبني القرار بتصويت 13 دولة لصالحه.
وجاء في نص القرار رقم 2554، الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية، أن مجلس الأمن "قرر تمديد ولاية بعثة المينورسو، إلى غاية 31 أكتوبر 2023".
كما جددت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة، في هذا القرار، دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمتها المملكة المغربية، في عام 2007، كأساس يتسم بالجدية والمصداقية، كفيل بإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، كما نصت على ذلك قرارات مجلس الأمن.
من جانب آخر، جدد أعضاء مجلس الأمن دعمهم لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الهادفة إلى إحياء المسلسل السياسي، في أفق إيجاد حل واقعي وعملي ودائم، قائم على التوافق.
وفي هذا الصدد، قال محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، في تصريح لـ"تيلكيل عربي": "في الواقع، القرار الأممي 2756، الذي يمدد ولاية "المينورسو" لمدة عام، يمثل انعكاسا للدينامية الدولية بشأن سيادة المغرب على صحرائه، والتأييد الدولي الواسع الذي يتمتع به الموقف السيادي الوطني، بقيادة الملك محمد السادس. كما يعزز هذا القرار دور المملكة المغربية كدولة محورية في المنطقة، ويقر بالزخم المحقق على ضوء مواقف أعضاء في مجلس الأمن، واستمرار دعم مبادرة الحكم الذاتي، وسحب الاعترافات بالكيان الوهمي، بما يختزن دعما لسيادة المغرب على صحرائه وإرادته على وحدته الترابية".
وأضاف بودن أن "القرار جاء ملبيا لتطلعات المغرب، وبني على مكاسب المملكة المغربية، والتطور الحاصل في الرؤية الدولية للحل السياسي، على ضوء مبادرة الحكم الذاتي التي تم دعمها بمواقف قوية، في مختلف المنابر والمنتديات الدولية والإقليمية، خلال السنوات الأخيرة".
وتابع المتحدث نفسه: "لقد تم اعتماد القرار 2756 بإرادة دولية قوية من طرف القوى الدولية الكبرى؛ مما يجعله قرارا طموحا يهدف إلى بعث المسار السياسي، من جديد، على أساس صيغة الموائد المستديرة، بنفس الأطراف المشاركة. وقد حظي القرار المذكور بدعم أغلب الدول الدائمة والدول غير الدائمة، بعد محاولة معزولة ومفتقرة للمنطق من طرف الجزائر لعرقلة تمريره".
واسترسل بودن: "بالمقابل، فإن القرار 2756 أصاب الجزائر بخيبة أمل عميقة، وتأكد أن وجهة نظر هذه الأخيرة وتحركاتها لم تكن ذات جدوى في مجلس الأمن. وبالتالي، تكون الجزائر قد عزلت نفسها عن التطورات الدولية في الملف، وخلطت بين مصالحها ومصالح الأمم المتحدة؛ مما أدى إلى نتائج عكسية".
وسجل المحلل السياسي أن "القرار 2756 عزز فكرة الحل السياسي على أساس معايير الحل السياسي المنصوص عليها في البند الثاني منه. ومن هذا المنطلق، فإنه يزكي سمو مبادرة الحكم الذاتي وأهمية أبعادها الخلاقة والبناءة. وبالتالي، فإن هذا القرار يمثل إرادة الأطراف المؤثرة دوليا، التي تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، للسنة الـ17، على التوالي، بمجلس الأمن. وبالمقابل، فإن القرارات الأممية لا تتضمن أي إشارة إلى تقرير المصير على أساس الاستفتاء، للسنة الـ23، على التوالي".
كما أبرز أن "القرار 2756 يفتح نافذة متجددة من أجل التقدم في العملية السياسية، عبر تأكيد الدعم للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، والحاجة إلى البناء على زخم الموائد المستديرة السابقة، في سنتي 2018 و2019، فضلا عن إيلاء الاهتمام إلى العملية السياسية كخيار لا رجعة فيه".
وتابع بودن أن "مضمون القرار الأممي يعكس رأيا واضحا لدى المجتمع الدولي بشأن الوضع الراهن للعملية السياسية، ويحث الجزائر على الاستجابة الصادقة، والامتثال بأمانة للإرادة الدولية. وبالتالي، فإنها مطالبة بقراءة صحيحة للقرار الأممي، والابتعاد عن ردود الفعل الجوفاء والتصرفات العمياء، باعتبارها الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. فالمجتمع الدولي أصبح يحكم على الجزائر، اليوم، بناء على تصرفاتها وسلوكها، وليس وفق أقوالها".
وأضاف أن "المجتمع الدولي تأكد، في جلسة الـ31 من أكتوبر 2024، أن الجزائر منغمسة في حلقة مفرغة من الانتكاسات الدبلوماسية في النزاع الاقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية"، لافتا إلى أن "التدابير المبينة في القرار الأممي من شأنها أن تلعب دورا حاسما في تعزيز السلم والأمن كمقاصد رئيسية للأمم المتحدة، باتباع خطوات نشطة تعتمد على مقاربة العمل مقابل العمل، وممارسة الضغط على الجزائر للانخراط في العملية السياسية، في إطار القرار 2756، وسلسلة القرارات ذات الصلة، منذ سنة 2007، والتي يبلغ عددها 20 قرارا".
وقال المحلل السياسي لـ"تيلكيل عربي": "من الواضح أن المجموعة الدولية تعارض، بشدة، للسنة الـ14، على التوالي، استمرار الجزائر في عدم السماح بتسجيل ساكنة مخيمات تندوف، وفقا لاتفاقية اللاجئين لسنة 1953. كما أن الوضع العام في المخيمات واستمرار عسكرتها يرفع مؤشرات الخطر على المستوى الإنساني. وبالتالي، فإن القرار الأممي الجديد يبعث بإشارة قوية وبرسالة لا لبس فيها إلى الجزائر، لتتحمل مسؤوليتها، على أكثر من مستوى، وإلى البوليساريو، بخصوص تورطها في تقييد عملية الإمداد الآمن لبعثة "المينورسو" وتحرك أفرادها بحرية في الإطار العملياتي".
وتابع أن "القرار الأممي يوسع التراكمات الإيجابية لصالح ملف الصحراء المغربية ويحافظ على مقتضيات وأحكام حاسمة تنسجم مع ثوابت الموقف السيادي المعبر عنها في خطب الملك محمد السادس. كما أن القرار، في العديد من محاوره، يمثل تعبيرا آخر عن نجاح المغرب في إقناع أطراف دولية بموقفه السيادي، في إطار مبادئ السيادة والوحدة الترابية".
وختم بودن تصريحه بالقول: "من خلال مضمون القرار الأممي، وتجديد مدة بعثة "المينورسو" لمدة سنة، فإن مجلس الأمن يعطي الأولوية لمسار سياسي بناء، وللسلام والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء. وبالتالي، فإن الأمر يتعلق بمستجد هام، في لحظة تشهد توترات وانعدام مساحات الحوار المباشر بين الأطراف".
يشار إلى أن دولتين امتنعتا عن التصويت على قرار مجلس الأمن القاضي بتمديد ولاية بعثة "المينورسو" في الصحراء المغربية لمدة عام؛ هما روسيا (عضو دائم)، والموزمبيق (عضو غير دائم).
وصوتت بالإيجاب على القرار 4 دول دائمة العضوية بمجلس الأمن وتتمتع بحق النقض؛ هي أمريكا، وفرنسا، والصين، وبريطانيا، و8 دول غير دائمة العضوية بالمجلس نفسه؛ هي كوريا الجنوبية، واليابان، وسويسرا، وسلوفينيا، ومالطا، وسييراليون، والإكوادور، وغويانا.
أما البلد الذي لم يشارك في التصويت، فكان الجزائر التي غادر مندوبها القاعة، بعد رفض مجلس الأمن تعديلين تقدمت بهما بلاده على مشروع قرار بشأن الصحراء المغربية؛ حيث يتعلق الأول بتوسيع مهمة "المينورسو" لتشمل حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، والثاني بإلغاء الدعوة إلى الجزائر من أجل عودتها إلى طاولة المفاوضات، رفقة الأطراف الأخرى، في إطار الجولات المستديرة.
وتم رفض تعديلات النظام الجزائري بتصويت أغلبية أعضاء مجلس الأمن، بما فيهم روسيا.