كشفت سبع هيئات لإنتاج وتحويل وتوسيق زيت الأركان بالمغرب أن نشاط تصدير زيت الأركان يحقق مداخيل تقدر بـ 279 مليون درهم من العملة الصعبة سنويا، ويوفر أربعة ملايين ونصف يوم عمل بالوسط القروي لفائدة النساء، كما يضخ حوالي 200 مليون درهم في الاقتصاديات المحلية جراء تثمين المادة الأولية من ثمار الأركان.
يتعلق الأمر بتقرير مشترك، حصل عليه موقع "تيل كيل عربي"، وقعته كل الفيدرالية الوطنية لمحولي وتجار ومصدري زيت الأركان والجمعية الوطنية لتعاونيات الأركان والجمعية المغربية لشركات إنتاج زيت الأركان والجمعية المغربية لمؤشر الجغرافي لزيت الأركان والجمعية الاقليمية لمستغلي مجال الأركان بتارودانت، والجمعية الاقليمية لمستغلي مجال الأركان بالصويرة واعتبرت الهيئات أن لهذا القطاع دور على المستوى الاجتماعي، حيث تعتبر الأنشطة المرتبطة بهذا القطاع من أهم العوامل التي تساهم في استقرار الساكنة بالمناطق القروية وخفض حدة الهجرة نحو المدن والمناطق الشبه الحضرية.
الحاجة لاستراتيجية عمومية
على الرغم من أهمية هذه المؤشرات خاصة بالنسبة للوسط القروي، يؤكد تقرير الهيئات على أنه بالإمكان مضاعفة هده الأثار الايجابية لو توفرت استراتيجية عمومية تعتمد على إشراك المهنيين والقراءة الصحيحة لمعطيات الواقع وتلك المرتبطة بالفرص التي توفرها الأسواق الدولية، وضمان التثمين من المستوى العالي لمواردنا الطبيعية في هدا المجال.
وبخصوص تثمين منتوج زيت الأركان، دعت الهيئات لـ"الخروج من المنظور القطاعي الضيق، وإدراجه في اطار منظور أوسع للتنمية الجهوية بجهتي سوس ماسة ومراكش آسفي، وهما الجهتان اللتان تتوفران على مؤهلات مهمة من حيت الموارد الطبيعية سواء تعلق الأمر بزيت الأركان أو زيت الصبار أو الزيوت الأساسية المستخرجة من النباتات العطرية والطبية، والتي يمكن استثمارها في إطار منظور شمولي بإمكانه أن يجعل من هاتين الجهتين قطبا للصناعات التجميلية الطبيعية على الصعيد الوطني والدولي.
نقاط الضعف
من بين أهم نقاط الضعف التي حصرها التقرير ذاته في قطاع الأركان، هي أن أكثر من 90 بالمائة من زيت الأركان الذي يتم تصديره، هو على شكل زيت خام يتم تسويقه بالجملة، وتعكس هده الوضعية المستوى البدائي للتثمين، وهو ما لا يمكن من الحصول على قيمة مضافة عالية. وأكد تقرير الهيئات السبعة أن "المغرب لا يستفيد إلا من حوالي 18 بالمائة فقط من القيمة المضافة التي يتم تحقيقها على الصعيد العالمي من الصناعات التجميلية المرتبطة بمادة زيت الأركان.
وتساءلوا: فكيف يمكن لهذا القطاع أن يحقق آثارا إيجابية أكثر أهمية إذا لم نتمكن من رفع مستوى التثمين، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة تظافر جهود مختلف القطاعات الحكومية المعنية لإنجاح هذا المشروع؟.
واعتبر التقرير أن التوجه المبني على التدبير المستدام للموارد الطبيعية للمجال الحيوي للأركان، يفرض على السلطات العمومية "اعتماد مقاربة مبنية على الشراكة والإشراك الفعلي للساكنة المحلية في تدبير مكونات هذا القطاع، مع ما يفرضه دلك من تعزيز مؤسساتي واجتماعي للدور المباشر للساكنة المحلية المنتجة لثمار الأركان، والحيلولة دون تسلط البورجوازيات المحلية، ذات الدور الطفيلي الانتهازي، على مؤهلات هذا القطاع واستغلالها لأهداف فئوية ضيقة، والاستفادة الفعلية للحلقات الاجتماعية الضعيفة المتواجدة بسافلة السلسلة".
مؤشرات كمية ونوعية
أكد التقرير أن 70% من حجم الإنتاج يوجه لوحدات التحويل، وان 60% على الأقل من حجم الصادرات الاجمالية لزيت الأركان يتم تسويقه من قبل عدد من الفاعلين في القطاع تعاونيات أو مقاولات أو شركات. ويضيف التقرير ذاته، أن الصويرة، التي تضم مناطق حاحا والشياضمة الشمالية والشياضمة الجنوبية، وأجزاء من جنوب إقليم آسفي، وأجزاء من جنوب اقليم شيشاوة، تساهم في إنتاج ثمار الأركان بحد أدني لا يقل عن 27% وتصل في بعض السنوات لنسب أعلى، بالنظر للمساحة الغابوية التي يحتويها الاقليم، وكذا الكثافة العالية التي تتميز بها غابة شجر الأركان، إضافة لاستفادته من نسب تساقطات مطرية مهمة بالمقارنة مع باقي الأقاليم.
وفي تارودانت، فإن قرابة 46% من الانتاج، تشكل إلى جانب الصويرة القسط الاكبر من الانتاج الإجمالي الوطني لثمار الأركان. وأشار التقرير أن الإنتاج الوطني من زيت الأركان يصل حاليا الى 4000 طن، وهي تقديرات متعلقة بحجم الانتاج السنوي لثمار الأركان.
أكثر من 70 في المائة يسوق في الخارج
وأوضح التقرير نفسه أن الإنتاج السنوي من زيت الأركان يوجه الجزء الكبير منه للتصدير اأي ما يوازي 70 في المادة . أما السوق المحلية فإن القسط الذي يستهلكه لا يتجاوز ما بين 25 الى 30 بالمائة من القسط المصدر، وهو ما يمثل حوالي 400 طن، ما يعادل إنتاجا إجماليا يبلغ في حده الأقصى 2000 طن.
وأكدت الهيئات، وفق نفس التقرير، أن 60 في المائة من حصة تصدير الأركان تعود للشركة الأجنبية، مما يرهن مستقبل القطاع، الذي يضم أكثر من 400 تعاونية و100مقاولة ومئات المتدخلين المسوقين للمنتوج.
مداخل لوقف الاحتكار وتأمين الجودة
جددت الهيئات رفضها "السيناريو الاحتكاري الذي سيقضي على مجمل الفاعلين العاملين بقطاع إنتاج زيت الأركان، في غياب أية ضمانات تمنع سقوط القطاع برمته بين أيدي الشركات الأجنبية، التي تستنزف ثرواتنا الطبيعية، دون أن يكون لذلك أي تأثير إيجابي على الظروف المعيشية للساكنة القروية بالمجال الحيوي للأركان، وسط تنامي الاحتكار أكثر فأكثر"، يوضح التقرير.
ودعت في تقريرها لـ"الحد من هامش تدخل المضاربين في مسارات تسويق هذه المادة الأولية، كما أن مراكز التجميع هذه يمكن لها ضمان جودة عالية للمنتوج من خلال ظروف مثالية للتخزين، عبر اعتماد آليات التتبع لمسار المادة الأولية، وهو الشرط الرئيسي الذي تتأسس عليه أنظمة الجودة المعتمدة على مستوى مختلف الأسواق الدولية. وطالبوا بإعداد "دفتر للتحملات خاص بمراكز تجميع المادة الاولية لثمار الأركان، على أن يتم هذا الاعداد في اطار تشاركي يساهم فيه جميع ممثلي فئات المهنيين بشكل يسمح بالحفاظ على المصالح المشتركة والحيلولة دون وقوع هذه المراكز بين أيدي الشركات الأجنبية التي من شأنها القضاء النهائي على الفاعلين المحليين من تعاونيات ومقاولات صغرى وطنية"، وفق لغة التقرير.
واقترحت في هذا الصدد " تشجيع مشاريع الاستثمار الأجنبي بقطاع زيت الأركان حينما يتعلق الأمر بمشاريع تضمن مستوى عال من التثمين وقيمة مضافة عالية، خاصة ما يتصل الصناعات التجميلية القائمة على زيت الأركان، وعدم قبول المشاريع البدائية التي تتمحور حول استخراج وتصدير زيت الأركان الخام بالجملة".