تحتضن مدينة الرباط، من 20 إلى 23 نونبر الجاري، الحدث الأبرز لموسيقى إفريقيا والشرق الأوسط "Visa For Music"، في دورته الـ11.
وفي إطار تغطيته للحدث، أجرى "تيلكيل عربي" حوارا مع المدير المؤسس للمهرجان؛ حيث كشف كواليس التحضير لهاته الدورة، وأسباب الحضور الإفريقي القوي فيها، بالإضافة إلى أبرز القيم التي يرسخها المهرجان، ومشاكل التمويل التي يواجهها.
وأنتم تحضرون للمهرجان.. ماذا كانت رؤيتكم للدورة الـ11؟
مهرجان "Visa For Music" استثنائي. هو ليس مجرد مهرجان. فالناس يحجون إليه بهدف التشبيك والتعارف والتكوين وتطوير القدرات وخلق المشاريع. ثم هناك البعد الفرجوي الذي يتضمن عروضا استثنائية يحضرها جمهور خاص يعرف أنه لن يندم لأنه حضر.
هذا الجمهور ليس مغربيا فقط، بل قادم من عدة بلدان؛ إذ لدينا أزيد من ألف مهني قدموا من 80 بلدا، وعدد من الفنانين القادمين من 35 بلدا.
كم يستغرق منكم التحضير للدورة؟
يستغرق منا أكثر من سنة. فحين الانتهاء من الاحتفال بالمهرجان هذه السنة، سنفتح، مباشرة، الباب، أمام تقديم الطلبات الخاصة بالدورة القادمة، لتشرع لجنة التحكيم في اختيار الفرق التي ستشارك فيها.
متى بدأ اختيار الفرق المشاركة في دورة 2024؟
بدأ التسجيل في شهر يناير، واستمر إلى غاية شهر مارس. وفي شهر أبريل، بدأ عمل اللجنة. وفي شهر يونيو، شرعنا في التواصل مع من تم اختيارهم.
هناك عمل دؤوب يتم القيام به من طرف فريق مكون من 10 أشخاص يشتغلون على الملف، طيلة العام.
كم فرقة تقدمت بطلبها للمشاركة؟ وكم قبلتم منها؟
توصلنا بطلبات المشاركة من طرف 995 فرقة، واخترنا منها 55 أو 56 فرقة.
ما المعايير المعتمدة في اختيار الفرق؟
المعيار الأول هو الجودة. والمعيار الثاني هو مقاربة النوع. بينما يتمثل المعيار الثالث في المقاربة المجالية بين المغرب والدول الإفريقية. وأشير هنا إلى أننا نحرص على إشراك حتى الدول الناطقة باللغة الإنجليزية أو البرتغالية،... إلخ، وليس فقط الدول الفرنكفونية. أما المعيار الرابع، فهو المقاربة بين الموسيقى التقليدية والبديلة أو العصرية.
ما سر الحضور القوي للفرق الإفريقية؟ هل هي سياسة مقررة سلفا؟
منذ خلقنا للمشروع، اخترنا هذا التوجه، بحكم غياب مثل هاته المبادرات على الصعيد الإفريقي. فمثلا، تجد أن هناك 5 أو 6 أسواق موسيقية في إسبانيا، بينما لا تجد نفس العدد في إفريقيا بأكملها، أو تكون هناك محطات موسيقية ذات بعد جهوي محلي. بمعنى أننا أردنا هاته المقاربة الإفريقية، ليس في إفريقيا لوحدها. فبالإضافة إلى شمال إفريقيا، هناك شرق المتوسط، الذي يفتقر، بدوره، إلى سوق موسيقي مثل مهرجان "Visa For Music". ما سأختم به جوابي هو أن هذا التوجه فرض نفسه بنفسه.
من خلال كلامك، هل يمكن اعتبار المغرب متنفسا فنيا لإفريقيا؟
ليس متنفسا فنيا فقط، وإنما أعتقد أنه، بحكم أننا محظوظون جغرافيا، بسبب قربنا من الأسواق الأوروبية وأسواق شرق الأوسط، فضلا عن جذورنا الإفريقية، كان من الطبيعي أن نكون بمثابة المحور. وبحكم الظرفية الراهنة والعلاقات المتوترة حاليا، أو المعقدة من ناحية التنقل بالنسبة للفنانين من دول أخرى، أعتقد أن مثل هاته المحطات تفيدهم، حتى يستطيعوا بناء مشاريعهم.
ما الذي يميز برنامج هذه الدورة؟
البرنامج الغني جدا، والحضور الاستثنائي للفرق من جميع دول العالم، والأوراش الخاصة بالتكوين؛ بحيث نحضر الشباب حتى يكونوا هم مدراء المشاريع مستقبلا.
وإضافة إلى ذلك، نجد المحاضرات، وما يعرف بـ" Speed Meetings"؛ حيث يتناقش شخصان حول موضوع فني، لمدة عشر دقائق، وبعدها يليهما شخصان آخران. إنه لتمرين جميل جدا.
ما هي أبرز القيم التي يرسخها المهرجان؟
المهرجان يرسخ قيم التسامح، واكتشاف الآخر والاهتمام به، والاحتضان، الذي نشتغل عليه بشكل كبير، أو ما نسميه الكرم.
ونحن نتحدث عن الكرم، هل هناك ممولون كرماء للمهرجان؟
القلائل من يفهمون هذا المهرجان. فباستثناء الرعاية الملكية، ودعم وزارة الثقافة والولاية، مازلنا بحاجة إلى الاشتغال على البيداغوجية؛ إذ لو اطلعت على لائحة الممولين، فلن تجدي أي بنك أو شركة اتصالات.
كلامي هذا ليس عتابا للممولين.. كل حاجة بوقتها.
أنت المدير المؤسس والفني لعدة مهرجانات؛ كـ"تيميتار"، و"Visa For Music".. ما الذي يحرك شغفك بالثقافة؟
لدي هوس، منذ قرابة 30 سنة، بالاهتمام بالآخر واكتشافه.
أنا جد مهووس بالموسيقى المغربية بتعدديتها، وبالثقافة المغربية، وبهويتنا كمغاربة، وفي نفس الوقت، كنت محظوظا بزيارة قرابة 100 بلد حول العالم؛ بحيث اشتغلت مع جنسيات مختلفة؛ ما مكننا من تطوير شبكة استثنائية مع فناني العالم، حتى الدول البعيدة جدا منه؛ كأستراليا، وكولومبيا، والإكواتور، وكوريا، ودول شمال أوروبا وجنوب إفريقيا.
خلقنا من "Visa For Music" صداقات مهمة، ونحظى بأناس أوفياء لا يفوتون فرصة الحضور، ولو سنة واحدة.
كيف تصف المشهد الثقافي الحالي بالمغرب؟
أرى، اليوم، شبابا مبدعا في جميع المجالات. هناك ديناميكية خاصة، خصوصا في السنوات الأخيرة؛ إذ بتنا نلاحظ إبداعات جديدة، فضلا عن تجهيز البنية التحتية؛ بحيث سيتم إنشاء أو افتتاح مؤسسات ثقافية؛ على رأسها المسرح الملكي.
ربما حان الوقت لكي يدخل المستشهرون، ليس كممولين، وإنما كداعمين فاعلين. بمعنى، ماشي بالضرورة يتسناو الرد، خاصة في المنتوج ماشي في الترويج. ما يحتاج الدعم حاليا هو الإنتاج، وبعدها، فلنتكلم عن الترويج.