تقرير حقوقي يسجل انتشار السل وينتقد نقص النظافة بالمستشفيات

محمد فرنان

سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن "السياسة الصحية بالمغرب ما تزال تتأرجح بين وهم محاولات التقدم وحقيقة تكريس واقع التراجع، نتيجة ما تتخبط فيه من معضلات لا حصر لها، ما يجعل النتائج الصحية في المغرب سيئة للغاية وموزعة بصورة غير عادلة سواء تعلق الأمر بالتدبير والتسيير أو بالموارد المالية والبشرية أو بالتدهور الفظيع للبنيات التحتية الصحية أو بقلة عدد المستشفيات والمستوصفات أو بحواجز وعراقيل ولوج المواطنينات الفقراء إلى الخدمات الصحية على علتها أو غير ذلك من المظاهر الفاضحة لاهتراء المنظومة الصحية ببلادنا".

وأضافت الجمعية في  تصريح صحفي، توصل "تيلكيل عربي" بنُسخة منه، حول التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2023، أن "المنظومة الصحية بالمغرب تواجه العديد من التحديات التي تؤدي إلى وضعية صحية مزرية، من بينها نقص التمويل، حيث لا تخصص الدولة إلا نسبة ضئيلة، من الناتج المحلي الإجمالي للصحة مقارنة بالدول الأخرى، فالميزانية العامة لوزارة الصحة ما زالت تتراوح بين 5 و 6% من الميزانية العامة، عوض 12% الموصي بها من طرف منظمة الصحة العالمية".

وأبرزت الجمعية أن "الإنفاق الصحي يظل أقل من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أضعف من المعدل العالمي الذي يبلغ 10 %، وبالتبعية تعاني هذه المنظومة من نقص حاد في البنية التحتية، حيث تعرف العديد من المستشفيات والمراكز الصحية نقصا في المعدات الطبية والأدوية، الأمر الذي ينعكس سلبا على الحق في الولوج إلى رعاية صحية فعالة، كما تعاني من نقص ملحوظ في الموارد البشرية، المتمثل في الخصاص الكبير في عدد الأطباء والممرضين وغيرهم من الأطر العاملة في مجال الصحة، وهو ما ينتج عنه عدم المساواة في الولوج للخدمات الصحية، حيث لا يحظى جميع المواطنون المغاربة بنفس مستوى الخدمات الصحية".

وتابع التقرير أن "سكان المناطق القروية والمناطق المهمشة والفقيرة يعانون على الخصوص، من نقص في الخدمات الصحية مقارنة بسكان المناطق الحضرية، إضافة إلى ذلك هناك ضعف كبير في جودة الخدمات الصحية فالعديد من المستشفيات والمراكز الصحية تُعاني من نقص في النظافة والتعقيم، مما يحد من قدرة النظام الصحي على تقديم رعاية صحية آمنة وفعالة".

وأورد أن "الصحة تعرف انتشار العديد من الأمراض المعدية، مثل السل، والتهاب الكبد الوبائي، وداء فقدان المناعة وغيرها، وهو ما يعيق قدرة النظام الصحي على تحسين صحة المواطنين، وخاصة في صفوف الأمهات والأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، كما أن الفساد الذي يُعانى منه النظام الصحى المغربي، يحد من قدرة هذا الأخير على تقديم خدمات صحية عالية الجودة للجميع. هذا علاوة على غياب الشفافية والحكامة حيث لا يوجد نظام شفاف لمراقبة أداء النظام الصحي المغربي، مما يؤثر سلبا على قدرة النظام الصحي على تحسين خدماته، والمتضرر الأول في هذه الحالة هو المواطن المغربي البسيط المثقل بأعباء الحالة الاجتماعية والاقتصادية".

ولفت الانتباه إلى أن "قطاع الصحة بالمغرب يوصف بأنه "مريض"؛ من خلال ما خلصت إليه جل التقارير اتي أجريت في المغرب من طرف العديد من المنظمات والمجالس على الصعيد الوطني والدولي، حول الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية، عبر تقييمها والوقوف على اختلالاتها في العالمين القروي والحضري. وبالرغم من إقرار دستور 2011 بسبعة حقوق مرتبطة بالصحة، في عدد من فصوله، فإنّ التنظيم الحالي لشبكة الخدمات الصحية الأساسية لم يعد يستجيب لحاجيات المواطنين، حيث وصل التخطيط الحالي لتنظيم شبكة مؤسسات العلاجات الصحية، إلى الطريق المسدود، لكون منبنيا، في مجال التغطية الصحية، على بناء مؤسسات علاجية دون اعتبار لنقص الموارد البشرية والمادية والمالية، وهو ما أفضى إلى وجود 143 مركزا صحيا مغلقا في الوقت الراهن، فيما لا تشهد باقي المراكز إلا ارتيادا ضعيفا".

وأشار إلى أن "النقص الحاد في عدد المهنيين في القطاع الصحي يعتبر من أكبر المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع، إذ لا يتجاوز عدد الأطباء 6.2 طبيب فقط لكل 10 آلاف نسمة، وهو ما اعتبره تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "نقصا خطيرا"؛ يضاف إلى ذلك أن القطاع الصحي، يشكو من التفاوت الكبير في توزيعهم بين الجهات، أو داخل جهة واحدة، وبين الوسطين الحضري والقروي. وحسب الأرقام التي كانت وزارة الصحة قد كشفت عنها في وقت سابق، والتي تحدد النقص الحاصل في عدد الأطباء في 6000 طبيب، و 9000 في عدد المهنيين شبه الطبيين، فإنّ السنوات القادمة، ستكون أسوأ مما هي عليه الآن؛ فبالإضافة إلى كون القطاع الخاص يزيد من حدة نقص الأطباء العاملين في القطاع العمومي، فإنّ 24 بالمائة من المهنيين شبه الطبيين سيبلغون خلال العشرية القادمة من التقاعد، وهو ما سيضاعف من الخصاص".

وأورد أن "عدد المستشفيات العمومية في المغرب قليل، بمعدل سرير لكل 1000 مواطن، وأن هذا العدد يجب أن تتم مضاعفته على الأقل 3 مرات في السنوات المقبلة، وأن هناك آليات وبنايات وتجهيزات، في القطاع الصحي العمومي، لا يتم استثمارها بالشكل المطلوب، وأن هناك بحسب وزير الصحة تقريبا 80% من الأجهزة في المستشفيات العمومية لا يتم استعمالها، أو يتم استعمالها بطريقة ضعيفة جدا".