خبير: توحل السدود يتسبب في خسائر مائية سنوية تقدر بـ 750 مليون متر مكعب

خديجة قدوري

أكدت وزارة التجهيز والماء أن ظاهرة التوحل تعد من أكبر المعوقات التي تواجه إدارة الموارد المائية في السدود، مشيرة إلى أن هذه المشكلة تشكل تحديًا رئيسيًا في الحفاظ على استدامة الموارد المائية في المغرب.

توحل السدود يهدد الموارد المائية بالمغرب

وفي هذا السياق، أشار محمد بازة، خبير في الموارد المائية بروما، إلى أن "توحل السدود يمثل تحدياً كبيراً في تدبير الموارد المائية، حيث تتسبب الأتربة التي تجرفها المياه في ملء جزء من حجم السدود، مما يؤدي تدريجياً إلى انخفاض قدرتها الاستيعابية. ومع مرور الوقت، تتراكم هذه الأتربة في أعماق السدود، مما يقلص طاقتها التخزينية. ووفقاً لوزارة المياه في المغرب، يفقد البلد حوالي 75 مليون متر مكعب سنوياً بسبب التوحل، وهو ما يعادل حجم سد متوسط".

حلول تقنية لمواجهة توحل السدود

وأوضح الخبير الدولي، أن "هذا التحدي ينعكس بشكل خطير على تدبير المياه، حيث يؤدي إلى فقدان حوالي 750 مليون متر مكعب خلال عقد واحد فقط، مما يمثل ضغطاً هائلاً على المنظومة المائية. وهذه الظاهرة تستدعي اتخاذ تدابير عاجلة لحماية السدود وتحسين إدارتها بهدف الحفاظ على الطاقة التخزينية اللازمة لتلبية الاحتياجات المائية المتزايدة".

وأضاف بازة، أن "التخلص من الوحل في السدود يتطلب تكلفة مرتفعة نسبيًا، ويمكن تحقيق ذلك عبر طريقتين رئيسيتين: الأولى تعتمد على استخدام معدات متخصصة لسحب الأتربة المتراكمة عند انخفاض مستوى المياه في السدود أو خلال فترات الجفاف، ثم نقلها إلى مناطق بعيدة لتجنب تأثيرها على الخزان".

وعن الطريقة الثانية، أفاد بازة، أنها "تقوم على تجهيز السدود بفتحات في أسفلها تُفتح أحيانًا لتصريف المياه تحت الضغط وتجرف معها الأتربة المترسبة في السد، لكن هذه الطريقة تؤدي الى ضياع كميات كبيرة من المياه كونها غير صالحة للاستعمال لأنها تسد قنوات الري وتغطي الزراعة، لذا يتم تصريفها في البحر أو الصحراء، مما يتسبب في ضياع كميات كبيرة من المياه ويشكل تحديًا إضافيًا في إدارة الموارد المائية".

استراتيجيات للحد من توحل السدود

وفي سياق متصل، لفت بازة إلى أن "هناك حلولًا أخرى للتعامل مع تراكم الأتربة في السدود، منها السماح للسد بمواصلة استيعاب التراب المتراكم مع اتخاذ أحد مسارين: الأول يتمثل في زيادة ارتفاع السد، إذا كانت الظروف التقنية والمكانية تسمح بذلك، وهو ما تم تطبيقه في بعض السدود مثل سد محمد الخامس. أما الخيار الثاني" فهو ترك السد يصل إلى طاقته القصوى من التراب، ثم التوجه إلى بناء سد جديد لتعويض الفاقد وضمان استمرار الاستفادة من الموارد المائية".

وقال الخبير الدولي، إن "الحل الأمثل يكمن في تقليل كميات التربة المنجرفة نحو السدود، من خلال العمل على تحسين وضع المناطق المرتفعة التي تتدفق منها المياه، مثل الجبال والأعالي. كما أن التشجير وزراعة النباتات في تلك المناطق يمكن أن يسهم في تثبيت التربة، إلى جانب إنشاء حواجز لمنع انجرافها.

وأضاف أن "تغطية الأراضي بالعشب تعد وسيلة فعالة لمنع انجراف التربة، مما يساهم في تقليل تراكم الوحل بالسدود. وأكد أن هذه الإجراءات الوقائية تعد أساسية للتقليل من تأثيرات التوحل وتحسين استدامة موارد المياه".

تأثير الأنشطة البشرية والمناخ

وأفاد الخبير أن "الأنشطة البشرية والمناخ كلاهما يساهمان في زيادة التوحل، إلا أن الأنشطة البشرية تمثل العامل الأهم في هذا السياق. فاندثار الغابات في أعالي السدود له تأثير سلبي كبير، إلى جانب استخدام الأراضي فوق السدود لأغراض الزراعة، وهو ما يؤدي إلى انجراف التربة بشكل ملحوظ".

وأكد بازة أن "حرث الأراضي في المناطق الجبلية ذات الانحدارات الشديدة يزيد من خطر فقدان التربة، مما يعوق تسرب المياه إلى باطن الأرض". مشددا على "ضرورة تبني ممارسات زراعية مستدامة في تلك المناطق لحماية التربة وضمان الحفاظ على الموارد المائية".

واختتم حديثه مشيرًا إلى أن "العوامل المناخية، وعلى رأسها التصحر، تساهم بشكل كبير في تفاقم مشكلة التوحل. فكلما تقلص الغطاء النباتي، سواء من الأشجار أو النباتات، نتيجة التصحر أو لأسباب أخرى، تزداد كميات الأتربة التي تجرفها المياه نحو السدود، مما يعمق هذه الظاهرة. وأكد أن هذه الإشكالية أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى بفعل التغير المناخي، حيث يؤدي تراكم الأتربة في قاع السدود إلى زيادة حدة التوحل".