قال إدريس الأزمي الإدريسي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، والوزير السابق المكلف بالميزانية، إن "الحكومة قبلت تعديلا تقدمت به فرق الأغلبية بمجلس النواب على مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025 يقضي بتخفيض الرسوم الجمركية من 40% إلى 2,5% على استيراد عسل المائدة بالعبوات التي يفوق وزنها 20 كيلوغرام، وهو تعديل كباقي التعديلات التي تقبلها الحكومة عادة في آخر ساعة والتي تأتي غالبا تحت الطلب وتستجيب أولا وأخير لمصالح ضيقة مرتبطة بالأساس برئيس الحكومة وببعض برلمانيي حزب رئيس الحكومة".
وأضاف الأزمي في مقال له بعنوان "مشروع قانون المالية 2025 وخطورة تضارب المصالح!"، "لن أتوقف كثيرا عند طريقة تبرير الحكومة لهذا التخفيض، وادعائها بكونه خضع لنفس المنطق الذي اعتمدته في السنة الماضية بخصوص استيراد الشاي، لأن الأمر مختلف تماما بين الشاي والعسل وهناك تباين كبير في الإنتاج المحلي لكل منهما، ثم لكون أن الحكومة إن كانت مقتنعة حقيقة برجاحة هذا التخفيض فلماذا لم تُضَمِّنْهُ في مشروع قانون المالية، وانتظرت أن يُقَدِّمَ نواب الأغلبية هذا التعديل فتقبله بكل سهولة ودون أن تراعي مصالح مربي النحل والإنتاج الوطني من العسل وتبرره بهذه الطريقة الضعيفة".
وتابع: "لكن الذي يهم أكثر هو التنبيه ودق ناقوس الخطر باعتبار أن هذا التخفيض المثير للاستغراب لا يشكل شرودا في العمل الحكومي، بل هو استمرار لعقيدة اقتصادية تؤمن بها هذه الحكومة ورئيسها بالخصوص، وعملت على تطبيقها منذ أول قانون مالية لها، وهي عقيدة عنوانها البارز إخضاع التشريع وتسخير السلطة التنفيذية لسلطة المال وللمصالح الضيقة لزمرة محدودة من المحظوظين من ذوي القرب والنفوذ والتأثير من الموردين الكبار في القطاع الفلاحي والصناعي والدوائي وغيره، على حساب المنتوجات الوطنية، وهو ما يتطلب التدخل قبل فوات الأوان لوضع حد لهذا العبث ولاستغلال النفوذ والمؤسسات الدستورية للتشريع لأسماء ومصالح بعينها".
وأوضح أن "أخطر ما سينتج عن هذه السياسة الحكومية الخاطئة والتي لا تستجيب إلا لمصالح ضيقة ولفئات محدودة جدا، وتقدم تخفيضات مجانية تقوض بشكل كبير السياسة التجارية الخارجية للمغرب، هو أن هذه الحكومة بصدد هدر سنوات طويلة من المجهودات التي بذلت لتنويع وتشجيع الاقتصاد الوطني والإنتاج المحلي بمختلف قطاعاته، وهي بذلك بصدد تحويل اقتصاد المغرب إلى اقتصاد يستسهل الواردات الجاهزة بكل أصنافها، ويدعم النمو والقيمة المضافة وفرص الشغل في باقي العالم على حساب الاقتصاد والمنتوج الوطنيين، وفق نموذج اقتصادي شاذ وغريب يشجع الواردات ويدعم استهلاك المنتوجات الأجنبية، ويضحي بالفلاح المغربي وبالإنتاج الوطني وبالاكتفاء الذاتي في مجالات حيوية".