يُعتبر المغرب من بين أولى الدول في العالم في إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
هذا التوجه الاستراتيجي يعزز دوره كمساهم رئيسي في الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث يعكس التزام المملكة بتقديم عرض طاقي متكامل ومتوافق مع المعايير البيئية العالمية، ما يسهم في تعزيز مكانتها كمركز إقليمي ودولي في مجال الطاقة المستدامة.
وفي هذا السياق، أكد أيوب كوني، الباحث في القطاع الطاقي، أن "الإشكالية الرئيسية التي يعاني منها المغرب تكمن في اعتماده الكبير على استيراد الطاقة، حيث يستورد ما يقارب 90 بالمائة، من احتياجاته الطاقية، بما في ذلك الكهرباء والفحم وجميع أشكال الطاقة". وأشار إلى "أن هذا القرار سيلعب دورًا كبيرًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الطاقي، وهو أمر ذو أهمية بالغة".
أوضح كوني، أن "الهيدروجين الأخضر يُعد أحد أنواع الطاقة الجديدة، حيث يتم إنتاجه من الماء من خلال عملية فصل الأكسجين عن الهيدروجين، وهي عملية تتطلب استخدام طاقة نظيفة بدلاً من المشتقات البترولية. وعند الحديث عن الطاقة النظيفة، يُقصد بذلك الطاقة المتجددة، وهو المجال الذي يُعد فيه المغرب رائدًا على المستوى العالمي".
وأشار الباحث إلى أن "هذا النهج يتيح تحقيق هدفين في آنٍ واحد؛ الأول هو إنتاج الطاقة الكهربائية اللازمة للاستخدام المحلي، والثاني الاستفادة من فائض هذه الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال فصل الهيدروجين عن الأكسجين. كما يُعتبر الهيدروجين وسيلة فعّالة لتخزين الطاقة، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا لتعزيز الأمن الطاقي".
ولفت الباحث إلى أن "تحقيق هذا الهدف يتطلب تجاوز التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الطاقة الشمسية والريحية. كما أن تطوير القدرات المحلية سيمكن المغرب من الاستغناء عن استيراد الألواح الشمسية، والانتقال إلى إنتاجها محليًا، مما يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الطاقي".
وتابع قائلاً إن "المغرب يتمتع بموارد طبيعية وفيرة مثل الرياح والشمس، مما يجعله قادراً على إنتاج الطاقة الشمسية والريحية". وأوضح "أن التحدي يكمن في مردودية الألواح الشمسية، حيث إن الكفاءة الحالية لا تتجاوز 20 بالمائة، وهي النسبة التي يتم تحويلها إلى كهرباء. وبيّن أنه في حال تمكنا من رفع هذه الكفاءة إلى 30 أو 40 بالمائة، فسيكون لذلك تأثير كبير في تعزيز إنتاج الطاقة بشكل أكثر فعالية".
وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذها المغرب في هذا المجال، أوضح أن الاستثمارات الكبرى ركزت على تطوير العنصر البشري من خلال إدماج برامج تكوين متخصصة في الجامعات المغربية. وأشار إلى أن استحداث مجموعة من برامج الماجستير في مجال الطاقة المتجددة يُعد خطوة هامة نحو إعداد كوادر بشرية مؤهلة، قادرة على إتقان تقنيات إنتاج الطاقة المتجددة وتعزيز قدرات المغرب في هذا القطاع الحيوي.
واختتم حديثه مشددًا على أهمية البحث العلمي، باعتباره يمثل ركيزة أساسية لإيجاد الحلول المبتكرة في مجال الطاقة المتجددة. كما أن البحث العلمي يتطلب استثمارات مالية مناسبة، وهو ما بدأ بالفعل من خلال إنشاء مؤسسات متخصصة تُعنى بدعم وتطوير هذا المجال. وأعرب عن ثقته في أن هذه المؤسسات ستسهم بشكل كبير في التغلب على التحديات التي تواجه القطاع.
وفي سياق متصل، أكد محمد عبيد، الباحث في القطاع الطاقي، أن المغرب يفتقر إلى استقلال طاقي حقيقي، حيث يعتمد بشكل كبير على الخارج في توفير احتياجاته الطاقية.
وأشار عبيد، إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي الطاقي يتطلب وضع برامج شاملة تضمن استقلالية المغرب في جميع مكونات إنتاج الطاقة. وأبرز أن الاعتماد الحالي على استيراد أغلب المواد اللازمة للإنتاج الطاقي، مع الاقتصار على تحويلها محلياً، يعيق تحقيق هذا الهدف. لذلك، يشدد على ضرورة تبني استراتيجية وطنية لتعزيز الاعتماد على الذات وتقليل التبعية للخارج.