تقرير عن "اختلالات" الحماية الاجتماعية.. البنك الدولي يحرك عجلة الفقر والتفاوت بالمغرب

محمد فرنان

سجّل تقرير حديث، أن "البنك الدولي رغم اعترافه في أدبياته بأهمية الحماية الاجتماعية الشاملة المعممة لكل أفراد المجتمع، وتبني معظم عناصر تعريف الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية الذي تدعو إليه منظمة العمل الدولية، إلا أنه يركز على فلسفة تطلق تقليص برامج الحماية المعممة (الدعم) واستبدالها بأنظمة الحماية المشروطة، ويتبنى سياسة استهداف بعض شرائح المجتمع دون غيرها من مظلة الحماية الاجتماعية".

وأضاف التقرير الذي أعده المرصد المغربي للحماية الاجتماعية، ويتوفر "تيلكيل عربي" على نُسخة منه، أن "سياسة البنك الدولي تنطلق من فكرة تحويل الأنماط المعممة إلى دعم يستهدف المحتاجين فقط على أساس قياس دخل متلقي الدعم أو الحماية، ويدافع البنك الدولي عن هذه السياسة عبر تقديم فرضية أن تأثير الدعم المقدم يزيد مع انخفاض دخل المتلقي، وبالتالي يستطيع كل بلد أن يحقق تأثيرا اجتماعيا أكبر عبر إنفاق أقل".

وأبرز التقرير في محور "اختلال على مستوى السعي للاجتهاد في تنفيذ دفتر تحملات البنك الدولي"، أن "هذا المنطق وإن كان يبدو سليما في ظاهره، لكن تطبيقه يطرح العديد من الإشكاليات أبرزها تعريف من هم الفئة الأكثر احتياجا للدعم، مما يجعل من الاستهداف يركز على الفقراء في حالة ضبطهم وتحديدهم بشكل جيد، وهو ما يعني التناقض مع فلسفة الحماية الاجتماعية المعنية بحماية الجميع من أي مخاطر يمكن أن تؤثر على أمان دخولهم واستقرارها ضد الوقوع تحت خط الفقر".

وتابع التقرير حول سياسات الحماية الاجتماعية بالمغرب: "انطلاقا من نفس الفرضية فقد عملت الحكومة المغربية وبناء على نتائج تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول دخل الأسر المستوى والمصادر والتوزيع الاجتماعي لسنة 2019، والذي أقر بكون الأسر العشر (10) الأكثر فقرا تعيش بدخل 5157 درهما بالوسط الحضري و7756 درهما 6270 (فردي سنوى لا يتجاوز بالوسط القروى)، ما یعنى بمعدل شهري في حدود 522 درهم، نفهم وضع حد أدنى للدعم الاجتماعي المباشر في 500 درهم".

وأفاد المصدر ذاته، أن "البنك الدولي يقدم سياسة الاستهداف في مجال الحماية الاجتماعية باعتبارها الخيار الأكثر واقعية للدول النامية، نظرا لعجزها عن تعظيم مواردها المالية من خلال فرض ضرائب دخل تصاعدية على نطاق واسع، مما يكرس لنمط جديد من الإنفاق الاجتماعي أقل تكلفة، وهو ما يجعل قروض البنك الدولي في المجال الاجتماعي تشترط بشكل أساسي تخفيض عجز الموازنة، وليس على توفير شبكات الأمان والحماية الاجتماعية".

وأورد أنه "إذ أننا أمام مؤسسة لا تفرض شروطا لمجرد ضمان التعافي المالي في المدى القصير، ولكنها تتدخل بقوة في تغيير نمط الاقتصاد في مجمله ومعه نمط الحماية الاجتماعية عبر دفع الدول لتحرير أسعار السلع والخدمات الأساسية، والانتقال من التعميم إلى الاستهداف، والذي لم يثبت في غالبية التجارب الدولية أنه حقق الاستقرار المالي المنشود بل غالبا ما تواكب تنزيله موجات مستمرة من التضخم المرتفع، مع قصور واضح في قدرة شبكات الحماية الاجتماعية على توفير الأمان للطبقات الهشة وسط مخاض عملية التحرير الاقتصادي".

ولفت إلى أن "البنك الدولي وافق بتاريخ 12 يونيو 2023 على تقديم تمويل إضافي بقيمة 350 مليون دولار لتعزيز وتوسيع نطاق أنشطة مشروع الاستجابة الطارئة للحماية الاجتماعية لمواجهة جائحة كورونا في المغرب، وذلك إضافة إلى البرنامج الأصلي البالغ تكلفته 400 مليون دولار الذي تمت الموافقة عليه وصرفه في 2020، وهي مبالغ مالية ستكون الحكومة المغربية المتعاقبة ملزمة بارجاعها للبنك الدولي".

وخلص إلى أن هذا الوضع "سينتج عنه جعل الطبقة المتوسطة تتحمل عبء الإصلاحات الاجتماعية مما يمس باستقرارها الاقتصادي والاجتماعي مقابل حماية مصالح الطبقات المستفيدة اقتصاديا بمنحها حوافز اقتصادية في القطاعات الاقتصادية الناشئة مثل القطاع الصحي المصحات الخاصة / شركات إنتاج الادوية وقطاع التأمين، وتحقيق غايات البنك الدولي عبر التقليل ما أمكن من تدخل الدولة لصالح إطلاق يد المبادرة الخاصة، وهو ما يعنى بالنتيجة توظيف الحزمة الجديدة من برامج الدعم والحماية لحصر السياسات الاجتماعية ضمن تدابير مرحلية ضيقة".