وجهت التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق، نداء إلى كل المسؤولين في المغرب بأن ينظروا بعين الرحمة إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه المغاربة العالقون في سوريا، خاصة النساء والأطفال والمعتقلين.
وذكر بيان للتنسيقية توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منه أنها راسلت وزارات الخارجية والداخلية والعدل، إضافةً إلى رئاسة الحكومة، موجهة لهم نداء مستعجلا من أجل إنقاذ أبنائها.
وقالت التنسيقية "إن صرخات هؤلاء المغاربة تصل إلى كل من لديه ضمير حي، وهؤلاء مواطنون مغاربة أبناء هذا الوطن العزيز، يعيشون ظروفا لا يتحملها بشر، بعد أن تم التغرير بهم، كما طالبت التنسيقية بجعل هذا الملف أولوية قصوى"، وأفادت أن إهمالهم أو تأجيل النظر في قضيتهم يعمّق معاناتهم، ويضعنا جميعا أمام مسؤولية أخلاقية ثقيلة.
والتمست التنسيقية التدخل العاجل لإعادة هؤلاء المواطنين إلى وطنهم، حيث يمكنهم أن يعيشوا بأمان وكرامة. وأفادت أن إنقاذ هؤلاء الأرواح لا يعكس فقط قيم الإنسانية التي تفخر بها بلدنا، بل يؤكد أيضا التزام المغرب بمسؤوليته تجاه كل مواطن ومواطنة، مهما كانت الظروف.
وفي تعليق على هذا التحرك، أوضح محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن "ملف العائدين يثير العديد من التحديات ويشمل جانبين رئيسيين، الأول يتعلق بالأفراد الذين التحقوا بمناطق النزاع، وانضموا إلى تنظيمات مثل القاعدة وداعش، وشاركوا في القتال إلى جانبها، كما تبنوا إيديولوجيات هذه التنظيمات الإرهابية، وبعضهم تورط في أعمال عنف في تلك المناطق. أما الجانب الثاني فيرتبط بالنساء والأطفال، مما يجعل الملف منقسمًا إلى محورين مختلفين".
وأشار الطيار، إلى أن "المغرب، من حيث المبدأ، لا يتخلى عن أبنائه مهما كانت ظروفهم وأماكن تواجدهم. وبخصوص السجناء المغاربة المنتمين لتنظيمي داعش والقاعدة، فإن عدداً منهم تحت قبضة قوات سوريا الديمقراطية، وهي كيان غير حكومي يحتجز معتقلين من أكثر من 60 جنسية. كما أن ملف هؤلاء السجناء ما زال معلقاً، حيث لم تبادر العديد من الدول المعنية باستلام مواطنيها المعتقلين حتى الآن".
وفي سياق متصل، أوضح الباحث، أن العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري كانت مقطوعة طوال السنوات الماضية، مما حال دون وجود أي تواصل رسمي بين الجانبين.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن وزارتي الخارجية والعدل تعملان بجد لمعالجة هذا الملف، شأنهما شأن العديد من الدول الأخرى التي تسعى لحل هذه الإشكالية ذات الأبعاد القانونية والأمنية. كما أن العائدين الذين ثبت تورطهم سابقًا في الانضمام إلى تنظيمات مثل القاعدة وداعش يخضعون للقوانين الوطنية، بما في ذلك القانون 03.03 الخاص بمكافحة الإرهاب، والقانون 86.14 الذي يتناول الجرائم المرتبطة بمعسكرات التدريب والمناطق ذات التوتر الإرهابي.
وأكد أن العديد من العائدين الذين ثبتت مشاركتهم مع تلك التنظيمات قد خضعوا لمحاكمات عادلة وفقًا لهذه القوانين.
وشدد على أن الأولوية، كما تمت الإشارة سابقًا، تُمنح للنساء والأطفال نظرًا لظروفهم الإنسانية الصعبة للغاية. وفي حال إعادتهم إلى وطنهم، تبرز العديد من التحديات، خصوصًا فيما يتعلق بتأهيلهم نفسيًا وقانونيًا واجتماعيًا، إلى جانب معالجة مختلف الجوانب المرتبطة بمثل هذه الحالات. ومع ذلك، فإن المغرب يمتلك القدرات والإمكانيات اللازمة للتعامل مع هذه القضايا الإنسانية، لا سيما تلك المتعلقة بالنساء والأطفال، وضمان دمجهم في المجتمع بشكل لائق ومناسب.
وأضاف الطيار أنه "خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير العدل في مارس 2023، اطلع على وضعية السجناء المغاربة في مختلف السجون العراقية، حيث تم التوصل إلى اتفاق مع نظيره العراقي بشأن عدد من القضايا القضائية، بما في ذلك توقيع تفاهمات ثنائية بشأن تسليم السجناء. أما فيما يتعلق بسوريا وسوريا الديمقراطية، فإن القضية ما زالت قيد النقاش وتظل تمثل تحديات كبيرة من النواحي القانونية والأمنية".
واختتم حديثه بالقول إن العديد من النساء والأطفال يعيشون في مخيمات قوات سوريا الديمقراطية في ظروف قاسية للغاية. وهذه المشكلة لا تقتصر على المغرب فقط، بل تشمل العديد من الدول الأخرى، حيث تضم هذه المخيمات مواطنين من جنسيات مختلفة. كما أشار إلى أنه بعد فتح السجون في سوريا وإطلاق سراح بعض السجناء المغاربة الذين كانوا ينتمون إلى صفوف داعش، فإن هذا الأمر يطرح تحديات قانونية كبيرة. ولهذا، لا يزال الملف قيد المعالجة ولم يجد حلاً نهائيًا حتى الآن.