أفاد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، بمناسبة افتتاح أشغال الدورة التكوينية الثانية، حول استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب، أن اعتماد هذا البرنامج التكويني التخصصي يأتي في إطار مواكبة انخراط المملكة المغربية المضطرد في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
وذكر الداكي، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، بمقتضيات الدستور المغربي التي تشكل ميثاقا حقيقيا لحقوق الإنسان، ولاسيما الباب الثاني منه المتعلق بالحقوق والحريات وغيرها من المقتضيات التي عززت الضمانات القانونية والقضائية لحماية حقوق الإنسان، والنهوض بها؛ مما شكل ركيزة أساسية لانطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية بالمغرب.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه من بين تلك المقتضيات ما جاء في الفصل 22 الذي ينص على حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص، وعدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة، وما جاء في الفصل 23 الذي عزز الضمانات القانونية الأساسية لحماية حقوق المتهم؛ بما في ذلك الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة؛ وهي نفس الضمانات القانونية الأساسية التي كرسها قانون المسطرة الجنائية في المادة 66 منه.
وأضاف الداكي أنه تفعيلا لهذه المقتضيات، تحرص رئاسة النيابة العامة على أن تجعل من حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى أولويات السياسة الجنائية، وهو ما تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة، فيما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب ومتابعة شكايات ادعاءات العنف والتعذيب وسوء المعاملة.
وفي السياق ذاته، لفت الوكيل العام للملك إلى أن قضاة النيابة العامة يقومون بدور فعال في منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، من خلال السهر على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوقاية منه ومكافحته، والتفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب المحدثة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأضاف أنهم يقومون بزيارة أماكن الحرمان من الحرية، وفتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب المقدمة إليهم، وعرض المعتقلين على الخبرة الطبية كلما اقتضت الضرورة ذلك، وفقا للمادة 73 من قانون المسطرة الجنائية.
كما سجل أن أهمية "برتوكول استنبول" لا تنحصر فقط فيما يحمله من مبادئ وشروط يتعين أن يتقيد بها الخبير الطبي ويستحضرها القضاة وموظفو إنفاذ القانون، بل إن تزايد الاهتمام به انعكس في عمل هيئات المعاهدات، ولاسيما لجنة مناهضة التعذيب، التي تستحضره بمناسبة فحص تقارير الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب، في البعد المتعلق بالتوعية والتكوين في هذا المجال؛ حيث تخصص جزءا من ملاحظاتها الختامية وتوصياتها لذلك.
وفي سياق متصل، أشار الداكي إلى أن تنظيم أربع دورات تكوينية يشمل حرص النيابة العامة على أن يتم تأطيرها من طرف خبراء دوليين مرموقين؛ من بينهم من شاركوا في إعداد الصيغة المراجعة لـ"برتوكول استنبول" وآخرون ممن لهم خبرة وتجربة عملية في هذا المجال، علما أنه سيتم تنظيم دورة خاصة لفائدة مجموعة من الأطباء الشرعيين، إضافة إلى تنظيم دورة خاصة بتكوين المكونين، فضلا عن تكوين فريق لإعداد دليل وطني خاص بالموضوع.
وتأتي هذه الدورة في إطار مواصلة تنفيذ برنامج أوسع يتعلق بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، الذي أطلقته رئاسة النيابة العامة، بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتاريخ 10 دجنبر 2020، بمناسبة الذكرى الـ72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.