بطولة العالم للشطرنج.. ياسين رفيق يتحدث لـ"تيلكيل عربي" عن كواليس التتويج وقصته (حوار)

أمينة مودن

في عالم الشطرنج، حيث تلتقي الاستراتيجيات الذهنية مع التحديات المعقدة، برز إسم ياسين رفيق صاحب الـ22 سنة، بعد تتوجيه بطولة العالم للشطرنج للهواة، التي نظمت في اليونان شهر نونبر الماضي، تحت إشراف الاتحاد الدولي للشطرنج (FIDE).

ابن مدينة آسفي، الذي كانت بداياته مع اللعبة خلال فترة الحجر الصحي كما كشف في حوار مع "تيلكيل عربي"، حين اكتشف تفاصيل الشطرنج، وصولا للمشاركة في دوريات محلية، وصولا إلى الحضور ببطولة العالم للهواة والتتويج بها.

الفئة التي تنافس خلالها ياسين رفيق ببطولة العالم، ضمنت 81 لاعبا من مختلف الجنسيات، مما أعطى طابع التحدي والقوة للمباريات.

وتمكن اللاعب المغربي من إنهاء البطولة بتحقيق الفوز خلال 7 مباريات، كانت أبرزها أمام منافس روسي كما روى للمجلة، كما تعادل في واحدة، وانهزم في مثلها.

وخلال حديثه للموقع، شدد رفيق ياسين على أن يسعى للبحث المستمر والاستفادة من عطاء التكنولوجيا لتطوير مستواه وتحليل مباريات أساتذة دوليين.

عتاب رفيق ياسين، كان غياب مؤسسات أو أكاديميات تُكون لاعبي الشطرنج في المغرب، عكس دول أخرى استثمرت في اللعبة ومنحتها مكانة مميزة وسط باقي الرياضات حسبه.

لكن في الوقت ذاته، نوه الشاب بالمجهودات التي تبذلها جامعة الشطرنج في المغرب، وتقريب اللعبة من المدارس لاستهداف أكبر فئة ممكنة، ومواكبة تطورها.

كيف بدأت رحلتك مع لعبة الشطرنج؟

كان بداية القصة خلال فترة الحجر الصحي، وتحديدا من خلال مُتابعة صديق لي يلعب الشطرنج كثيرا.

اللعبة شدتني منذ الوهلة الأولى، بسبب التحديات الذهنية التي تقدمها لممارسيها، ومع توالي الوقت ازداد شغفي بها، وبدأت في البحث عن طرق لتحسين مستواي.

ومن بين الأمور التي زادت من ارتباطي الوثيق بلعبة الشطرنج، الفيلم الوثائقي الذي يحكي تفاصيل قصة بطل العالم ماغنوس كارلسن.

 كيف جاءت مشاركتك في بطولة العالم للشطرنج للهواة وصولا إلى الفوز بها؟

البداية كانت بفترة طويلة من التدريب، ثم المشاركة بعدد من البطولات سواء تعلق الأمر على المستوى المحلي أم الوطني، حيث حققت خلالها نتائج مُشرفة، من بينها الحصول على المركز الثالث في المهرجان الوطني للشباب في مدينة الداخلة، إضافة إلى تحقيق نفس الرتبة خلال البطولة الوطنية المدرسية.

وتمكنت خلال هاته البطولات والملتقيات من تحقيق المركز الأول في عدة دوريات وطنية الخاصة بفئة U1800ـ، ومن هنا جاءت مشاركتي في بطولة العالم للهواة، لقد كان هدفي تمثيل المغرب بأفضل صورة ممكنة، رغم شدة المُنافسة وقوة الخصوم.

دعم العائلة والأصدقاء جد مهم بالنسبة لي، وساعدني على الفوز بهذه البطولة العالمية ورفع علم المغرب بمنصة التتويج.

عودة إلى البطولة، ما هي أصعب مواجهة خضتها خلالها، وأمام أي خصم؟

أتذكر جيداً تفاصيل المواجهة، لقد كانت أمام لاعب من روسيا، وتحديدا في الجولة الثامنة من بطولة العالم.

لقد كانت مباراة طويلة وشاقة جداً، حاولت الحفاظ على تركيزي حتى نهايتها، رغم شعوري بالتعب، وفي الأخيرة تمكن من حسمها لصالحي.

كيف تحضر للمباريات الكبيرة مثل هذه البطولة؟

التحضير هو كلمة السر لخوض مباريات قوية على غرار ما واجهته ببطولة العالم في اليونان، وعلى اللاعب التدرب بشكل جيد.

بالنسبة لوضعي، فقد كنت أتدرب بشكل فردي لأنني لا أتوفر على مدرب، كما أقوم بمُراجهة استراتيجيات الأساتذة الدوليين، مع تحليل دقيق لمبارياتهم، بالاستعانة ببرامج تحليل الشطرنج، من أجل تحسين أدائي.

الراحة الذهنية وأيضاً الجسدية ضرورة أيضا لكل لاعب، قبل خوض أي بطولة، لأنها تتطلب الكثير من الجهد.

ما هي الخطوات التي تعتقد أنها ضرورية لتحسين مستوى اللاعبين الجدد في المغرب؟

أرى أنه أصبح من الضروري إنشاء مدارس وأكاديميات متخصصة في لعبة الشطرنج، من أجل تكوين الراغبين في ممارسة لعبة الشطرنج، التي تُعد مزيجا من الرياضة والمجهود الذهني.

إضافة إلى التكوين وتقريب اللعبة من محبيها، من الضروري تنظيم بطولات محلية ودولية بشكل منتظم، مع دعم اللاعبين الصاعدين.

كما أتمنى من أن تنفتح الشركات الراعية على لعبة الشطرنج، ودعم الأبطال المغاربة بحثا عن التألق الدُولي عبر بوابة عدد من البطولات العالمية.

من جهتها، الجامعة الملكية المغربية للشطرنج تبذل مجهودات كبيرة من أجل تعميم اللعبة على المدارس، وتوسيع قاعدة ممارسيها.

 هل هناك لاعب شطرنج ألهمك في مسيرتك؟ وهل تأثرت بأسلوب لعبه؟

الجواب سيكون بالتأكيد "نعم"، لأنني تأثرت كبيرة بمسيرة اللاعب النرويجي ماغنوس كارلسن وأستاذ هاته اللعبة.

يتمتع كارلسن، باستراتيجية خاصة، وصبره خلال المباريات، وأنا أحاول دائما التعلم من أسلوبه في اللعب والاستفادة من تفاصيل شغفه بالشطرنج.

كيف توازن بين الشطرنج وحياتك اليومية؟ وهل تواجه تحديات في إدارة وقتك بين التدريب والأنشطة الأخرى؟

تنظيم الوقت من بين الأمور التي أحرص عليها، لأعطي للدراسة والعائلة والتدريب وقته.

حالياً أقضي فترة تدريب في المعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة أسفي، شعبة المحاسبة والمالية، وأرى نفسي محظوظاً على تعاون المؤسسة وأساتذتها، خصوصا في ظل سفري المتكرر من أجل المشاركة في البطولات، إضافة إلى التشجيعات التي أتلقاها من طرفهم من أجل مواصلة غمار التحدي.

 ما هي الأهداف التي تعمل عليها مستقبلاً، بعد لقب بطولة العالم؟

كبداية، أسعى للحفاظ على لقب بطولة العالم للهواة، خلال النسخة المقبلة التي سيتم تنظيمها في صيربيا، دون إغفال جانب تحسين تصنيفي الدولي.

التتويج ببطولة المغرب أيضا ضمن الأهداف التي أشتغل عليها مستقبلا، ولهذا الغرض وضعت برنامجا للتدريب المكثف، وبعدها سأرى الواجهة العربية التي تعرف أيضا منافسة قوية.

كيف ترى تطور لعبة الشطرنج في المغرب؟

خلال السنوات الأخيرة، لعبة الشطرنج في المغرب سجلت تقدما ملحوظا، لكننا كممارسين نحتاج إلى مزيد من الدعم وأيضا الاهتمام الرسمي، لمواكبة اللاعبين.

وحسب وجهة نظري،الشطرنج يمتلك إمكانيات كبيرة ليصبح أكثر شعبية في المغرب خلال قادم السنوات، و أتمنى أن يحصل على اهتمام إعلامي أكبر، وأن تستثمر الشركات في هذه الرياضة الذهنية التي تستحق المواكبة.

ماذا ينقص لعبة الشطرنج في المغرب مقارنة بالدول التي منحتها اهتماماً أكبر؟

ما ينقصنا هو البنية التحتية مثل الأكاديميات المتخصصة، ودعم الشركات للبطولات، كما يجب توفير دعم مادي للاعبين، لأن التدريب الجيد والمنافسة على المستوى الدولي يتطلبان تكاليف جد عالية.

ولهذا وجب الاستثمار في الرأس المال البشري ودعمه بشكل أفضل، ليكون في مستوى التنافس خارج الوطن، على مستوى عدد من البطولات التي تهم لعبة الشطرنج.

هل شاركت في أي مسابقات دولية أخرى قبل بطولة العالم في اليونان؟

لا، كانت بطولة اليونان أول محطة دولية أشارك فيها، وتمكنت من الظفر بلقبها.

خلال بطولة العالم للشطرنج الخاصة بالهواة، لاحظت الفرق الكبير في مستوى التنظيم والتحديات مقارنة بالبطولات المحلية، وكانت تجربة رائعة أثرت إيجابيا على مسيرتي.

كيف ترى تأثير التكنولوجيا على لعبة الشطرنج؟ 

تأثير كبير ذاك الذي لعبته التكنولوجيا بالنسبة لتجربتي، لقد تمكنت من تطوير مهاراتي، ومواكبة تدريبات أساتذة محترفين.

وشخصياً استخدمت منصات مثل Chessbase وLichess لتحليل المباريات، إضافة إلى مواجهة لاعبين من جميع أنحاء العالم.

كما أتاحت لي هاته المنصات، متابعة مباريات اللاعبين المحترفين والاستفادة من أساليبهم.