تطالب القارة الإفريقية، بقوة، بتمثيل دائم في مجلس الأمن الدولي، في ظل المطالب المتزايدة بإصلاح هيكلته، واتهام آليته الراهنة بالإخفاق في ملفات عديدة تهدد السلم والأمن الدوليين، فيما أعربت الولايات المتحدة عن دعمها لمقترح منح مقعدين دائمين للدول الإفريقية بالمجلس المكون من 15 عضوا؛ هم 10 دول يتم انتخابها دوريا، و5 دول دائمة العضوية تمتلك سلطة النقض (الفيتو)؛ وهي الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا.
وفي هذا الصدد، أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة بنيويورك، عمر هلال، يوم الجمعة المنصرم، بالرباط، أن المغرب يعد البلد المؤهل أكثر من غيره، والذي يتوفر على أكبر "شرعية" لتمثيل القارة الإفريقية كعضو دائم في مجلس الأمن.
وفي تفاعل مع سؤال لـ"تيلكيل عربي" حول "المقومات التي تملكها المملكة لتمثيل القارة الإفريقية بمجلس الأمن"، قال رشيد باجي، الخبير في القانون الدولي، إن "النقاش، في السنوات الأخيرة، حول إدخال إصلاحات على مستوى التمثيلية داخل مجلس الأمن، يأخذ حيزا أكبر داخل أروقة الأمم المتحدة، ولاسيما منح دول جديدة صفة العضوية الدائمة، وخصوصا القارة الإفريقية التي تضم 54 دولة عضو في الهيئة الأممية. والأكيد أن هناك مجموعة من الدول ترى أنها تملك المقومات لنيل صفة العضو الدائم، مستندة على عناصر كلاسيكية؛ من قبيل المساحة الجغرافية، والقوة الاقتصادية، والحجم الديمغرافي. إلا أن هذه المقومات أصبحت، نسبيا، متجاوزة؛ حيث أصبح يُنظر إلى مكانة الدول من خلال الدور الإقليمي والدولي الذي تقوم به".
وسجل باجي أنه "على هذا الأساس، جاء تصريح الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة؛ حيث أن المملكة تعتبر البلد الإفريقي الوحيد الذي يحظى بوضع استثنائي في علاقته بالاتحاد الأوروبي، كما أنها تلعب دورا أساسيا في محاربة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والهجرة السرية؛ إذ لولا هذا الدور والعمل الاستثنائي، لما استطاعت أوروبا التصدي لهذه التحديات والإكراهات".
وتابع المتحدث نفسه: "أما على المستوى الإفريقي، فإن المغرب أصبح مرجعا لكل الدول الإفريقية، على مستوى التنمية الاقتصادية، وكذا على مستوى تطوير شبكة البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية والبحرية والمطارات، دون أن نغفل الدور الإقليمي الذي أصبحت تقوم به المملكة على المستوى الإفريقي؛ حيث أنها تسعى إلى ترسيخ مبدأ السلم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإشاعة تفافة الحوار. ولقد جاءت المبادرة الملكية الأطلسية لتُظهر أن المغرب دولة لا تسعى إلى الريادة والزعامة، وإنما تتصرف من منطلق رابح-رابح، وتسعى إلى تحقيق تنمية شاملة لكل الدول الإفريقية، وتقدم نموذجا للقوة الناعمة".
وعلى مستوى الصراعات الإقليمية بالشرق الأوسط، أبرز باجي أن "المغرب كان يندد، دائما، باستعمال العنف لحل المشاكل الإقليمية؛ بحيث سعى، من خلال دبلوماسيته العلنية أو الخفية، إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، إذ اعتبر، على الدوام، أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتمثل في اتفاق سلام عادل يمنح الشعب الفلسطيني الحق في تأسيس دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل، فضلا عن وقوفه إلى جانب الشعوب المضطهدة في مواجهة الأنظمة الشمولية؛ كما هو الشأن بليبيا وسوريا، ولقد أثبتت السنوات مصداقية مواقفه وصحتها".
وفيما يخص المستوى الروحي والديني، فسجل الخبير السياسي أن "المغرب يجسد أمثل نموذج للإسلام المعتدل، أصبحت مجموعة من الدول تستقي منه أسسه كنموذج، وتعتبره المنهج الصحيح لمحاربة التطرف والإرهاب، فضلا عن لعبه دورا مهما على مستوى المسلمين بأوروبا وأمريكا الشمالية، من خلال الأئمة الذين يبعثهم، وكذا على مستوى تأطير الأئمة والوعاظ بإفريقيا".
وحول ما إذا كان بإمكان نزاع الصحراء المغربية أن يشكل عائقا أمام طلب المملكة الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، رد باجي: "لا أعتقد أنه سيشكل عائقا أمام حصول المغرب على المقعد الدائم، الذي يمكن تخصيصه لإفريقيا، لاسيما وأن هذا الصراع أشرف على نهايته، في ظل تنامي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، خاصة القوى الكبرى؛ كالولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإسبانيا. كما أن الغالبية العظمى من الدول الإفريقية لا تعترف بجمهورية لا تملك إقليما أو سيادة، ومتواجدة فوق تراب دولة أخرى".