تحول المغرب الكبير، الرابع عالميا، إلى ممون الحفلات الأفضل إفريقيا. والحقيقة أن هذا التحول نزكيه نحن المنتسبون والمحسوبون على الإعلام والرياضة، في أحيان كثيرة. لقد سوقنا الوهم للناس كثيرا حول "أننا أقوى وأفضل، ونقود ونتحكم في كرة القدم الإفريقية".
إن وضعنا الرياضي، اليوم، داخل إفريقيا، يجب أن يخضع للحساب والتوضيح، لنرى ما الذي سيتحقق منه، وما لا يمكنه أن يتحقق، في ظل انسداد الأفق لإقامة علاقة قوية مع الرئيس الحالي لـ"الكاف"، الجنوب-إفريقي باتريس موتسيبي، وفي ظل التقاطب الحاد.
لكن دعونا نلقي نظرة على أسباب التشردم الذي تعيشه منطقة شمال إفريقيا، والحاجة الملحة لتغيير استراتيجيات العمل في ظل كل هذا.
فإلى جانب اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، تتكون هياكل هذا الأخير من اتحادات المناطق، وهي الأكثر تأثيرا في القرارات.
منطقة شمال إفريقيا ممثلة بـ5 دول أعضاء، تحت مسمى اتحاد شمال إفريقيا -كذبا وبهتانا- والحقيقة أنه ليس اتحادا أكثر مما هو هيئة بدون روح ولا مضمون يذكر، تعيش حالة من الترهل، نظير تداخل السياسي في الرياضي فيها.
لكن أمام هذا الترهل، نجد اتحاد منطقة غرب إفريقيا لكرة القدم "أ"، الذي يرأسه كورت أوكراكو، ممثلا بـ10 دول، واتحاد منطقة غرب إفريقيا لكرة القدم "ب"، الذي يرأسه لامين كابا باجو، وتمثله 7 دول، واتحاد منطقة وسط إفريقيا لكرة القدم، برئاسة غي بلايز مايولاس، ممثلا بـ8 دول، واتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم الذي يضم 14 دولة، واتحاد شرق ووسط إفريقيا لكرة القدم الممثل بـ11 دولة.
حين نفهم هذه المعطيات المتعلقة بالتكتلات والأوراق الانتخابية، تتضح أمام أعيننا صورة الحقيقة لحجمنا الطبيعي داخل المنظومة، خصوصا وأن الرياضة أهواء ومحطات متقلبة.
هناك حكاية لا يجب أن تغيب عن الأذهان؛ وهي أن موتسيبي انتخب خلال الجمع العام الـ43 للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي انعقد بالرباط، خلفا للملغاشي أحمد أحمد، بتاريخ 12 مارس سنة 2021، بعد انسحاب باقي المرشحين. ويتعلق الأمر بكل من الموريتاني أحمد ولد يحيى، والسنغالي أوغستين سنغور، والإيفواري جاك أنوما، بعد الاجتماع الذي قرب وجهات النظر، تحت إشراف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جاني إنفانتينو.
الشخصية الأقوى في جنوب إفريقيا، المدعومة من شقيقته تشيبو، زوجة رئيس جنوب إفريقيا، وشقيقته بريجيت، زوجة راديبي، عضو الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا، فضلا عن كونه ضمن 3 أغنياء في جنوب إفريقيا؛ بحيث تقدر ثروته بـ2.9 مليار دولار، ترشح، مرة أخرى، لرئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وحيدا، دون منافس.
كيف لا، وهو يسير طولا وعرضا في سماء إفريقيا، وحاضر في كل المنافسات الرياضية والنهائيات؟ فالرجل يعجز، في أحيان كثيرة، عن إيجاد حلول لمشاكل حقيقية، لكنه دائم الحضور، ويشتغل من أجل أهدافه المعلنة منها والخفية، ويتخذ اجتماعات اللجنة التنفيذية كمحطات صورية لممارسة دور الرئاسة المقرون بمهمة.
في مقابل ذلك، يظل حضور فوزي لقجع محتشما، وهي حقيقة علينا ألا نخجل من البوح بها؛ بحيث غاب حتى عن محطة بارزة؛ وهي الجمعية العامة الـ46 التي احتضنتها العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، في أكتوبر الماضي، واستغلها باتريس موتسيبي كحملة انتخابية له قبل إعلان ترشحه؛ حيث أكد، خلالها، زيادة الدعم المالي السنوي (إعانات) للاتحادات الأعضاء، بنسبة 100 بالمائة؛ أي من 200,000 دولار إلى 400,000 دولار. ولك أن تفهم ماذا يعني الدعم لإفريقيا!
وفي ذات المحطة التي غاب عنها لقجع، استغل موتسيبي الجمعية ليؤكد أن "الكاف" حقق تحولا ماليا كبيرا، في السنة المالية 2022-2023، مع تقليص ملحوظ للخسائر من 28.9 مليون دولار إلى 9.2 مليون دولار، إضافة إلى أرقام أخرى كثيرة، أحسبها حملة انتخابية.
محصلة القول أن موتسيبي الذي لم تستفد منه كرة القدم المغربية شيئا أكثر مما كانت مساعدا له (ترشح من الرباط، التي أنقذت ماء وجهه) بات المرشح الوحيد لمنصب رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بعدما أعلن، في 25 أكتوبر الماضي، ترشحه لنفس المنصب في انتخابات عام 2025؛ ما يجعلنا مطالبين بتغيير استراتيجيات التعامل مع ما هو موجود.