صوت المغرب، يوم أمس الثلاثاء، ولأول مرة، بالإيجاب، على قرار إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة، تجاوبا مع التوصيات الأممية لحقوق الإنسان.
وجاءت هاته الخطوة الإيجابية بعد امتناع المملكة عن التصويت منذ عرض القرار في أجندة الجهة الأممية، سنة 2007، رغم موقفها غير الرسمي بعدم تنفيذ أي حكم بالإعدام، والذي كان دائما مرفوقا بمطالب حقوقية وقانونية بالإلغاء التام لهذه العقوبة، حتى ينسجم موقفا البلاد معا.
وفي هذا الصدد، حاورت "تيلكيل عربي" عبد اللطيف رفوع، رئيس المرصد المغربي للسجون.
كيف استقبلتم تصويت المغرب بالأمم المتحدة لفائدة وقف تنفيذ الإعدام؟
أعتبر أن هذا التصويت موقف تاريخي يُسجل للمملكة في تأسيس دولة الحق والقانون، بشكل مستمر.
كما أعتبره ثمرة نضال خاضته الجمعيات الحقوقية، لمدة 22 سنة، والمرصد المغربي للسجون كان داخل خضم هذا النقاش القانوني والمجتمعي، بتنسيق مع شبكة الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام، ومن خلاله كل الشبكات؛ شبكة المحاميين، وشبكة البرلمانيين، وشبكة الإعلاميين، وذلك بهدف فتح نقاش حول إلغاء قانون هذه العقوبة الموجودة في القانون الجنائي. وبالتالي، أعتقد أن هذا الموقف المغربي ينسجم مع دستور 2011، خاصة في الفصل 20 القاضي بأن الحق في الحياة هو من أسمى الحقوق.
هذا الانسجام أكده، اليوم، موقف المملكة، والذي ترك الأثر الطيب لدى كل الفاعلين الحقوقيين والقانونيين، باعتبار أن عقوبة الإعدام ليست بعقوبة رادعة وإنما عقوبة لا إنسانية، كما أنها نتاج فكري خلال فترة معينة تطغى عليها ردود فعل الثأر والوحشية.
أما اليوم، فنحن في القرن 21؛ حيث ثم تحديث القوانين الجنائية، بصفة عامة، وهو ما يجب على المغرب الانسجام معه.
وتصويت المغرب جعلنا ننخرط في مصاف الدول الرائدة في إلغاء عقوبة الإعدام، والتي وصل عددها إلى أكثر من 127 دولة. لذلك، نعتبر أنه لا يمكن لهذا الحدث إلا أن يُفرحنا، ويفرح كل المهتمين، ويفرح، أيضا، 88 معتقلا في السجون المغربية.
كيف ستنعكس هذه الخطوة على مناقشة المسطرة الجنائية والقانون الجنائي؟
التصويت هو إشارة قوية من الحكومة المغربية إلى وجوب حذف عقوبة الإعدام من القوانين الجنائية، خاصة القانون الجنائي الذي تتم مناقشته حاليا، بالإضافة إلى القانون العسكري الذي يمكن أن يكون، بدوره، محل مناقشة، في بعض فصوله التي تقضي بعقوبة الإعدام.
نأمل أن تلتقط كل الفرق البرلمانية هذه الإشارة، ونعتبر أنها التقطتها؛ لأنها كانت هي صاحبة المبادرة، بالأساس. ونحن كمجتمع مدني ومرصد مغربي للسجون، سنواكب النقاش الذي سيكون حول القانون الجنائي والمسطرة الجنائية.
ما ردك على معارضة حزب العدالة والتنمية لإلغاء عقوبة الإعدام، استنادا على مبدأ "القصاص" في الشريعة الإسلامية؟
خضنا نقاشا مع الجميع بهذا الخصوص، بمن فيهم الإخوان في حزب العدالة والتنمية، لمدة 22 سنة، وليس ليوم أو يومين.
القانون الجنائي هو قانون وضعي؛ بمعنى أن هناك هامشا للخطأ. هناك ناس حكم عليهم بعقوبة الإعدام، في بعض الدول، وأعدموا بالفعل، لتظهر براءتهم فيا بعد. وبالتالي، أعتقد أن القوانين الوضعية قابلة للنقاش المجتمعي ولوضع فلسفة معينة في مفهوم العقوبة.
ثم ما هي العقوبة؟ هي الردع وإعادة الإدماج.. واش بالإعدام غنحققوا هادشي؟
وبلغة الإحصائيات، هناك دول مازالت تستخدم عقوبة الإعدام، إلا أن معدل الجريمة فيها لا يزال مرتفعا، بمعنى أن الإعدام لا يحد من الجرائم.
أما من الناحية الشرعية، فالقصاص مرتبط بشروط. إذا تم تقديم تنازل من طرف الضحايا أو أسرهم، فلا وجود لأي قصاص، حتى في المفهوم الشرعي. وبالتالي، الدعوى العمومية ترفع من طرف المجتمع الذي يملك الحق في المتابعة، فيما تحصل الضحية أو أسرتها على تعويض عن الضرر.
المجتمع، اليوم، من خلال قبة البرلمان والحكومة، يقول إنه لا وجود لمكان حكومة الإعدام في القوانين المغربية.
ولدي سؤال لإخواننا في العدالة والتنمية: علاش السارق ما نقطعوش ليه يدو؟ وعلاش الزاني ما نرجموهش؟ في بعض الجرائم تتساهلون وتخففون العقوبات المتعلقة بها، بينما في الإعدام تطالبون بالقصاص. إذن، نحن أمام ازدواجية في الخطاب.
ستكون هناك مناقشة في البرلمان مع بعض الفرق، ومن ضمنهم فريق العدالة والتنمية، وسنوضح رؤانا في هذا الباب، حتى ينخرط الجميع، ويكون هناك إجماع، هذه غايتنا.