أحمد مدياني: ولو طارت معزة...!

أحمد مدياني
أحمد مدياني

نشر الزميل يونس مسكين، يوم الخميس 19 دجنبر الجاري، مقال الرأي اليومي، بعنوان "لا.. لم نسلّم فلسطينيا لإسرائيل!". تضمن معطيات تصدح بما يفرض أن يكون منه وعليه الصحفي، من خلال انزياح مهني تام لغرض الإخبار، مع ما أضاف له من تفاصيل التقصي والتمحيص، بعيدا عن عفوية الانسياق مع ما هو متاح.

قدم الزميل مسكين معطيات يجب أن يتأملها من لهم هم استقلالية الصحافة في المغرب قبل غيرهم من الذين يستثمرون الكثير لإقبارها، وقتل كل من يمكن أن يميز ما بين المهنة وغيرها، الذي يدور حول فلك طرح الفرضيات قبل صياغة فقرات الجزم.

للأسف، تابعت وقرأت دون استغراب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استهداف شخصه من طرف البعض، عوض الاعتراف بأن ما جاء به بحسب قواعد مهنة الصحافة، هو الواقع الذي لا ولن يرتفع.

وللأسف مرة أخرى، فقد تجاهل كثيرون ما جاء به يونس مسكين من معطيات، تُنطق رسالة الصحفي كما يجب، ولم يأخذوا من وقتهم الافتراضي ولو جزء من الثانية ليدعموا الرواية الحقيقية، لأن ما يحتاجه الوطن في الحقيقة، ليس همهم الأول ولا الأخير حسب ما جاؤوا به من تدوينات وتعليقات تخيف، لأن مضمونها ينذر بأن خطر إقبار ممارسة حرية الرأي يكمن أيضا، عند من يشتكون في الظاهر من حرمانهم منها، بل كامن بشكل أخطر وتعبير أعنف!

ما يخدمهم، بدورهم أنه يقابلهم صنف ثانٍ في الضفة الأخرى من البؤس: محتفروا ركوب أمواج الشعوبية المقيتة التي تعيش وتستمر، وفق وهم شروط الصنف الأول الذي يقتات ويفرض شعار: "هدشي لي بغاو لي كيديرو لينا جيم وجدوغ وبارطاج..."

ورغم كل ما سبق، أنا مقتنع أن الصنف الأول أخطر، لأنه لا تهمه حقيقة ما ينشر. ولا يخجل من الكذب وإن اقترفه. بل إنه مقتنع بأن التزييف "ضرورة نضالية".

عبارات تصنيفات أنك ضد الشعب والديمقراطية والعدل جاهزة عنده. أكرر، عنيفة ولا تقبل حرية الاختلاف. بل ودون مبالغة فالظاهر أنهم يمارسون سلطة الاعدام افتراضيا. وأكاد أجزم، إن كانت السلطة لهم، سوف يطبقون ذلك في الواقع بأبشع الطرق.

المغرب لم يسلم أي مواطن فلسطيني لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.

هذا هو الواقع الذي أقرت به أسرته وصرح به محاميه وجعله المعني بالأمر منذ أشهر مطلبه الأول والأخير، حد تهديده بدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، لترحيله من سجون المغرب نحو سجون إسرائيل، وحسم تفاصيل محاكمته التي لا صلة لها إطلاقا بنضال تحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال.

هكذا هي الصورة كاملة، لمن لهم، همٌ حقيقي اتجاه حرية الصحافة والتعبير والرأي، بما تفرضه المهنة الصحفية النبيلة التي تُقدم الإخبار على بدعة التأثير ولو بالكذب.

قضية سليم خليبات، شاء هو أن تحسم عندهم، بل رفض أن تكون بعيدا عن الحد الفاصل ما بين "التحياحت" الافتراضية وحاجته لما يعرف هو أين تكمن مصلحته الشخصية التي حاول البعض وضعها باكراه فوق كفة واحدة مع قناعات دولة!

من جعلوا منه "أيقونة طارئة" يجب أن يمنحوا لأنفسهم بقرار اختياري - رحمة بهم ولهم - خضوعهم لعلاج الشفاء من مرض نحن مع كل شيء وأي شيء ضد المغرب، لأنه "ولو طارت معزة...!" نحن ضده. مع أنهم وبدون وعي، يغفلون عن أنه وإن "طارت المعزة فعلا ما تأكله في الوطا تضعه فوق الجبل".

ومع ذلك، يكررون "ولو طارت معزة..."