استقبل الملك محمد السادس، اليوم الجمعة، في القصر الملكي بالدار البيضاء، محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وفقًا لبلاغ صادر عن الديوان الملكي.
ووفقًا للبلاغ نفسه، يأتي هذا اللقاء في إطار العلاقات المتينة المبنية على الثقة والتعاون بين البلدين، وتعزيز الروابط الأخوية العميقة بين الشعبين الشقيقين.
أفاد حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، أن العلاقات المغربية الموريتانية تمتاز بطابع تاريخي وروحي وثقافي قبل أن تكون اقتصادية ودبلوماسية وسياسية وأمنية. الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الموريتاني تجسد هذا الطابع الخاص بين النواكشط والرباط، خاصة في ظل المنعطفات المهمة التي دخلتها قضية الصحراء، حيث تظل موريتانيا معنية بها بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما أن هذه الزيارة تكتسب أهمية إضافية في السياقات الإقليمية الراهنة، بالإضافة إلى المبادرات الملكية الطموحة التي ستعود بالنفع على الشعبين المغربي والموريتاني، لا سيما من خلال المشروع الكبير للربط القاري أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب والمبادرة الملكية الأطلسية التي تهدف إلى فتح منفذ بحري لدول الساحل كحل مختلف قدّمه الملك محمد السادس لمعالجة الإشكال الأمني في المنطقة.
وأضاف أنه إذا كان المسؤولون الموريتانيون قد تأكدوا من أن انخراط موريتانيا في هذه المبادرات الملكية والمشاريع الضخمة التي أطلقتها المملكة، فإن ذلك يعد جزءًا من رؤية تؤكد أن المستقبل الاقتصادي للبلاد والمنطقة مرتبط بشكل وثيق بالمشاركة في هذه المبادرات، خاصة وأنها ستعود بالنفع على موريتانيا.
وأورد الخبير، أن المملكة المغربية تدرك تمامًا حجم التهديدات التي تواجهها موريتانيا من قبل النظام الجزائري، المعروف بسياسة الترغيب والترهيب، رغم تغطيته بتبريرات اقتصادية أو دبلوماسية. ومع ذلك، فإن موريتانيا مصممة على عدم الانجرار نحو المبادرات التي تضر بالمنطقة المغاربية أو تؤثر سلبًا على العلاقات الجوارية. وبالتالي، تحاول موريتانيا الحفاظ على توازن دقيق بين الجزائر والرباط، وهي مقتنعة تمامًا أن النخبة السياسية في موريتانيا ترى أن المصالح الاستراتيجية تتطلب إقامة علاقات دبلوماسية، سياسية، اقتصادية وثقافية قوية مع المملكة المغربية.
لفت الخبير إلى أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا تعد علاقات وثيقة، خاصة وأن موريتانيا تشكل ممرًا حيويًا للمنتجات المغربية والأوروبية العابرة للحدود بين البلدين، ولا سيما عبر معبر الكركارات. وتعتمد السوق الموريتانية بشكل كلي أو شبه كلي على المنتجات المغربية والسوق المغربية، إضافة إلى أن العديد من المستثمرين المغاربة ينشطون بشكل ملحوظ في مختلف المناطق الموريتانية، مما يعكس العلاقات الاقتصادية المتينة بين البلدين.
وأشار إلى أن هذه العلاقات الاقتصادية ستشهد تعزيزًا ملحوظًا مع انخراط موريتانيا في المشاريع الملكية الطموحة. خاصة إذا استحضرنا أن المغرب يضع بنياته التحتية في خدمة جميع الدول الإفريقية، وبالأخص موريتانيا. في هذا السياق، يتحدث الخبير عن المشروع الملكي للربط الأطلسي من الداخلة، الذي من شأنه أن يغير موازين التجارة بين المغرب والدول الإفريقية وبين إفريقيا والقارة الأمريكية.
واستطرد قائلاً أن هذا التوازن الذي تحاول موريتانيا الحفاظ عليه يعكس الوعي الكامل للمسؤولين هناك بموقعهم الاستراتيجي في المنطقة. وبينما تسعى موريتانيا للحفاظ على علاقات جيدة مع جميع جيرانها، إلا أنها تدرك جيداً أن تعزيز علاقاتها مع المملكة المغربية يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق مصالحها الاستراتيجية في مختلف المجالات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية.
وفي سياق متصل، قال الخبير إن البلاغ الصادر عن الديوان الملكي ركز على العلاقات الشخصية والمتميزة بين الملك والرئيس الموريتاني، كما أبرز نقطتين أساسيتين: مشروع أنبوب الغاز النيجيري، ومشروع الشراكة الأطلسية التي تفتح لدول الساحل منفذًا بحريًا. كما لم يتم ذكر قضية الصحراء في البلاغ لأسباب دقيقة تمر بها القضية في الوقت الراهن. وأضاف أن هناك ترتيبات بين المغرب وموريتانيا لا يمكن الحديث عنها في الوقت الحالي، لكنها ستتضح مع مرور الزمن.
واختتم حديثه بالقول إنه يعتقد أن الزيارة والعلاقة بين المغرب وموريتانيا تشير إلى أن الجانب الموريتاني بدأ يقتنع بأن مسار قضية الصحراء يتجه نحو الحل النهائي لصالح المملكة المغربية. وأضاف أن انخراط موريتانيا في هذه الدينامية التي تدعم قضية الصحراء المغربية هو مسألة وقت، وأنه يمكن الحديث عن فترة زمنية متوسطة تنخرط خلالها بشكل كامل في هذه الدينامية.