خبير لـ"تيلكيل عربي": تعزيز التعاون الاستراتيجي بين المغرب وموريتانيا مفتاح للنمو المشترك

خديجة قدوري

استقبل الملك محمد السادس،  بالقصر الملكي بالدار البيضاء، محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، حسبما أفاد بلاغ صادر عن الديوان الملكي.

وأوضح البلاغ أن هذا اللقاء يأتي في سياق تعزيز العلاقات المتينة بين البلدين، التي تقوم على الثقة والتعاون، ويهدف إلى تعزيز الروابط الأخوية العميقة بين الشعبين الشقيقين.

التنسيق الاستراتيجي بين المغرب وموريتانيا

في هذا السياق، قال سعيد خمري، الخبير السياسي خلال تصريح لـ "تيلكيل عربي" إن التنسيق بين المغرب وموريتانيا يعد مسألة حيوية للبلدين، خاصة في ظل الروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية التي تجمعهما. وأوضح أن موريتانيا تشترك مع المغرب في العديد من الجوانب الثقافية، خصوصا فيما يتعلق بالتراث الصحراوي، مما يجعل تعزيز العلاقات بينهما أمرا بالغ الأهمية.

وأضاف خمري، أن تطوير هذه العلاقة يعود بالفائدة على كلا الطرفين، حيث تستفيد موريتانيا من استثمارات المغرب على أراضيها، بالإضافة إلى واردات المغرب، خاصة في المجال الغذائي. كما أكّد أن موريتانيا تستفيد أيضا من الرواج الاقتصادي الذي يحققه المغرب في البلد، فضلا عن حركة النقل النشطة بين البلدين.

ولفت الخبير إلى أن "موريتانيا، بتطوير علاقاتها مع المغرب، تسعى إلى تحقيق ذلك في إطار استراتيجية واضحة، دون أي تردد، مما يجعلها المستفيد الأكبر. بالإضافة إلى ذلك، أصبح المغرب اليوم قوة إقليمية ذات سمعة كبيرة في مجال الخبرة الأمنية، إلى جانب دوره في محاربة الإرهاب، فضلاً عن دعمه لاستقرار الدول في المنطقة. ولا شك أن موريتانيا ستستفيد من هذه الخبرة، وستجني من الشراكة مع المغرب ما يفوق استفادتها من أي دولة أخرى في الجوار المغاربي".

وتابع قائلاً: "يمكن للمغرب أيضًا أن يستفيد من تطوير علاقاته مع موريتانيا، فهي جارة تجمعها معه العديد من القيم المشتركة على مستوى التاريخ والجغرافيا والثقافة. وتعزيز العلاقة مع موريتانيا يمكن أن يساعد المغرب بشكل كبير في انفتاحه على دول الساحل، خاصة في إطار المشروع الأطلسي. ومع ذلك، إذا ساءت الأوضاع بين المغرب وموريتانيا، فلن تكون الشراكة مع موريتانيا الخيار الوحيد أمام المغرب، بل سيكون لديه خيارات أخرى".

تعزيز التعاون الاستراتيجي بين المغرب وموريتانيا

في هذا السياق، قال الخبير السياسي إن تطوير المشاريع الاستراتيجية للربط بين البلدين يمكن أن يعزز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بينهما. وأضاف أن اقتصاد موريتانيا يرتبط بشكل كبير بصادرات المغرب، خصوصًا في مجال المواد الغذائية مثل الخضروات والفواكه، التي يصدرها المغرب إلى موريتانيا بأسعار تفضيلية. وأكد أن هذه العلاقة الاقتصادية تساهم في خلق رواج اقتصادي في موريتانيا، مما يعزز الحركة الاقتصادية بشكل ملحوظ.

وأضاف أن هذه العلاقة تحقق أيضًا حركة نشطة في وسائل النقل بين المغرب ونواكشوط، ومن نواكشوط إلى الرباط. وزاد قائلاً إن موريتانيا يمكن أن تستثمر علاقاتها مع المغرب نظرًا لموقعه الاستراتيجي، خاصة في علاقته مع أوروبا وقربه من إسبانيا، فضلاً عن علاقته الاستراتيجية مع أوروبا.

كما أشار إلى أن المغرب أصبح قوة إقليمية ذات وزن كبير على المستوى القاري في إفريقيا، بفضل تدخل الشركات المغربية في العديد من المناطق الإفريقية وفي قطاعات متنوعة مثل النقل، المالية، البنوك، البناء، وغيرها من المجالات التي تساهم فيها المغرب في استثمارات هامة في العديد من الدول الإفريقية.

وأورد الخبير أنه لا شك في أن موريتانيا قد تحظى بنصيب أكبر في هذا المجال إذا ما عملت على تحسين علاقاتها مع المغرب واستفادت من الشروط الجيو-استراتيجية الحالية في هذه العلاقات. وأكد أنه من خلال بناء شراكات حقيقية، خصوصًا وأن موريتانيا تدرك تمامًا أن علاقات المغرب مع الدول الإفريقية لا تعتمد على ظروف مؤقتة أو وعود زائفة، بل على شراكات حقيقية مبنية على مبدأ التعاون جنوب-جنوب ومبدأ رابح-رابح. كما أشار إلى أن هذه العلاقات تتسم بالواقعية والاحترام المتبادل، مع تقدير للندية في التعامل بين المغرب والدول الشريكة.

واستطرد قائلاً: "ولا شك أن موريتانيا يفترض أن يكون لدى قيادتها من الحكمة ما يمكنها من التقاط كافة الإشارات التي يمكن أن تستخلص من العلاقة مع المغرب والعمل على تطويرها. فقد أصبح المغرب اليوم نموذجًا يحتدى به ليس فقط في مجالات الأمن والاستقرار السياسي، بل أيضًا في تجربته الديمقراطية، والعدالة الانتقالية، والنموذج التنموي الذي يقدمه. كما أن المغرب أصبح محط ثقة لدى الدول الكبرى، والمؤسسات المالية الدولية، والفاعلين الدوليين. ومن هنا، يفترض أن تستغل موريتانيا هذه الإشارات والنقاط الإيجابية لتطوير شراكة حقيقية مع المغرب، مما يعزز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين.

تطوير العلاقات المغربية الموريتانية.. فرص التعاون والنمو المشترك

في هذا الإطار، قال خمري، إن الرسائل التي يحملها هذا اللقاء تشير إلى أن مصير البلدين يقتضي التعاون المشترك، لكن هذا التعاون يجب أن يتم في إطار شراكة واضحة وثابتة وبرؤية استراتيجية ترتكز على التعاون في مختلف المجالات. وأكد أن الشراكة يجب أن تشمل التكامل الاقتصادي والاستفادة من الخبرات المتبادلة. وأضاف أن المغرب أصبح اليوم يمتلك من القدرات ما يؤهله لدعم ومواكبة موريتانيا في عدة مجالات، وخاصة في الاقتصاد، بما في ذلك القطاع الصناعي، بالإضافة إلى مجالات التكوين والتعليم.

وأضاف أن المغرب اليوم، من خلال موقعه الإقليمي والدولي، يمكنه أن يعود بالفائدة على موريتانيا عبر تطوير العلاقات بين البلدين والاستفادة من الشراكات التي يعقدها على المستويين الإقليمي والدولي. وأوضح أن العلاقة القوية بين المغرب وموريتانيا، المبنية على شراكة استراتيجية، تساهم في تعزيز الروابط المغربية مع دول إفريقيا، خصوصاً دول الساحل، وتدعم تفعيل وتنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى على مستوى القارة.

 وأكد أنه بفضل هذه العلاقة، يمكن لموريتانيا الاستفادة بشكل كبير، لا سيما باعتبارها جارة مباشرة للمغرب، حيث يمكن أن تصبح نقطة عبور رئيسية بين المغرب والدول الإفريقية الأخرى، مما يجعلها جزءًا من المشاريع التي تنطلق من المغرب نحو إفريقيا أو العكس.