تناولت المباحثات التي جرت الجمعة في نواكشوط بين وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني، أحمد ولد أبوه، وسفير المملكة المغربية في موريتانيا، حميد شبار، سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والمالية
في هذا السياق، قال حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، إن العلاقات بين المغرب وموريتانيا تتميز بعمقها وتجذرها على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والأمنية، فضلاً عن العلاقات الاقتصادية التي تظل مستمرة رغم بعض فترات التوتر التي قد تصاحب الروابط السياسية والدبلوماسية بين البلدين. كما أن العلاقات الاقتصادية قد تلعب دوراً مهماً في إصلاح ما قد تفسده السياسة، مما يعكس متانة التعاون بين الجانبين.
وأشار الخبير إلى أن "العلاقات الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا تقوم على مؤسسات دستورية تمثلها اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، والتي حققت إنجازات ملحوظة في السنوات الأخيرة، على الرغم من أنها لم تتمكن بعد من تلبية كامل تطلعات المستثمرين الموريتانيين والمغاربة"
وأوضح بلوان، أن "موريتانيا تشكل عمقًا استراتيجيًا اقتصاديًا بالنسبة للمغرب نحو إفريقيا، بينما تمثل المملكة المغربية عمقًا استراتيجيًا بالنسبة لموريتانيا نحو الاتحاد الأوروبي. وقد أعطى اللقاء الأخير الذي جمع بين الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بمدينة الدار البيضاء نقلة نوعية، حيث توج بمجموعة من الاتصالات الاقتصادية الأخرى التي ستؤكد أهمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين".
وأفاد أن "أكثر من 50 بالمائة من واردات موريتانيا تأتي من المغرب، كما أن أكثر من 73 بالمائة من الواردات المغربية تسيطر عليها الشركات المغربية. كما أن السوق الموريتانية تمثل فضاءً خصبًا للمستثمرين والشركات المغربية".
وذكر أن "كل هذه المؤشرات تعكس الأهمية الكبيرة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، التي تستمر في انسيابية تامة رغم الضغوط التي تمارسها الجزائر على موريتانيا، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية".
ولفت إلى أن "ما يميز العلاقات المغربية الموريتانية على جميع المستويات هو أنها تسير في هدوء، ويمكن الحديث عن علاقات سياسية ودبلوماسية وعسكرية صامتة. كما أن العلاقات الاقتصادية لا تخرج عن هذا النهج، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الصخب والبروباغندا الإعلامية التي تمارسها الجارة الشرقية في جميع علاقاتها مع موريتانيا، والتي تهدف إلى الانخراط في أنشطة مشبوهة قد تزعزع الاستقرار في المغرب الكبير".
وأضاف أنه "بالعودة إلى العلاقات المغربية الموريتانية على المستوى الاقتصادي، فإن المغرب يدرك حجم الضغوط التي تمارسها الجارة الجنوبية للمملكة، لذا ينهج الدبلوماسية الهادئة أيضًا على الصعيد الاقتصادي".
وكشف الخبير أن "المملكة المغربية، وعيًا منها بهذه الضغوط والتقلبات الاقتصادية في المنطقة، تعمل مع موريتانيا عبر مؤسسات مشتركة، كما أنها تقدم عروضًا مغرية لصالح العلاقات الاقتصادية بين البلدين بمبدأ رابح رابح. وهنا أتحدث عن أنبوب الغاز نيجيريا الذي سيشكل إضافة كبيرة على مستوى الطاقة بين إفريقيا وأوروبا، بل إن موريتانيا قد تكون المستفيد الأكبر، خاصة إذا استحضرنا الاحتياطيات الواعدة من الغاز الطبيعي والنفط التي اكتشفتها في السنوات الأخيرة".
واختتم حديثه قائلاً: "تمت مبادرة ملكية أطلسية لفتح المجال الأطلسي لدول الساحل الحديثة، كمقاربة اقتصادية يمكن أن تعود بالنفع على دول الساحل. كما يضع المغرب جميع بنياته التحتية المتطورة في خدمة العلاقات الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا، خاصة إذا استحضرنا المشروع الطموح الكبير الذي سيشكله ميناء الداخلة الأطلسي، والذي سيطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين ويربط المغرب بعمقه الإفريقي، فضلاً عن اتجاهاته نحو أوروبا والقارات الأمريكية. وهذا كله سيصب في صالح العلاقات المغربية على المستوى الاقتصادي".