أشارت النقابة الوطنية المهنية للمبصاريين بالمغرب إلى الحاجة الملحة لتدخل الحكومة من أجل تنظيم تراخيص مزاولة مهنة البصريات، معتبرة أن الوضع الحالي يعرض القطاع للتسربات من قبل غير المتخصصين ويهدد جودته.
في هذا السياق، أشار خالد الساوري، المبصري والعضو السابق في النقابة الجهوية للمبصريين بطنجة أصيلا، في تصريح لـ"تيلكيل عربي" اليوم الجمعة، إلى أن المزاولة غير القانونية للمهنة تُعد أبرز التحديات التي تهدد المهنة والمهنيين.
وأوضح الساوري، أن هذه المشكلة ترتبط بشكل رئيسي بنقص التكوين الكافي، حيث يُلاحظ وجود ازدواجية في نظام التكوين. فهناك جامعة واحدة معترف بها من قبل الدولة، وهي جامعة القاضي عياض، التي تقدم تكويناً للمبصريين، إلى جانب بعض المدارس الخاصة في مجال التعليم العالي التي تقدم برامج دراسية مأخوذة من الجامعة، وهي برامج جامعية تخضع لوزارة التعليم العالي.
وأضاف الساوري، أن المشكلة تكمن في أن معظم المدارس، التي تتبع النظام الخاص بالتكوين المهني، تتوافق مع القانون 13.00، إلا أن برنامجها يختلف بشكل كامل عن برنامج التعليم العالي، وحتى الشهادات التي تمنحها تختلف. فالتكوين المهني يُخرّج تقنيين، بينما تمنح الجامعات إجازات مهنية، مما يؤدي إلى تباين كبير بين النظامين على مستوى التكوين والشهادات الممنوحة.
ونوه إلى أن المشكلة تكمن في أن الأشخاص الذين يتمتعون بتكوين مختلف ودفتر تحملات مغاير ومدة تكوين متفاوتة، يحصلون على نفس الرخصة من الأمانة العامة للحكومة، مما يتيح لهم ممارسة النشاط ذاته.
ولفت المتحدث إلى أن العديد من مدارس التكوين المهني تعاني من اختلالات كبيرة على مستوى التكوين، وذلك بسبب ضعف المراقبة بشكل عام. كما أشار إلى قضية تم تداولها بمكناس، حيث تم توجيه اتهامات ببيع الشهادات. فقد تم منح شهادة، التي من المفترض أن تُمنح بعد ثلاث سنوات من الدراسة، في غضون ثلاثة أشهر فقط.
وكشف المتحدث أن هناك أيضًا ظاهرة العشوائية، حيث يقوم البعض بفتح محلات لبيع النظارات وممارسة المهنة دون الحصول على تراخيص أو شهادات معترف بها. كما أشار إلى وجود مشكلة أخرى تتعلق بعدم تجاوب السلطات المعنية مع موضوع العشوائية، رغم وجود أدلة تثبت المخالفات.
وفي هذا السياق، قال الساوري، أود أن أؤكد من وجهة نظري الشخصية أن إدخال المهن شبه الطبية في التكوين المهني كان خطوة غير صائبة، وأن ازدواجية التكوين في هذا المجال لا تتسم بالمنطق، إذ أنها ظاهرة موجودة فقط في المغرب.
وذكر أنه في إطار النقاش حول القانون 45.13، تم إثارة هذا الموضوع، وقمنا بإجراء دراسة مقارنة لتكوين مجال البصريات على مستوى العالم. شمل ذلك دراسة مجموعة من الدول، بالإضافة إلى استدعاء خبراء من تلك الدول للتحدث عن الموضوع، والاطلاع على طرق التكوين المعتمدة في بلدانهم، فضلاً عن التعرف على مكانة المبصريين والقوانين المرتبطة بهذا المجال، وذلك بهدف الاستفادة من التجارب الدولية كمثال يُحتذى به.
وتابع قائلاً: إن المشكلة تكمن في أن ازدواجية التكوين بين التعليم العالي والتكوين المهني تقتصر على المغرب فقط. ففي الدول الأخرى التي يوجد فيها تقنيون في مجال البصريات، نجد أن هؤلاء التقنيين لا يحصلون على الترخيص لفتح محلات للنظارات. وفي بعض البلدان التي تمنح درجات للمبصريين، نجد تقسيمًا في هذا المجال. أما في المغرب، فحتى وإن كانت الشهادات مختلفة، فإن الرخص تُمنح بطريقة متشابهة
واختتم الساوري، حديثه قائلاً: فيما يتعلق بالقانون 13.00، تكمن المشكلة في غياب إلزامية الحضور بالنسبة للمتدربين في التكوين المهني، حيث أن هذا النوع من التكوين يركز على المهارات العملية بينما يكون الجانب النظري محدودًا للغاية، مما يفتح ثغرة كبيرة في مجال التكوين. وعندما نتعامل مع أي مدرسة من خلال النقابة للضغط من أجل إلزامية الحضور، نواجه مشكلة في أنه لا توجد آلية قانونية تفرض هذه الإلزامية.