أعلنت سفارة إسبانيا في المغرب ومعهد سيرفانتيس، الخميس المنصرم في الرباط، عن تفاصيل البرنامج الثقافي الإسباني السنوي الذي سيُنفذ في المملكة خلال عام 2025.
في هذا السياق، صرح خالد شيات، خبير العلاقات الدولية، لموقع "تيلكيل عربي" يوم السبت 1 من الشهر الجاري، بأننا يجب أن نكون مدركين للروابط الثقافية العميقة بين المغرب وإسبانيا. هذا التبادل الثقافي كان له تأثير متبادل قوي على مر العصور، حيث شهدنا أحياناً نوعاً من التبعية الثقافية المتبادلة بين البلدين. ويؤكد شيات أن القرب الجغرافي لعب دورًا كبيرًا في هذه العلاقة، التي كانت محكومة بالواقع التاريخي والتطورات العسكرية أحيانًا.
وأضاف شيات أن هذا التلاقح الثقافي بين البلدين لم يكن دائمًا سلميًا، فقد شهدنا فترات من التواجد العسكري المغربي في إسبانيا، بما في ذلك التأثيرات الإسلامية. وهو جانب يجب أن نأخذه بعين الاعتبار لفهم العمق التاريخي لهذه العلاقة بين الثقافتين، والتي لم تخلُ من التوترات أحيانًا.
أوضح شيات، أن الإرث الثقافي الذي خلفته إسبانيا في المغرب يمكن أن يشكل عاملاً مهماً في تعزيز الترابط بين المغرب ودول أخرى. أولاً، يشمل ذلك الدول الناطقة بالإسبانية، إضافة إلى محيطها الجغرافي القريب. ويرى شيات أن هذا الإرث يمكن أن يسهم في تعزيز الروابط الاقتصادية، خاصة في اتجاه موريتانيا وبقية دول الساحل الأطلسي، بالنظر إلى المشاريع الاقتصادية الكبرى التي يديرها المغرب، مثل مشروع ربط الغاز، وكذلك المشاريع التي تم إطلاقها على مستوى الواجهة الأطلسية.
وأشار خالد شيات إلى أن الواجهة الأطلسية تضم بعداً مهماً، وهو منطقة إيبيريا التي تشمل كل من إسبانيا والبرتغال. ويرى أن هذا العامل الثقافي قد يلعب دورًا محوريًا في تعزيز التقارب على المستويات الاقتصادية والسياسية في القارة الإفريقية، انطلاقًا من المغرب، وخاصة من الصحراء المغربية التي لا تزال تحتفظ بالزخم الثقافي الإسباني.
ولفت إلى أن الصحراء المغربية لا تزال تضم منظومات ثقافية وحضارية إسبانية، مما يمكن أن يجعلها نقطة انطلاق لتعزيز التعاون مع مناطق أخرى في إفريقيا، خصوصًا في محيطها القريب مثل موريتانيا والسنغال. وهذا قد يسهم في تعزيز الروابط بين هذه الدول وبين إسبانيا من ناحية ثانية.
قال الخبير إن المغرب لا يمكنه أن يقتحم أوروبا ثقافيًا وحضاريًا واقتصاديًا وتجاريًا إلا عبر إسبانيا. من هنا تأتي أهمية تعزيز التواجد الثقافي المغربي في إسبانيا، إذ أن هناك جالية مغربية كبيرة هناك، غالبيتها جاءت بحثًا عن حياة أفضل وكريمة. بالإضافة إلى ذلك، يتزايد عدد الطلبة والباحثين المغاربة في إسبانيا، مما يعزز حضور المغرب في الساحة الثقافية والتعليمية في البلاد.
واسترسل حديثه قائلًا إن جيلًا جديدًا من أبناء المغاربة المهاجرين الذين درسوا في إسبانيا قد وصلوا إلى مستويات متقدمة في مجالات عدة. كل هذه العوامل تجعل من التعاون المغربي الإسباني قاعدة أساسية، من شأنها أن تكون نقطة انطلاق مهمة لتعزيز التواجد المغربي في أوروبا ككل، وتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات.
واختتم حديثه مؤكدًا أنه من الطبيعي أن تكون إسبانيا شريكًا رئيسيًا في المجالات التجارية والاقتصادية، وهو أمر بالغ الأهمية. وأوضح أن العامل الثقافي يمكن أن يكون ركيزة أساسية لتعزيز الروابط بين البلدين على المستويين التجاري والاقتصادي. كما شدد على ضرورة تعزيز ثقافة الاعتراف والاختلاف والتوافق بين الضفتين، التي غلبت عليها تاريخيًا النزعة غير التوافقية.