أفاد كل من ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، وفؤاد حسين، وزير خارجية جمهورية العراق، بموقف بلديهما الثابت في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وذلك في أول رد رسمي من الرباط على دعوات تهجير سكان غزة.
وفي هذا السياق، أكد خالد شيات، الخبير في العلاقات الدولية، اليوم الاثنين، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "موقف المغرب من القضية الفلسطينية يظل ثابتا ومتوافقا مع قرارات الشرعية الدولية والمنطقين التاريخي والقانوني".
وتابع شيات أن "التصريح المشترك بين المغرب والعراق يعكس حرص البلدين على الإصرار في البحث عن حل دائم ونهائي لهذه القضية، بعيدا عن أي توجهات تسعى بعض الجهات إلى فرضها على المنطقة".
وأوضح المتحدث نفسه أن "أي حل لا يستند إلى خيار حل الدولتين في إطار سلام عادل ودائم سيؤدي، بلا شك، إلى تحولات جيوسياسية كبرى على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. كما سيؤثر على منظومات الدول في المنطقة وطبيعتها"، مضيفا: "لا أعتقد أن الحدود التي تسعى هذه التصورات الجديدة إلى رسمها ستتوقف عند حدود مصر أو الأردن".
وسجل شيات أن "هذا الوضع سيمتد إلى أبعاد أعمق داخل العالم العربي؛ مما سيؤثر على استقرار هذه الدول بشكل عام، بل وقد يهدد وجودها ككيانات سياسية ومنظومات سلطوية"، موضحا أن "هذه المسألة تتصل بشقين أساسيين؛ أولهما، عدالة القضية، وثانيهما، الرؤية الاستراتيجية؛ حيث إن تهجير سكان غزة يمثل، في جوهره، نوعا من الانتحار الاستراتيجي. وإذا قبلت بعض الدول بهذا السيناريو، فإنها بذلك توقع على إنهاء وجودها كدول. وتداعيات هذا الأمر لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستمتد لتشمل آثارا أعمق وأكثر خطورة".
وفيما يتعلق بالتهديدات التي تواجه مسألة السلام بشكل عام، وخاصة وقف إطلاق النار في غزة، فأفاد الخبير في العلاقات الدولية بأن "أكبر تهديد حاليا يكمن في بقاء منظومة تستند إلى أفكار ذات طابع ديني"، موضحا أن "هذه المنظومة لا تحمل رؤية جديدة، بل تعتمد على قيم بعيدة عن مفاهيم السلام والتعايش والمساواة والعدالة، وهي قيم فوقية تحاول أن تفرض واقعا معينا يتماشى مع مصالح محددة تؤمن بها"، وأن "هذه القوى تسعى إلى فرض هذه الرؤية على المنطقة والعالم بشكل عام".
وتابع شيات أن "بقاء منظومة يمينية متطرفة ذات مرجعية دينية يهودية أو مسيحية، وطرح تصورات وتنفيذها على هذا النحو، يرتبط بوجود حكومة نتنياهو اليمينية"، مشيرا إلى أنه "رغم عدم وجود بدائل كبيرة في إسرائيل، فإن استمرار نتنياهو في السلطة مع هذه المنظومة سيشكل تهديدا كبيرا".
كما لفت إلى أن "وجود هذا التهديد يتزامن مع ضعف المنظومة المقاومة الأخرى، سواء أكانت في غزة، أو من خلال شبكة الدعم التي كانت إيران تحاول تعزيزها في المنطقة، عبر سوريا ولبنان وغيرها"، مؤكدا أن "انهيار هذه المنظومة يستدعي تبني منظومة مقابلة قوية"، وأنه "في هذه المرة، يجب أن تكون منظومة عربية قادرة على إظهار القوة في مواجهة هذه التوجهات الهيمنية، فضلا عن استعدادها للتعامل مع جميع السيناريوهات المحتملة".
وأضاف شيات أنه "بخلاف ذلك، سيكون هناك نوع من التطرف الذي سيضخم مفهوم المواجهات والصراع؛ مما قد يؤدي بالمنطقة إلى ما لا تحمد عقباه"، مشيرا إلى أن "التهديد الآخر يكمن في عدم وجود بدائل أو ضمانات كبيرة على مستوى الواقع في ما يتعلق بالسلام"، وأن "هناك تحديات كبيرة اليوم؛ حيث يوجد تقابل كبير بين المنظومة الفلسطينية والإسرائيلية، وتباعد واسع في مسألة الثقة وانهيارها".
وختم الخبير في العلاقات الدولية تصريحه بالتأكيد على أن "المنظومة الدولية غير قادرة، في الوقت الحالي، على دفع المنطقة نحو مزيد من الاستقرار، بل إن الوضع الحالي يشير إلى أنها منظومة صراع أكثر من كونها منظومة سلام".