كشفت صحيفة "El Pais" الإسبانية أن مدريد خصصت مليار يورو على شكل قروض ميسرة للمغرب، بغرض تمويل مشاريع استراتيجية، استعدادا لكأس العالم لكرة القدم 2030.
وأوضح المصدر نفسه أن هذه الخطوة تأتي في إطار دعم الشركات الإسبانية للاستثمار في السوق المغربية؛ حيث يخطط المغرب لإنفاق 1 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي سنويا على مشاريع التحديث قبل انطلاق المونديال.
وفي هذا السياق، اجتمعت كاتبة الدولة الإسبانية للتجارة، ماريا أمبارو لوبيز-سينوفيلا، يوم الأربعاء الماضي، في الرباط، مع مسؤولين مغاربة؛ بينهم وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، إلى جانب عدد من رجال الأعمال من البلدين، لبحث فرص التعاون الاستثماري، في إطار التحضيرات لكأس العالم.
التمويلات الإسبانية
وبعد تمويل إنشاء محطة تحلية المياه الجديدة في الدار البيضاء، بقرض قابل للسداد تجاوز 250 مليون يورو، مُنح لشركة "Acciona" الإسبانية، أضافت مدريد قرضا آخر بقيمة تزيد على 750 مليون يورو.
وأكدت لوبيز-سينوفيلا، خلال افتتاح منتدى الأعمال المغربي-الإسباني، في الرباط، أن "الخبرة والكفاءة التي تتمتع بها الشركات الإسبانية ستساهم في إنجاح المشاريع الكبرى التي ينجزها المغرب"، مشيرة إلى أن أكثر من 50 شركة إسبانية أبدت اهتمامها بالمشاركة في المشاريع الاستثمارية المرتبطة بالبطولة.
وبحسب بيانات صادرة عن هيئة "ICEX" الإسبانية العامة لدعم التصدير، يعتزم المغرب استثمار حوالي 14 مليار يورو سنويا ضمن خطته التحديثية، وهو ما يعادل 1 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي، لمواكبة التحديات اللوجستية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 21 مليون زائر، وتنظيم المباريات في ست مدن مستضيفة، خلال الحدث الكروي العالمي.
الرهان
وإلى جانب التمويل، تسجل "El Pais"، يحرص المغرب على الاستفادة من الخبرة الإسبانية المكتسبة، خلال العقود الأخيرة، من خلال تطوير البنية التحتية؛ حيث استشهد مزور بتجربة إسبانيا في تنظيم كأس العالم 1982، ودورة الألعاب الأولمبية في برشلونة 1992.
وعلى صعيد قطاع السكك الحديدية، تأمل إسبانيا في أن تفوز إحدى شركاتها بعقد القطارات بين المدن؛ حيث يخطط المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) لشراء 40 قطارا سريعا بين المدن، و60 قطارا إقليميا، و50 قطارا للضواحي، لتعزيز الشبكة الحالية وتقديم الخدمة في ممرات جديدة.
وكشفت الصحيفة أنه تم استبعاد "Talgo" الإسبانية من المرحلة الأولى لمناقصة العقد الضخم للسكك الحديدية، إلى جانب "Alstom" الفرنسية، التي فازت، في أكتوبر الماضي، بمناقصة لتوريد 18 قطارا فائق السرعة للخط الجديد بين القنيطرة ومراكش، متفوقة على الشركة الأولى.
وتابع المصدر نفسه أن شركتي "CAF" الإسبانية و"Hyundai Rotem" الكورية الجنوبية مازالتا تتنافسان على العقد، الذي يتضمن، أيضا، صيانة القطارات لمدة 20 عاما، ودمج نسبة من الإنتاج في الاقتصاد المغربي.
وفي هذا الصدد، كشف المدير التنفيذي لـ"Hyundai Rotem"، لي يونغ-باي، في يوليوز الماضي، عن خطة لبناء مصنع للقطارات في المغرب، في حال فوز شركته بالعقد؛ ما يشير إلى تصاعد المنافسة بين الجانبين الإسباني والكوري الجنوبي على المشروع.
أكبر شريك
وعززت إسبانيا مكانتها كأكبر شريك تجاري للمغرب؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 22 مليار يورو، في عام 2024، مع فائض تجاري لصالح إسبانيا بقيمة 3 مليارات يورو.
وأشارت لوبيز-سينوفيلا إلى أن الصادرات الإسبانية إلى المغرب تفوق تلك الموجهة إلى كل من الصين والمكسيك مجتمعتين، مؤكدة أن بلادها تسعى، عبر القروض القابلة للسداد، بشروط ميسرة، إلى أن تكون المستثمر الأول في مشاريع تحديث البنية التحتية المغربية، وهو المركز الذي تحتله فرنسا حاليا.
وشمل منتدى الأعمال المغربي-الإسباني مناقشات حول ثلاثة محاور رئيسية؛ هي البنية التحتية، من خلال تطوير المطارات والطرق السريعة، وتوسيع شبكة المياه والصرف الصحي، وتعزيز التكنولوجيا في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، وتوسيع قدرة المغرب الفندقية على استقبال السياح عبر مشاريع، وفقا للمعايير الدولية.
ومع اهتمام متزايد من قبل المسؤولين المغاربة وقطاعات الأعمال والإعلام المحلي، يبدو أن إسبانيا بدأت تلعب دورا رئيسيا في مشاريع التحديث المغربية المرتبطة بكأس العالم 2030، مستفيدة من التقارب الدبلوماسي والتعاون الاقتصادي المتنامي بين البلدين.