إلغاء شعيرة الأضحية.. كرونولوجيا القرارات الملكية من 1963 إلى 2025

محمد فرنان

شهد المغرب، عبر تاريخه الحديث، قرارات ملكية بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية في عيد الأضحى خلال سنوات 1963، 1981، 1996، وأخيرا 2025، حيث جاءت هذه القرارات استجابة لظروف اقتصادية وبيئية استثنائية أدت إلى ضغوط على القطاع الفلاحي والثروة الحيوانية.

إلغاء عيد الأضحى عام 1963

بعد حصول المغرب على استقلاله عام 1956، واجهت البلاد تحديات اقتصادية جمة، خاصة مع تداعيات بناء مؤسسات الدولة الناشئة وموجات الجفاف التي أثرت بشكل كبير على القطاع الفلاحي، وفي عام 1963، تزامنت الأزمة مع حرب الرمال مع الجزائر، وهو صراع استنزف موارد البلاد المالية والبشرية.

في هذا السياق، قرر الملك الراحل الحسن الثاني إلغاء شعيرة ذبح الأضحية، بهدف توجيه الموارد المتاحة نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء عن المواطنين.

إلغاء عيد الأضحى عام 1981

في عام 1981، واجه المغرب موجة جفاف شديدة أدت إلى انخفاض ملحوظ في الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية، مما تسبب في نقص الأضاحي وارتفاع أسعارها، استجابة لهذه الظروف، قرر الملك الحسن الثاني إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى، في خطوة هدفت إلى تخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين وحماية الثروة الحيوانية.
جاء هذا القرار في وقت حساس اجتماعيا، إذ تزامن مع احتجاجات مثل "انتفاضة يونيو 1981" في الدار البيضاء، التي اندلعت نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأساسية.

إلغاء عيد الأضحى عام 1996

شهد عام 1996 موجة جفاف مستمرة أثرت بعمق على القطاع الفلاحي وأدت إلى تراجع كبير في أعداد الماشية، ونتيجة لهذه الظروف، اتخذت القيادة الملكية قرارا بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية مرة أخرى، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين ومنعا لاستنزاف الثروة الحيوانية.

وجاء في الرسالة الملكية التي وجهها الملك الحسن الثاني يوم 28 مارس 1996 حول الإمساك عن أضحية العيد لعام 1416ه، التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، عبد الكبير العلوي، عبر شاشة التلفزة أنه "معلوم أن ذبح الأضحية إذا كان سنة مؤكدة فإن إقامتها في هذه الظروف الصعبة لمن شأنه أن يتسبب في ضرر محقق بسبب ما سينال الماشية من إتلاف، وما سيطرأ على أسعارها من ارتفاع يضر بالغالبية العظمى من أبناء شعبنا، لا سيما ذوي الدخل المحدود منهم".

وأضافت أنه "قد أمعنا النظر هذه الأيام الأخيرة فيما ينبغي توفيره لإقامة عيد الأضحى المبارك هذه السنة، وما يتبع ذبح الأضاحي من آثار على اقتصادنا الوطني، فوجدنا أن الأمر يتطلب توفير ما يقرب أربعة ملايين وسبعمائة ألف رأس من الغنم لهذه المناسبة السعيدة، بينما عدد الرؤوس المتوفرة حاليا لا يتعدى ثلاث ملايين رأس، فالخصاص يبلغ بذلك مليونا وسبعمائة ألف رأس، سيكون علينا استيراده بالعملة الصعبة، هذا بالإضافة إلى ما سيحدث بعد العيد من نقص هائل بالنسبة لحاجيات البلاد من اللحوم، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وهذا كله بسبب سنوات الجفاف الأخيرة التي مرت ببلادنا، والتي جعلتنا نعلن السنة المنصرمة سنة كارثة وطنية".

وأوردت الرسالة "معلوم أن ذبح الأضحية، إذا كان سنة مؤكدة، فإن إقامتها في هذه الظروف الصعبة لمن شأنه أن يتسبب في ضرر محقق، بسبب ما سينال الماشية من إتلاف، وما سيطرأ على أسعارها من ارتفاع يضر بالغالبية العظمى من أبناء شعبنا، لا سيما ذوي الدخل المحدود منهم".

وأشارت الرسالة إلى أنه من القواعد الشرعية أنه "إذا تعارض ضرران ارتكب أخفهما، وأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأن المشقة تجلب التيسير، وأن القاعدة العظمى هي ما ورد في قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج".

إلغاء عيد الأضحى عام 2025

في 26 فبراير 2025، أعلن الملك محمد السادس، في رسالة ملكية تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلغاء شعيرة ذبح الأضحية لهذا العام، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها في عهده.

وجاء في الرسالة الملكية: "شعبي العزيز، لقد حرصنا، منذ أن تقلدنا الإمامة العظمى، مطوقين بالبيعة الوثقى، على توفير كل ما يلزم لشعبنا الوفي للقيام بشروط الدين، فرائضه وسننه، عباداته ومعاملاته، على مقتضى ما من الله به على الأمة المغربية من التشبث بالأركان، والالتزام بالمؤكد من السنن، والاحتفال بأيام الله، التي منها عيد الأضحى، الذي سيحل بعد أقل من أربعة أشهر".

وأضاف أن "الاحتفال بهذا العيد ليس مجرد مناسبة عابرة، بل يحمل دلالات دينية قوية، تجسد عمق ارتباط رعايانا الأوفياء بمظاهر ديننا الحنيف وحرصهم على التقرب إلى الله عز وجل وعلى تقوية الروابط الاجتماعية والعائلية، من خلال هذه المناسبة الجليلة".

ولفت إلى أنه "حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية، ولهذه الغاية، وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود".

وذكر أنه "من منطلق الأمانة المنوطة بنا، كأمير للمؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاما بما ورد في قوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة. وسنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيرا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: "هذا لنفسي وهذا عن أمتي".

وأهاب بالمغاربة أن "تحيي عيد الأضحى إن شاء الله وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب".

للإشارة، كشف أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، يوم الخميس 13 فبراير الجاري، أن "القطيع الوطني تراجع ب38 في المائة مقارنة بسنة 2016".