وسط تنافس إقليمي محتدم.. المغرب يعزز موقعه في "مؤشر تسهيل التجارة" 2025

بشرى الردادي

شهد المغرب تحسنا ملحوظا في "مؤشر تسهيل التجارة" العالمي لعام 2025، الصادر حديثا عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)؛ حيث سجل تقدما في تصنيفه العالمي والإقليمي، بفضل الإصلاحات المستمرة التي تهدف إلى تعزيز كفاءة المعاملات التجارية عبر الحدود.

التصنيف العالمي

ووفقا لتقرير المنظمة، احتل المغرب المرتبة 48 عالميا من بين 163 دولة شملها المؤشر، متقدما بثلاثة مراكز مقارنة بتصنيف عام 2023.

وسجل المصدر نفسه أن هذا التقدم يعكس التحسن المستمر في بيئة الأعمال المغربية، خاصة في ما يتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، ورقمنة العمليات التجارية، وتعزيز التعاون بين المؤسسات المعنية بالتجارة، مضيفا أن هذه الجهود ساعدت في تقليل التعقيدات الإدارية وخفض تكاليف التجارة؛ مما ساهم في تحسين تنافسية المغرب على المستوى الدولي.

وعلى الصعيد العالمي، لا تزال الدنمارك تحتل الصدارة في المؤشر، تليها لوكسمبورغ والنرويج وسويسرا وهولندا؛ حيث تتميز هذه الدول بأعلى مستويات الكفاءة في تسهيل التجارة، بفضل الرقمنة المتقدمة، والإجراءات الجمركية المبسطة، ومستوى الشفافية العالي.

الترتيب عربيا وإفريقيا

وفي التصنيف العربي، جاء المغرب في المرتبة الثالثة بعد كل من الإمارات العربية المتحدة (المرتبة 43 عالميا)، وسلطنة عمان (المرتبة 46 عالميا)، متفوقا على قطر (المرتبة 50 عالميا)، والسعودية (المرتبة 53 عالميا)، وتونس (المرتبة 57 عالميا).

ويعكس هذا الترتيب نجاح المغرب في تنفيذ إصلاحات هيكلية جعلت بيئة التجارة أكثر كفاءة مقارنة ببعض الدول العربية الأخرى، التي لا تزال تعاني من تعقيدات إدارية أكبر.

أما على الصعيد الإفريقي، فحل المغرب في المرتبة الثانية بعد جنوب إفريقيا (المرتبة 45 عالميا)، متفوقا على دول مثل كينيا (المرتبة 60 عالميا)، ونيجيريا (المرتبة 75 عالميا)، ومصر (المرتبة 79 عالميا).

ويعكس هذا التفوق القاري الدور البارز الذي يلعبه المغرب كبوابة للتجارة بين إفريقيا وأوروبا، خاصة بعد تعزيز البنية التحتية اللوجستية وإبرام اتفاقيات تجارية إقليمية جديدة.

معايير التصنيف

وأوضح التقرير أن تصنيف الدول في مؤشر تسهيل التجارة العالمي يستند إلى عدة معايير رئيسية تهدف إلى تقييم مدى سهولة وكفاءة العمليات التجارية عبر الحدود. ومن بين هذه المعايير؛ معيار "التعاون بين الوكالات الحدودية الذي يقيس مدى التنسيق بين الجمارك والمؤسسات الحكومية الأخرى، ومدى سهولة تبادل المعلومات بين الجهات المختلفة؛ حيث أظهر المغرب تحسنا ملحوظا في هذا المجال، بفضل اعتماد استراتيجيات جديدة لتوحيد الجهود الجمركية، وتقليل زمن الإفراج عن البضائع"، ومعيار "الرقمنة وتبسيط الإجراءات الذي يقيس مستوى تبني الدول للأنظمة الرقمية في تسهيل العمليات الجمركية، وهو الجانب الذي سجل فيه المغرب نقاطا جيدة، خاصة مع تعزيز استخدام نظام الشباك الوحيد، الذي يتيح إنجاز المعاملات التجارية إلكترونيا".

ومن بين المعايير، أيضا، معيار "الشفافية وتوافر المعلومات الذي يتضمن مدى وضوح الإجراءات التجارية، ونشر القوانين واللوائح الجمركية عبر الإنترنت؛ حيث استفاد المغرب من تطوير منصات إلكترونية متاحة للمستثمرين والتجار؛ مما أسهم في تقليل الشكاوى المرتبطة بالغموض الإداري"، بالإضافة إلى معيار "تكلفة التجارة والرسوم الجمركية الذي يقارن تكاليف الاستيراد والتصدير بين الدول. ورغم تحسن ترتيب المغرب، لا تزال هناك بعض التحديات المرتبطة بتكاليف الشحن والخدمات اللوجستية"، فضلا عن "المدة الزمنية اللازمة لإنجاز المعاملات الجمركية؛ حيث يتم تقييم الوقت الذي تستغرقه الإجراءات الجمركية، وقد نجح المغرب في تقليص زمن الإفراج عن البضائع؛ مما عزز تصنيفه في هذا المجال".

توصيات

ورغم التقدم الذي أحرزه المغرب في تصنيف "مؤشر تسهيل التجارة" العالمي لعام 2025، لا تزال هناك تحديات يمكن التغلب عليها لتعزيز موقعه في المستقبل.

ويوصي التقرير بضرورة تحسين البنية التحتية اللوجستية، خاصة في الموانئ والمطارات، لمواكبة الزيادة المستمرة في حركة التجارة الدولية. كما ينبغي تعزيز التحول الرقمي وتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات الجمركية لتحسين الكفاءة التشغيلية.

وعلى المستوى الإقليمي، أبرز المصدر نفسه أن المغرب يمتلك فرصة لتعزيز تعاونه التجاري مع الدول الإفريقية في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، والتي يمكن أن تمنحه ميزة تنافسية إضافية.