مجلس الأمن يعيد النقاش حول الصحراء المغربية: ثلاث رسائل أمريكية ودعوة لتهدئة إقليمية

دي ميستورا
بشرى الردادي

قدم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، أول أمس الاثنين، إحاطة رسمية، أمام مجلس الأمن الدولي، أكد فيها عدم تحقق أي تقدم ملموس، إلى حدود الساعة، بشأن التوصل إلى حل دائم ومتفق عليه للنزاع، مجددا دعوته لانخراط فاعل من الأطراف الإقليمية والدولية لتجنب خطر التصعيد.

تطورات دبلوماسية لافتة

وسلط دي ميستورا الضوء على تطورين مهمين، خلال أبريل الجاري؛ أولهما زيارة وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إلى واشنطن، في 8 أبريل الجاري؛ حيث أكد نظيره الأمريكي، ماركو روبيو، في بيان مشترك، التزام بلاده بمبادرة الحكم الذاتي الجاد، في سياق تأكيد واضح لإعلان الرئيس دونالد ترامب، عام 2020، مشددا على ضرورة أن يكون الحل "متوافقا عليه بشكل متبادل"، وهو ما أكدت أمريكا أنها ستعمل بنشاط على تسهيله.

في المقابل، أشار المبعوث الأممي إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إلى الجزائر، في 6 أبريل، والتي جاءت عقب اتصال هاتفي بين الرئيسين الجزائري والفرنسي، عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، وإن لم تتناول مباشرة ملف الصحراء المغربية.

تحذير من التوتر الإقليمي

وسجل دي ميستورا أن استمرار انعدام الاتصال بين الجزائر والمغرب، وإغلاق الحدود، والتوترات المتصاعدة، وارتفاع مشتريات الأسلحة في المنطقة، كلها عوامل تُهدد بإمكانية نشوب صراع إقليمي.

كما اعتبر أن التوترات الراهنة ترتبط، مباشرة، بالبيئة السياسية التي تسعى الأمم المتحدة إلى العمل ضمنها لتيسير حل سياسي لقضية الصحراء المغربية.

ثلاث رسائل أمريكية

وفي خضم زيارته للمنطقة، توقف المبعوث الأممي عند ثلاث رسائل تلقاها من الجانب الأمريكي خلال لقاء بوريطة. أولا؛ ضرورة أن يكون الحكم الذاتي "جادا"، وهو ما ينسجم مع قناعته وطلبه حول شرح مبادرة الحكم الذاتي المغربية بمزيد من التفصيل. ثانيا؛ وجوب الوصول إلى حل "مقبول للطرفين"؛ ما يستدعي حوارا مباشرا وآلية موثوقة. ثالثا؛ عزم الإدارة الأمريكية الجديدة على الانخراط، مباشرة، في تسهيل الحل المتفق عليه، تحت إشراف الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبدعم من دي ميستورا نفسه.

ودعا المتحدث نفسه، في هذا الإطار، إلى الاستفادة من الزخم القائم لإحداث تقدم فعلي، مشيرا إلى أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة لتقييم مدى توفر الإرادة لإطلاق خريطة طريق نحو الحل.

لقاء الأطراف

وخلال الأسابيع الماضية، أجرى دي ميستورا زيارات إلى الرباط، ونواكشوط، وتندوف، والجزائر؛ حيث التقى بالمسؤولين المغاربة، وما يسمى بقيادة جبهة البوليساريو الوهمية، إلى جانب الوزير الجزائري، أحمد عطاف، والرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزواني، ووزير خارجيته، محمد سالم مرزوق، مشيرا إلى أن هذين الأخيرين أبديا استعدادهما لدعم أي تقدم سياسي بشأن الملف، في روح من "الحياد الإيجابي".

مخيمات تندوف

وفيما يخص الوضع على الأرض، أكد دي ميستورا أن ممثل الأمين العام الخاص، ألكسندر إيفانكو، سيقدم عرضا مفصلا باسم بعثة المينورسو، مشيدا بجهودها رغم التحديات والصعوبات المالية؛ حيث أكد أن دعم المجلس للبعثة يظل ضروريا لتهيئة أي مرحلة أولى من الحل السياسي.

كما لفت إلى الأوضاع الإنسانية الحرجة في مخيمات تندوف، محذرا من تقليص الحصص الغذائية، والتي قد يتم وقفها نهائيا خلال الصيف، ما لم يتم توفير تمويل جديد، بحسب تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي.

شهادات من الجيل الشاب

وفي زيارة له للمخيمات، التقى المبعوث الأممي بممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات النسائية؛ حيث استمع إلى شهادات مؤثرة؛ أبرزها قول شابة وُلدت في المخيمات: "عندما أموت، لا أريد أن أُدفن هنا. أريد أن أرى وطني، وأن أُدفن هناك"؛ حيث وصف وقع هذه الكلمات بـ"العاطفي والمؤلم"، مؤكدا أن الجيل الشاب يزداد تململا مع مرور الوقت.

وعلى وقع كلماتها العاطفية، سجل دي ميستورا أهمية المشاركة الكاملة والفاعلة للنساء الصحراويات في العملية السياسية، باعتبارها عنصرا أساسيا في أي مسار يحدد مستقبل شعبهن.

الذكرى الخمسون

وفي الختام، أشار المبعوث الأممي إلى أن عام 2025 يصادف الذكرى الخمسين لإدراج قضية الصحراء المغربية على جدول أعمال الأمم المتحدة، داعيا إلى اعتبار الأشهر المقبلة فرصة حاسمة للاستفادة من الاهتمام المتجدد لبعض أعضاء مجلس الأمن – بمن فيهم الأعضاء الدائمون – للمساهمة في تهدئة الأوضاع وبلورة حل نهائي، مع الإشارة إلى أن جلسة أكتوبر المقبلة قد تشكل مفترق طرق مهم، قبل أن يختم بالقول: "إصراري على تسهيل هذا المسار، بموافقة الأمين العام، لا يزال قائما".