بدليل وطني موحد.. المغرب يعزز تحقيق العدالة الجنائية

بشرى الردادي

أعلن الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، اليوم الأربعاء، بمراكش، عن إطلاق وثيقة مرجعية جديدة تهدف إلى توحيد مناهج العمل وتجويد أداء النيابات العامة ومصالح الشرطة القضائية، من خلال اعتماد ممارسات فضلى في تدبير الأبحاث الجنائية، وضمان حماية حقوق الإنسان، وخصوصا النساء والأطفال، وتيسير ولوج المواطنين إلى العدالة الجنائية وتعزيز الثقة فيها، وذلك في كلمة ألقاها بمناسبة اللقاء الوطني لتقديم الدليل العملي حول تجويد الأبحاث الجنائية، المنعقد يومي 23 و24 أبريل الجاري.

مسار إعداد الدليل وتفعيل توصيات لقاء مراكش 2023

وأوضح الداكي أن هذا الدليل جاء تتويجا لمسار انطلق منذ ختام الدورات التكوينية حول العدالة الجنائية، التي أُنجزت أشغالها بلقاء تنسيقي بمراكش، في نونبر 2023.

وتابع أنه في إطار تنفيذ مخرجات تلك اللقاءات، تم تشكيل خلية مركزية تضم ممثلين عن رئاسة النيابة العامة، والمديرية العامة للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، وقيادة الدرك الملكي، والتي انكبت على إعداد هذا الدليل العملي، الذي يقدم تصورا موحدا ومتكاملا لكيفية تدبير الأبحاث الجنائية.

آليات التنسيق الميداني وجهود التفعيل الجهوي والمحلي

وفي إطار تعزيز التنسيق بين النيابات العامة ومصالح الشرطة القضائية، أشار الوكيل العام للملك إلى إصدار الدورية رقم 07/س/ر.ن.ع/2024، بتاريخ 15 مارس 2024، والتي نصّت على إحداث لجان جهوية ومحلية على مستوى محاكم الاستئناف والابتدائية، تضم مختلف المتدخلين المعنيين.

وأضاف الداكي أن هذه اللجان عقدت اجتماعات منتظمة كل ثلاثة أشهر، خُصصت لتشخيص وضعية إنجاز الشكايات والمحاضر ورصد الصعوبات الميدانية وإيجاد حلول ناجعة لها.

وأبرز رئيس النيابة العامة أنه بحسب التقارير المتوصل بها من هذه اللجان، تم تسجيل تحسن ملحوظ في الأداء؛ حيث بلغت نسبة إنجاز الشكايات، خلال سنة 2024، ما يعادل 88 في المائة (484.066 من أصل 565.874)، بينما تم إنجاز 94 في المائة من المحاضر (2.179.746 من أصل 2.324.109). كما أُحرز تقدم كبير في احترام الآجال المتوافق بشأنها لإنجاز الشكايات (ثلاثة أشهر)، والمحاضر (شهران)، بفضل اعتماد مقاربات استباقية ومنهجيات تدبيرية فعالة.

دعم الاستمرارية والتوصيات الجديدة

وثمّن الداكي المجهودات المبذولة من طرف اللجان التنسيقية الجهوية والمحلية، داعيا إلى الاستمرار في نفس النهج، مع استحضار مضامين الدورية الجديدة رقم 02/ر.ن.ع/س/ق1/2025، الصادرة بتاريخ 27 مارس الماضي، والتي تهدف إلى تعزيز فعالية عمل هذه اللجان وتجويد تقاريرها الدورية.

مرجعية حقوقية ومعايير دولية في صلب الدليل الجديد

وأكد الوكيل العام للملك أن الدليل العملي يرتكز على التحولات العميقة التي شهدتها منظومة العدالة الجنائية بالمملكة، واستلهاما لمبادئ دستور 2011، وقانون المسطرة الجنائية، والمعايير والمبادئ الدولية ذات الصلة.

وأوضح الداكي أنه جرى إعداد الدليل وفقا لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن دور أعضاء النيابة العامة، ومدونة سلوك موظفي إنفاذ القانون، وكلها وثائق تشدد على صون الكرامة، واحترام قرينة البراءة، وحق الدفاع والمحاكمة العادلة، كما تحث على الشفافية والنزاهة والمساءلة في إجراءات البحث والتحري والتحقيق.

تفعيل تدريجي ومواكبة ميدانية

وأشار المتحدث نفسه إلى أن تقديم هذا الدليل العملي لا يمثل نهاية جهود التنسيق، بل نقطة انطلاق لمواكبة تفعيله عبر دورات تكوينية جهوية تهدف إلى دمج توصياته في الممارسات اليومية للنيابة العامة ومصالح الشرطة القضائية.

كما دعا الداكي جميع المسؤولين إلى الالتزام بمضامين الدليل وتقديم ملاحظاتهم واقتراحاتهم العملية، ضمانا لتحسين الأداء وتجاوز التحديات الميدانية.