شدّد الدكتور أنوار بنعلي، قائد نظرية التركيب الإلكتروني عالية الأداء في شركة "كيوبت للأدوية" (Qubit Pharmaceuticals)، على أن الاستفادة الحقيقية من قدرات الحوسبة الكمومية، خاصة في مجالات معقدة مثل اكتشاف الأدوية، تستلزم أولا تحديدا دقيقا للمشكلات التي تستدعي هذه القوة الحاسوبية الهائلة، وثانيا، بناء جيل من العلماء والمهندسين القادرين على تطويع هذه الأدوات بفعالية.
جاء ذلك، خلال مشاركته في جلسة نقاشية حول "مستقبل الحوسبة الكمومية وتطبيقاتها العملية في صناعات التكنولوجيا العميقة"، التي عقدت ضمن فعاليات قمة التكنولوجيا العميقة 2025 بمدينة بن جرير، يومي الخميس والجمعة، من الأسبوع الجاري.
وأوضح الدكتور بنعلي، الذي استعرض خبرته الواسعة المكتسبة من عمله السابق كأحد العلماء الرئيسيين في مختبر أرجون الوطني بالولايات المتحدة، أن شركته "كيوبت للأدوية" تنظر إلى مختلف أنواع الحواسيب، سواء أكانت تقليدية بوحدات معالجة مركزية (CPU) ورسومية (GPU) أو كمومية بوحدات معالجة كمومية (QPU)، باعتبارها "وسيلة لحل المشكلة" الجوهرية المتمثلة في فك شفرات الكيمياء المعقدة التي تقف وراء ابتكار أدوية جديدة.
وأشار إلى أن الحواسيب الكمومية تتميز بقدرتها على معالجة المشكلات ذات التعقيد الأسي، مثل فهم تفاعلات الأكسدة الحيوية أو تصميم بطاريات أكثر كفاءة، وهي مهام تستهلك كميات طاقة هائلة وتتطلب قدرات فائقة تتجاوز غالبا إمكانيات الحواسيب العملاقة التقليدية.
وفي تحذير مهم للمؤسسات البحثية والصناعية، أكد بينالي على ضرورة عدم الانتظار حتى تصبح الحواسيب الكمومية مثالية وخالية تماما من الأخطاء لبدء الاستثمار في الكفاءات البشرية.
وأبرز أنه "إذا لم ننشئ الجيل القادم القادر على استخدام الحاسوب الكمي، فعندما يصل الحاسوب الكمي إلى مرحلة الاستخدام، ستظلون تكافحون لتحدي مشكلتكم وبناء الأدوات اللازمة لحلها".
ونبه إلى أهمية الحفاظ على المهارات الأساسية في علوم الحاسوب والبرمجة العميقة التي تتجاوز مجرد استخدام المكتبات البرمجية الجاهزة، وذلك لتمكين الباحثين من ترجمة المشكلات العلمية المعقدة إلى نماذج وحلول حسابية فعالة ومحسنة، وهو ما يعد حجر الزاوية للاستفادة القصوى من أي بنية تحتية حاسوبية متقدمة.