في هجوم لاذع، كشف عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عن سلسلة من الاتهامات الثقيلة للحكومة، تتعلق بـ"تزايد حالات تنازع المصالح وطغيان المحسوبية الحزبية في إسناد الصفقات والدعم العمومي".
جاء ذلك خلال ندوة صحفية عقدها، أمس الخميس بالرباط، والتي كانت مخصصة بالأساس للحديث عن ملتمس الرقابة، إلا أن بوانو استغلها لتفجير قضايا وصفها بأنها تكشف عن "ممارسات مشبوهة وتفضيلية".
واستهل بوانو اتهاماته بقطاع الطاقة، مشيرا إلى استفادة شركات "إفريقيا غاز" من صفقة الغاز الطبيعي المسال بمنطقة تندرارة.
وفصل في هذا الملف كاشفا عن تمكين الشركة البريطانية "ساوند إينرجي" من قرار إسقاط التزامات ضريبية تقدر بـ36 مليون دولار، وقيام شركة "إفريقيا غاز" باقتناء 9.8% من رأسمال "ساوند إينرجي" في بورصة لندن، والتزامها بتمويل جزء كبير من مشروع تندرارة بقروض تصل إلى 18 مليون دولار.
وأضاف أن الأمر يتعلق بتوقيع عقد استراتيجي وصفه بـ"الامتياز الذي يؤسس لشراكة ذات طابع احتكاري تمتد لعقود طويلة الأمد"، مما مكن "إفريقيا غاز" من الظفر بصفقة استغلال حقل تندرارة، وبشكل حصري، لبيع وتوزيع الغاز الطبيعي المستخرج منه لمدة 10 سنوات، بمعدل 100 مليون متر مكعب سنويا.
واتهم "إفريقيا غاز" باستغلال طول السلسلة الغازية بالمغرب، من التنقيب والاستغلال إلى التخزين والتوزيع والبيع، وهو ما اعتبره ممارسات احتكارية.
وتطرق بوانو إلى استفادة "شركات أكوا" من صفقة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء – سطات بقيمة 6.5 مليارات درهم، واستفادة "إفريقيا غاز" من صفقة أخرى بقيمة 2.44 مليار درهم لتزويد المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالفيول لمحطتي المحمدية وطانطان، بكميات تبلغ 350 ألف طن و90 ألف طن على التوالي.
وانتقد بوانو بشدة "دفاع رئيس الحكومة عن شركته باعتبارها قدمت أفضل عرض مالي وتقني"، متهما إياه صراحة بـ"استغلال منصب رئيس الحكومة لتحقيق مكاسب اقتصادية لشركة خاصة وتعزيز نفوذها في السوق المحلي".
وفي قطاع الصحة، أشار رئيس مجموعة "المصباح" إلى "إلغاء صفقات لفائدة شركات زرقاء"، مستدلا باعتراف وزير الصحة في جلسة دستورية بإلغائه لصفقات قال إنها قطعت جميع المراحل المؤطرة بالقانون، دون أن يقدم تبريرا واضحا لهذا الإلغاء، وهو ما اعتبره بوانو ضربا لمبدأ استمرارية المرفق العام.
وتحدث عن "إلغاء صفقات المناولة في مجالي الحراسة والنظافة داخل المديريات الجهوية على حساب تلك القائمة بالمراكز الاستشفائية والمندوبيات الإقليمية، وتخصيص مبالغ مالية ضخمة لها، مع اشتراط مستوى دراسي للعاملين في الحراسة"، الأمر الذي رأى فيه "إقصاء ممنهجا للمقاولات الصغيرة والمتوسطة".
ملف آخر أثاره بوانو يتعلق بما وصفه بـ"استفادة شركات زرقاء من الدعم العمومي لاستيراد الأبقار والأغنام".
وأوضح في هذا السياق أن "40% من الشركات المستوردة تم إحداثها بعد دخول تدابير الدعم وإعفاء رسوم الاستيراد حيز التنفيذ"، وأن "مجموعة من الشركات المستوردة قامت بتغيير أنظمتها الأساسية بعد الإعلان عن إجراءات الدعم لإدراج نشاط استيراد وتسويق الحيوانات الحية ضمن غرضها الاجتماعي".
وألمح إلى وجود "انتماء مسيري الشركات المستوردة لنفس الشبكات العائلية الموسعة"، فضلا عن "استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه (الفصل 36) من بعض المستوردين الذين كانوا على علم بإجراءات الدعم قبل اعتمادها".
ولم يسلم قطاع الصيد البحري من سهام نقد بوانو، الذي تحدث عن "فساد يهدد باستنزاف غير مسبوق للثروة السمكية".
واستشهد بـ"إعلان وزيرة بالحكومة عن استفادة عضو من حزب رئيس الحكومة من 11 مليون درهم كدعم"، معتبرا ذلك "استغلالا تاما للسلطة لتحقيق مصالح ذاتية وحزبية".
ولفت الانتباه إلى الارتفاع الصاروخي لأسعار سمك السردين، الذي يعد من الأسماك الشعبية الأساسية، ليتجاوز عتبة 30 درهما للكيلوغرام، مرجعا ذلك جزئيا إلى "تحكم شبكات في العرض والطلب للأسماك واستغلال ضعف الرقابة"، مما يؤدي إلى نقص حاد في الأسواق المحلية وارتفاع الأسعار.
واتهم بوانو "منح تراخيص للصيد بمختلف مستوياته بمحسوبية وزبونية تحقيقا للانتماء الحزبي"، و"الضغط على العاملين بقطاع الصيد البحري بكل الوسائل لدعم حزب رئيس الحكومة"، مشيرا إلى "سيطرة مجموعة من المصالح المتشابكة بين كبار المستثمرين، والمضاربين، والمهربين، مما يجعل المواطن العادي غير قادر على الاستفادة من الثروة السمكية".