يهدد قرار إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمنع تسجيل طلاب أجانب في جامعة هارفرد العريقة في الولايات المتحدة، بإلحاق المزيد من الضرر بالقوة الناعمة الأمريكية.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، في يناير الماضي، انخرط ترامب في معركة أيديولوجية ترمي إلى إنهاء عقود من البرامج التي تروج للتنوع في الولايات المتحدة وخارجها.
وأمر الرئيس الجمهوري باقتطاعات ضخمة للمساعدات الخارجية الأمريكية مستهدفا الأبحاث الجامعية؛ ما أثار مخاوف بشأن هجرة العقول، وإغلاق عدد من وسائل الاعلام؛ مثل إذاعة "صوت أمريكا" التي علقت بثها الآن.
كما استهدف مؤسسة سميثسونيان الثقافية في واشنطن، التي اتهمها باعتماد "أيديولوجيا مضرة"، ومركز كينيدي الثقافي المرموق في العاصمة الفدرالية.
ويشير مفهوم "القوة الناعمة" الذي وضعه في ثمانينات القرن الماضي عالم السياسة الأمريكي الشهير، جوزيف ناي، الذي توفي، مطلع ماي الجاري، إلى دبلوماسية التأثير أو الجذب في مواجهة سياسة الضغط.
لكن منتقدي ترامب يرون أن هذه القرارات، بالإضافة إلى الحرب التجارية، تضر بصورة الولايات المتحدة في الخارج وبقدرتها على الجذب، حتى أنها تؤثر على قدوم السياح إلى الولايات المتحدة.
وفي معرض انتقادها للقرار الذي يستهدف جامعة هارفرد، رأت السيناتور الديموقراطية، جين شاهين، أن "الطلاب الأجانب يساهمون في اقتصادنا، ويدعمون الوظائف في الولايات المتحدة، ويشكلون أكثر أدواتنا فعالية في مجال الدبلوماسية والقوة الناعمة".
وأضافت شاهين، في بيان، أن "هذا العمل المتهور يسبب ضررا دائما لنفوذنا العالمي".
وتخرج من جامعة هارفرد رئيس الوزراء الكندي الحالي، مارك كارني، والرئيس التايواني، لاي تشينغ تي.
وحصلت الجامعة الأمريكية المرموقة على مهلة مؤقتة، يوم أمس الجمعة، عندما علقت المحكمة تنفيذ القرار الذي أثار الذعر في العالم.
وتستقطب الجامعات الأمريكية مئات الآلاف من الطلاب الأجانب سنويا، لاسيما من آسيا.
وفي العام الدراسي 2024-2025، تسجل نحو 1,126,690 طالبا أجنبيا في الجامعات الأمريكية، وهو عدد قياسي، بحسب بيانات معهد التعليم الدولي.
وتأتي الهند في مقدمة الدول، ثم الصين، وتليها كوريا الجنوبية، خصوصا في مجالات الرياضيات، وعلوم الكمبيوتر، والهندسة.
وسرعان ما صدرت ردود فعل منتقدة للقرار، خصوصا في بكين، في ظل تنافس شرس بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في العالم.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، يوم أمس الجمعة: "لطالما عارض الجانب الصيني تسييس التعاون التعليمي"، معتبرة أن القرار "لن يؤدي إلا إلى الإضرار بصورة الولايات المتحدة ومكانتها الدولية".
من جهتها، دعت السلطات في هونغ كونغ، اليوم السبت، الجامعات في المدينة الصينية، إلى استقبال "عدد كبير من الطلاب من كل أرجاء العالم". ووعدت باعتماد تدابير تسهيلية لتسجيلهم.
وتعتقد إدارة ترامب أن الجامعات الأمريكية، بما فيها هارفرد، أصبحت حاضنة للأفكار اليسارية المتطرفة والتقدمية، مشيرة إلى وجود هدر كبير في برامج التنوع غير الضرورية.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أول أمس الخميس: "لديك ابن رائع حقق نجاحا باهرا، ثم ترسله إلى هارفرد، ويعود الابن إلى المنزل... وهو بالتأكيد على استعداد لأن يكون ناشطا يساريا رائعا، لكنه قد لا يتمكن من الحصول على وظيفة".
وفي جلسة استماع في الكونغرس، خلال الأسبوع الجاري، قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الذي تعرض لانتقادات بسبب خفض المساعدات الخارجية، إن الأمر لا يتعلق "بالقضاء على السياسة الخارجية الأمريكية أو الانكماش نحو الداخل"، بل بتحقيق أكبر مقدار من الفائدة للمساعدات تحت شعار "أمريكا أولا".