في إنجاز لافت للسينما المغربية، حصد الفيلم القصير "L’mina" لمخرجته راندا معروفي جائزة Leitz Cine Discovery لأفضل فيلم قصير، وذلك ضمن فعاليات الدورة الرابعة والستين لأسبوع النقاد (La Semaine de la Critique) الموازي لمهرجان كان السينمائي لعام 2025.
ويعد هذا التتويج الأول من نوعه لفيلم مغربي في تاريخ أسبوع النقاد.
الفيلم، الذي يصنف كعمل تجريبي-وثائقي ولا تتجاوز مدته 26 دقيقة، لم يكن حضوره في المهرجان مجرد مشاركة فنية، بل حمل رسائل تضامنية.
فعقب عرضه، وأثناء اعتلاء فريق العمل للمنصة، برز التضامن مع القضية الفلسطينية بشكل واضح حين تحدثت المخرجة راندا معروفي عن القضية الفلسطينية، ليرفع الفنان أمين مقلش العلم الفلسطيني في قلب فرنسا.
ولم يقتصر التعبير عن هذا الموقف على رفع العلم، بل امتد ليشمل أزياء فريق العمل.
إذ ارتدى أعضاء الفريق سترات مستوحاة من "الكومبليزو"، وهو زي عمال مفاحم جرادة الشهير، وكتبت على ظهورها عبارات من بينها: "سنبقى"، "من البحر إلى النهر"، و"راجعين يا هوى"، مؤكدين بذلك على رسالة الفيلم وارتباطه بقضايا الإنسان والأرض.
وحملت السترات، لوني الأبيض والأسود في إشارة إلى "الكوفية الفلسطينية".
وفي تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أوضح الفنان أمين مقلش أن "L’mina" هو "فيلم تجريبي اشتغلت عليه المخرجة راندا معروفي لسنوات، انطلاقا من دراسة ميدانية معمقة، استعملت فيه تقنيات حديثة".
وأضاف أن "أحداث الفيلم مستلهمة من واقع مدينة جرادة، متتبعة تاريخ استغلال الفحم منذ بدايات القرن العشرين، مرورا بتأسيس شركة مفاحم المغرب، ثم الحراك الاجتماعي الذي شهدته المنطقة وما تلاه، مسلطا الضوء بشكل خاص على عمال "الساندريات" الذين استمروا في العمل بعد الإغلاق الرسمي للمناجم".
وشدد مقلش على أن "الفيلم لا يقدم موقفا معينا، بل يعيد تركيب الأحداث ويترك للمشاهد فرصة التساؤل والتفكير في حلول محتملة، كما يمنح الجهات المعنية فرصة للتفكير في بدائل وحلول للواقع المشار إليه".
وحول مشاركته الشخصية في العمل، كشف مقلش عن مشاركته في "أحد مشاهد الحراك الذي عرفته جرادة"، وتقديمه للتعليق الصوتي، بالإضافة إلى توليه إدارة الكاستينغ ومساهمته في كتابة التعليق.
وأشار إلى أن ما يميز الفيلم هو اعتماده بشكل كبير على أبناء المنطقة، حيث "شارك عمال سابقون بمفاحم المغرب والساندريات حاليا، وأبناء المدينة من فنانين ونساء وأطفال ورجال وشباب، وهذا العمل كان فيه 92 في المئة من المشاركين فيه من جرادة".
يذكر أن جائزة Leitz Cine Discovery تعد من الجوائز المرموقة في أسبوع النقاد بمهرجان كان، وتمنح لأفضل فيلم قصير يظهر جرأة وإبداعا استثنائيين.
ويعتبر أسبوع النقاد، الذي يقام منذ عام 1962، منصة لاكتشاف الأصوات السينمائية الواعدة من مختلف أنحاء العالم، وساهم في إطلاق مسيرة العديد من المخرجين العالميين البارزين.