لم يمر سوى أقل من شهرين على توقيع ميثاق الأغلبية بحضور رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وزعماء الأحزاب المشاركة في الحكومة حتى سقط التحالف الحكومي داخل البرلمان، في أول امتحان، بسبب مشروع القانون رقم 60.17 المتعلق بتنظيم التكوين المستمر لفائدة أجراء القطاع الخاص وبعض مستخدمي المؤسسات والمقاولات العمومية والأشخاص الآخرين غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
"الباطرونا" ينجحون في تقسيم الأغلبية
قبل أن يصدر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مرسوماً بدعوة مجلس النواب ومجلس المستشارين لعقد دورة استثنائية في 22 مارس الماضي، عقد اجتماعا حضره زعماء أحزاب الأغلبية ورؤساء فرقها بالبرلمان.
وبحسب المعطيات التي حصل عليها موقع "تيل كيل عربي"، فإن هذا الاجتماع تم الاتفاق فيه على أن يتضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية مشروع قانون رقم 33.17 يغير ويتمم القانون 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، في ما يخص مساطر صعوبة المقاولة، ومشروع قانون رقم 60.17 المتعلق بتنظيم التكوين المستمر لفائدة أجراء القطاع الخاص وبعض فئات المستخدمين والأشخاص الآخرين غير الأجراء، الذين يزاولون نشاطا خاصا، كذا مشروع قانون رقم 2.15 يتعلق بإعادة تنظيم وكالة المغرب العربي للأنباء، ومشروع قانون رقم 33.06 المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وفي الوقت الذي كان العثماني يعول على مصادقة البرلمان على جميع قوانين الدورة الاستثنائية وختمها بمرسوم قبل افتتاح البرلمان في 13 أبريل، وجد نفسه أمام معارضة شديدة من طرف فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب داخل مجلس المستشارين، بخصوص مشروع القانون المتعلق بتنظيم التكوين المستمر لفائدة أجراء القطاع الخاص.
ورغم نجاح وزير التعليم الحركي سعيد أمزازي في تمرير مشروع القانون داخل لجنة الشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، بدعم من الأغلبية، إلا أن الموقف منه تغير بعد انقسام رأي مكونات الأغلبية.
ويوم الخميس 5 أبريل، أي يوم عرض مشروع القانون على الجلسة العامة من أجل التصويت عليه، وإحالته مباشرة على مجلس النواب، الذي كان بدوره قد برمج اجتماعا للجنة التعليم والثقافة يوم الجمعة الماضي، من أجل الشروع في مناقشة مشروع القانون، عرف انقساما وسط أغلبية العثماني، بعدما أعلن فريق حزب التجمع الوطني للأحرار دعمه لمطلب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بإرجاع القانون إلى اللجنة من أجل تعميق النقاش حوله.
وبحسب المعطيات التي حصل عليها موقع "تيل كيل عربي"، فإن "الباطرونا" قاموا، باتصالات مكثفة مع الأمناء العامين للأحزاب السياسيين، من أجل مساندة مطلبها دون علم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، حيث فوجئ فريق العدالة والتنمية يوم الخميس الماضي، بإعلان فريق التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية دعمها لمطلب "الباطرونا"، الشيء الذي قسم الأغلبية إلى فريقين، فريق يقوده رفاق أخنوش والحركة الشعبية، الذين وقفوا في صف "الباطرونا"، وفريق يقوده العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، إضافة إلى حزب الاستقلال، الذي أعلن في البداية تأييده التصويت على القانون، وعدم إرجاعه للجنة.
وأثناء التصويت على طلب "الباطرونا" بإرجاع مشروع القانون إلى اللجنة، من أجل تعميق النقاش حوله، اختار حزب العدالة والتنمية أن يمسك العصا من الوسط، وأعلن أنه سيختار التوجه الذي يراه الوزير مناسبا، طالما أنه ملزم بالدفاع عن الحكومة، إلا أن الوزير سعيد أمزازي فضل الصمت، ولم يعلن عن أي موقف، وهو ما جعل فريق "المصباح" والحركة الشعبية يمتنعان عن التصويت، فيما صوت التجمع الوطني للأحرار إلى جانب "الباطرونا" والأصالة والمعاصرة والكونفدرالية الديمقراطية للشغل من أجل ارجاعه.
نبيل الشيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، قال في تصريح لموقع "تيل كيل عربي"، إنه "استغرب بشدة للموقف الذي اتخذته فرق الأغلبية، خاصة فريقي الأحرار والحركة الشعبية"، معتبرا ذلك "مخالفة صريحة لميثاق الأغلبية، ولما تم الاتفاق عليه قبل عقد الدورة الاستثنائية".
من جهته، اعتبر محمد العلمي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين في اتصال مع موقع "تيل كيل عربي"، أن "ارجاع مشروع قانون إلى اللجنة من أجل تعميق النقاش حوله أمر عادي، خاصة أن الطلب تقدمت به (الباطرونا) التي لا تحسب على المعارضة، بحسبه.
مطالب "الباطرونا"
تقدم المستشارون عن فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بعدد من التعديلات على مشروع القانون، تهم بالأساس مصادر تمويل التكوين ومدته، وتركيبة المجلس الإداري لمكتب التكوين المهني وانعاش الشغل المتعلقة بالتكوين المستمر.
فعلى صعيد مدة التكوين المستمر، ينص المشروع الحكومي على حق العمال والأجراء في الاستفادة من رصيد زمني للتكوين المستمر لا تقل مدته عن يومي عمل في السنة، وطالب "الباطرونا" بحصر هذه المدة في يومين فقط، معللة ذلك بضرورة الحفاظ على السير العادي للمقاولة.
وبخصوص تركيبة المجلس الإداري المكلف بالإشراف على التكوين المستمر، فقد نص المشروع الحكومي على أن تضم تركيبته إضافة إلى رئيسه، 16 عضوا، منهم 8 يمثلون الإدارة، وأربعة ممثلين عن المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلية، وأربعة ممثلين عن المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، فيما طالبت "الباطرونا" بأن تضم تركيبته 14 عضوا رسميا، أربعة منهم يمثلون الإدارة، وأربعة يمثلون المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلية، وأربعة يمثلون المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، وممثل واحد عن الغرف المهنية، إضافة إلى ممثل عن جمعية رؤساء الجهات.
إلى ذلك، طالب "الباطرونا" بأن تتحمل الحكومة مصاريف التكوين المستمر لفائدة الأشخاص غير الأجراء، الذين يزاولون نشاطا خاصا، كذا الأجراء الذين فقدوا عملهم.