منذ الساعات الأولى لصباح اليوم الأحد عملت السلطات الأمنية على ايقاف حركة السير بشارع محمد الخامس بالعاصمة الرباط تحسبا لانطلاق مسيرة الاحتجاج على الأحكام القضائية التي صدرت في حق العشرات من معتقلي حراك الريف.
الحضور الأمني المكتف، وسيارات الإسعاف، وعناصر الوقاية المدنية كلها علامات توشي بأن المسيرة قد تكون الأضخم من نوعها منذ صدور الأحكام القضائية في حق معتقلي الحراك.
في حدود الساعة التاسعة والنصف بدت ساحة باب الحد شبه ممتلئة بالمتظاهرين الذين حجوا من مختلف المدن المغربية، وماهي إلا دقائق حتى بدأت لجان التنظيم، التي يشرف عليها شباب أغلبهم من جماعة العدل والاحسان وبعض التنظيمات اليسارية والأمازيغية، تشتغل استعدادا لانطلاق المسيرة، حيث تمت المناداة على أحمد الزفزافي، والد المعتقل ناصر الزفزافي، المحكوم ابتدائيا بـ20 سنة سجنا نافذا لتقدم المسيرة رفقة عائلات المعتقلين، لتنطلق على إيقاع شعارات مطالبة باطلاق سراح المعتقلين.
ورفع المشاركون لافتات تندد بالاحكام التي أصدرها القضاء، وأخرى تدعو إلى عدم استخدامه في الملفات السياسية، كما حمل آخرون "نعش العدالة" إلى جانب "نعش محسن فكري"، وعماد العتابي، معتبرين أن الأحكام التي صدرت كانت مسيسة، فيما اختار عدد من المحتجين وضع سلاسل في أيديهم، والتنقل داخل "سجن متحرك"، بعدما وضعوا أقنعة على وجوههم، كتبوا عليها أسماء المعتقلين، وسنوات السجن التي حوكموا بها.
وأجمعت تصريحات المحتجين التي استقاها "تيل كيل عربي" بشكل عشوائي على وصف الأحكام التي صدرت في حق المعتقلين بالقاسية، ودعت إلى اطلاق سراحهم، واعادة الاعتبار لتنمية المنطقة.
"إبراهيم"، شاب في التلاثينات من عمره، قدم من مدينة تارودانت للمشاركة في المسيرة، أوضح، في تصريح لموقع "تيل كيل عربي"، أن إيمانه بعدالة قضية المعتقلين هي التي دفعته للمجيء والمشاركة في المسيرة، معتبرا أن مطالب حراك الريف اجتماعية واقتصادية بالأساس، مما يستدعي الاستجابة لها.
وأضاف "الملك محمد السادس تضامن مع الحراك، حينما قام بعزل عدد من الوزراء بسبب الخروقات التي عرفها مشروع الحسيمة منارة المتوسط، فلماذا يتم اعتقال شباب الحراك اليوم"؟، داعيا إلى إطلاق سراحهم، والتركيز على تنمية المنطقة.
شاب آخر، قدم من مدينة اكادير، قال لموقع "تيل كيل عربي" إن تحمله لعناء السفر، والحضور صباح اليوم للرباط يحمل رسالة واحدة وهي اطلاق سراح المعتقلين"، معتبرا مطالب الحراك اجتماعية، إلا أن الحكومة واجهتها بالاعتقالات بدل الاستجابة لها.
من جهته، اعتبر "أمين"، أحد شباب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الأحكام التي صدرت في حق معتقلي حراك الريف "جائرة"، وتستدعي مراجعتها، وإطلاق سراح المعتقلين، مشيرا إلى أن مسيرة اليوم تأتي امتدادا للوقفات والمسيرات التضامنية مع حراك الريف منذ وفاة محسن فكري.
وكانت استئنافية الدار البيضاء قد أصدرت في 26 من يونيو الماضي أحكاما، وصفت بـ"القاسية" في حق نشطاء حراك الريف، الذين اعتقل أغلبهم على خلفية مشاركتهم في مسيرة 20 يوليوز 2017 بالحسيمة، التي أصدرت الحكومة قرارا بمنعها.
ووجهت للمعتقلين تهما ثقيلة من قبيل "تدبير مؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة"، قبل أن تحكم على أربعة منهم بـ20 سنة سجنا نافذا، وهم: ناصر الزفزافي، الذي يلقب بـ"قائد حراك الريف"، ونبيل احمجيق، ووسيم البوستاتي، وسمير اغيد، فيما وزعت على باقي المتابعين أحكاما تتراوح بين سنتين و15 سنة.