على امتداد أربعة أيام من النقاشات الفكرية والأدبية، اختتمت أمس الأحد فعاليات مهرجان "ثويزا" الذي حضرته شخصيات بارزة في الساحة الثقافية، عربيا ومغاربيا.
الدورة الرابعة عشرة للمهرجان، التي حملت شعار "مستقبل الثقافة في الفضاء المغاربي"، وأقيمت ما بين 19 و22 يونيو بمدينة طنجة، أسدل ستارها، مساء أمس، كل من الروائيان واسيني الأعرج وإبراهيم الكوني، والمفكر التونسي يوسف الصديق، فضلا عن الكاتبة ألفة يوسف والناشط الأمازيغي أحمد عصيد الذي أدار جلسة الختام.
وأشاد المتدخلون بقيمة النقاشات والحضور الوازن على امتداد أربعة أيام، مركزين في نهاية الفعاليات، على دور التنشئة التعليمية للجيل الحالي من أجل استعادة الثقافة "المغيبة"، او النهوض والتنوع بها مستقبلا، رغم إكراهات وإرهاصات الوضع الراهن.
في كلمته، قال إبراهيم الكوني أن "الثقافة هي محاولة لإيجاد طريقة لأن نولد لأنفسنا وفي أنفسنا، ولأن نعرفها اولا، لنغيرها ثانيا.. ثم لنهرع الى الآخر ونتخده وسيلة لسعادتنا". وأضاف الروائي الليبي المهووس بالأمكنة، أنه عاش في دول عديدة وعايش شعوبا مختلفة كانت تزخر بقوميات متعددة تصل إلى 400 بالبلد الواحد،"لكن الثقافة أنقذتهم من التطاحن وساعدتهم على العيش والتجانس، بل والتقدم فيما بعد".
"رسالتنا اليوم أن نزرع ثقافة "التشارك والمشترك" لكي تستطيع الأجيال القادمة أن تصلي في هذا المحراب وتحت ظل السلم"، وفق الكوني.
من جهتها، ركزت الكاتبة التونسية المثيرة للجدل، ألفة يوسف، في مداخلتها الختامية، على أهمية "الوعي بأهمية المثقف"، منوهة بالجدل القائم في تونس أو غيرها من البلدان العربية، حول بعض المسائل الخلافية، الدينية بالأساس. وبالرغم من عدم الاتفاق معها، بحسب الكاتبة، إلا ان ذلك يوحي بوجود "ثورة فكرية"؛ حيث "خرجنا من حالة اللامفكر فيه سابقا، أو حتى "ما لا يمكن التفكير فيه".. ورغم الشتائم التي نتلقاها، الا أن ذلك إيجابي، لأنه لدينا ما نفكر حوله".
الكاتبة أضافت ان الحديث عن مستقبل الثقافة في الفضاء المغاربي، لا يمكن معه إغفال الحديث عن صناعة الهوية الثقافية للشباب. فهؤلاء تضيف الكاتبة، "يفكر بطريقة وبوسائل مختلفة، لأنهم ولدوا في جيل الثورة الرقمية والتكنولوجيا، وبالتالي لا يمكن أن نخاطبهم بنفس الطريقة التي تم تدريسنا بها، قبل 30 سنة".
"الآن أصبح المثقف متاحا للجميع، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي فالشباب والثقافة على مقربة من بعضهم، لا ينقصهم إلا كيفية الالتقاء"، وفق حديث ألفة.
في السياق نفسه، شدد الروائي الجزائري واسيني الأعرج على أهمية المناهج التربوية والتعليمية لدى الأطفال. وقال إنه أثناء تحضيره لأحد البحوث حول مناهج التدريس، اكتشف أن الكتب المدرسية التي يدرس بها ابنه، هي نفسها التي درس بها قبل 40 سنة. وعن خطورة هذا الأمر، أشار أن بعضها-أي الكتب- لا يفرق في بيداغوجيته بين الصياغات الأدبية والأخلاقية والتربوية، ليتساءل الروائي بعدها عن معنى إدراج البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) في الكتب الأدبية.
وفي هذا الصدد أضاف واسيني موضحا طرحه، أن صورة الأمير عبد القادر الجزائري، مثلا، تقدم في صور الكتب المدرسية بأنه "مجاهد فوق فرسه وحاملا وراءه بندقيته". هذا الأمر في نظر المتحدث إجحاف في حق التعريف بجوانب أخرى للأمير، الأدبية منها والشعرية، بالإضافة إلى إغفال دعواته وحياته المليئة بالتسامح والسلام، "كل هذا يؤثر في مخيال التلميذ والنشء، وبالتالي على مستقبل الثقافة"، وفق الروائي الجزائري.