تسبب انهيار سعر الليرة بحالة صدمة في تركيا مع تراجع القوة الشرائية للمواطنين بشكل كبير، إلا أن السياح الباحثين عن الصفقات الرابحة خلال ذروة موسم الصيف استفادوا من تدهور العملة المحلية.
وشكل زوار معظمهم من السعودية وآسيا طوابير طويلة في اسطنبول خارج متاجر العلامات التجارية الفخمة على غرار "لوي فيتون" و"شانيل" و"برادا" بعد الضربة الكبيرة التي شهدتها الليرة مقابل الدولار حيث خسرت أكثر من 16 بالمئة من قيمتها منذ يوم الجمعة.
وقال السائح السعودي ناصر النبير خارج متجر أنيق في أحد أحياء اسطنبول الراقية "كل شيء يصبح أرخص وأرخص" مضيفا "وكأنها تنزيلات بنسبة 30 بالمئة. لذا، فأنني متأثر بشكل إيجابي".
واستمتع السياح المحملين بالأكياس بمفاجأة التسوق قبل أن ترفع المتاجر الأسعار تحسبا لتراجع سعر صرف الليرة وذلك تحت أنظار الأتراك الذين يتحملون عبء الأزمة.
وتكشف الطوابير أن تدهور الليرة الذي زاد من حدته الخلاف مع الولايات المتحدة قد يعطي دفعا لصناعة السياحة التي تعد مهمة بالنسبة للبلاد والتي واجهت صعوبات كثيرة بعد الانقلاب الفاشل واعتداءات العام 2016 الإرهابية.
وادى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين الى تسريع تدهور صعر صرف الليرة التي تشهد تراجعا منذ أسابيع قبل أن تعود وتشهد بعض التحسن.
وقال السائح من قبرص زينوس ليميس إنه يتابع الأحداث المأسوية المرتبطة بالليرة عن كثب.
وقال "نتأكد من سعر الليرة كل ساعتين وهناك تغيير كبير. لذا، يعد ذلك نعمة بالنسبة للسائح الراغب في التسوق".
لكن بعض السياح اشتكوا كذلك من أنهم خسروا عندما حولوا مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية إلى العملة التركية قبيل اندلاع الأزمة.
وقال السائح الصيني كوبي وو كيجيا "أنا متفاجئ للغاية لأنني سحبت الكثير من النقود من البنك بالليرة وعندما استيقظت صباحا اكتشفت أنني خسرت قرابة مئة أو مئتي (ليرة) في ليلة واحدة". وأضاف "هذا أمر مخيف".
ويبدو أن قطاع السياحة في تركيا الذي تعرض إلى ضغوطات كبيرة جراء الهجمات وانقلاب العام 2016 الفاشل استعاد عافيته هذا العام رغم الصعوبات الاقتصادية.
ونجح القطاع في تنويع سوقه حيث ازدادت أعداد السياح من دول مثل إيران والسعودية بشكل كبير بينما انتعشت كذلك السياحة التقليدية من أوروبا.
وفي هذه الأثناء، عادت السياحة من روسيا التي تعد غاية في الأهمية بالنسبة لتركيا بعدما تأثرت سلبا جراء الأزمة السياسية بين أنقرة وموسكو اواخر عام 2015.
وأكد رئيس رابطة وكالات السياحة التركية فيروز باغليكايا أن السياحة ازدادت بنسبة 30 بالمئة في تركيا مقارنة بالعام الماضي.
وقال لوكالة أنباء الأناضول الرسمية "نتوقع تدفقا للعملات الأجنبية بقيمة 32 مليار دولار".
وأضاف "هدفنا هو استقبال 40 مليون سائح اعتبارا من 2017 وفي حال سارت الأمور دون شيء سلبي فسيتحقق هذا الهدف".
وأفادت مجموعة "توماس كوك" العملاقة لتنظيم العطلات هذا الشهر قبل بلوغ أزمة الليرة مستويات جدية أنها شهدت زيادة بنسبة 63 بالمئة في الحجوزات إلى تركيا مقارنة بالعام الماضي. واعتبر مطار أنطاليا الوجهة المفضلة بالنسبة للسياح البريطانيين الذين حجزوا عبر الشركة.
وفي حي أمينونو التاريخي في اسطنبول، أعرب السياح عن مشاعر مختلطة بشأن إجازتهم الأقل كلفة من المتوقع في تركيا.
وقالت السائحة الألمانية باربرا بينما كانت برفقة زوجها عند القرن الذهبي "من جهة، يشكل ذلك فائدة لنا (...) لكن في الجهة المقابلة، نشعر بالأسف كون البائعين في المتاجر لا يحصلون على الكثير مقارنة بقيمة (البضائع)".
من جهته، أشار السويسري مارتن بيفرار إلى إمكانية تمديد إجازته مع عائلته بفضل الفرق في أسعار العملات.
وقال "مع هذا الوضع الاقتصادي، بإمكاننا مثلا اتخاذ قرار البقاء لأسبوع إضافي أو منح أنفسنا فرصة الاستمتاع بعدة رحلات لم نكن ننوي القيام بها".