توقف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016 و2017، عند بعض مهمات مراقبة التسيير ببعض المؤسسات والقطاعات، وبينها "تدبير آليات إنتاج السكن الاجتماعي".
وكانت لقضاة المجلس الذي يرأسه إدريس جطو ملاحظات وتوصيات في ثلاث محاور، قبل فسح المجال لتقديم جواب وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
ملاءمة وانسجام آليات إنتاج السكن الاجتماعي
ففي المحور الأول المتعلق بملاءمة وانسجام آليات إنتاج السكن الاجتماعي، يقف المجلس عند الملاحظات التالية:
- منتوج السكن الاجتماعي معرف فقط من خلال آليات ضريبية.
في هذا السياق، أوضح التقرير أن تعريف السكن الاجتماعي يتم في إطار قوانين المالية، وأنه لا يوجد أي إطار تنظيمي من شأنه تحديد مفهوم هذا النوع من السكن بشكل دقيق، وهو ما يشكل مصدر غموض بالنسبة لماهية هذا المنتوج، وهذا من شأنه أن يولد أيضا مشاكل متعلقة بالعرض الخاص بالسكن الاجتماعي على المدى الطويل.
2. غياب دراسات قبلية لإحداث آليات إنتاج السكن الاجتماعي
وأوضح التقرير، على هذا المستوى، أنه تم، سنة 2008، إحداث آلية لإنتاج سكن اجتماعي سمي بـ"السكن ذي القيمة العقارية المنخفضة"، والذي لا تتجاوز قيمته 140 ألف درهم، وفي سنة 2010، تم التنصيص على دعم سكن اجتماعي بموصفات مغايرة لا تتجاوز قيمته 250 ألف درهم، وذلك دون أية دراسة قبلية من أجل ضبط هذه المنتوجات، وتحديد خصائصها من حيث الاحتياجات والعجز وطبيعة مواصفاتها التقنية غير تلك المتعلقة بالمساحة والثمن.
وزاد التقرير ملاحظات أخرى تتعلق بما يلي:
- عدم توضيح الغايات وضعف التكامل مع برامج السكن الأخرى
- ضعف انسجام آليات إنتاج السكن الاجتماعي فيما بينها
- عدم توافق الأهداف مع طبيعة الاحتياجات واعتماد غير ملائم للحوافز الضريبية
- غياب آليات تقنين العرض في مجال السكن الاجتماعي
- عدم كفاية تدابير الاستهداف والتخصيص
- إقصاء فئة من السكان من الاستفادة من السكن الاجتماعي
فعالية آليات إنتاج السكن الاجتماعي
وفي المحور الثاني المتعلق بفعالية آليات إنتاج السكن الاجتماعي، توقف التقرير عند:
- عدم تحقيق الأهداف المتوخاة وتراجع الاتفاقيات المبرمة لإنجاز وحدات سكنية ذات قيمة 140 ألف درهم
- عوائق تسويق الوحدات السكنية ذات القيمة العقارية المخفضة
- تجاوز الأهداف المرسومة بخصوص إنتاج فئة السكن بقيمة 250 ألف درهم
- صعوبة الإدماج المجالي لمشاريع السكن الاجتماعي
- إحداث جيل جديد من مشاريع الأقطاب والمدن الحضرية الجديدة لم يكن مقرونا بوضع إطار قانوني واقتصادي وحكامة جيدة تمكن من النهوض برهانات تنميته
- تصور منتوج للسكن الاجتماعي مبني على نماذج دفاتر تحملات ذات صيغة عامة وثابتة.
وفي هذه النقطة يجرد المجلس تشخيصا لواقع الحال يتمثل في عدم الأخذ بعين الاعتبار بعض التدابير العمرانية الإضافية (يغيب ممثل الإدارة المكلفة بقطاع السكنى عن اللجان التي تمنح الرخص الممنوحة في إطار مشاريع السكن الاجتماعي)، و مواصفات معمارية غير كافية وفي غالب الأحيان غير مطبقة، ومواصفات تقنية غير دقيقة.
نجاعة آليات إنتاج السكن الاجتماعي
وحول المحور الثالث المتعلق بنجاعة آليات إنتاج السكن الاجتماعي، لاحظ المجلس:
- تعبئة كبيرة للعقارات العمومية لصالح السكن مقابل تخصيص نسبة ضئيلة منها للسكن الاجتماعي
- محدودية استغلال الوعاء العقاري المعبأ
- اختلالات في الشراكات بين القطاعين العام والخاص
- نقائص في التدبير والتتبع ومراقبة عمليات السكن الاجتماعي
جواب وزير المكلف بالقطاع
وبعد تقديم توصياته لتجاوز هذه الملاحظات والاختلالات، قدم التقرير جواب وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، الذي قدم حصيلة منتوجي السكن الاجتماعي، فالبنسبة لبرنامج السكن المنخفض التكلفة (140 ألف درهم) إلى 22.865 وحدة من أصل 36.173 وحدة موضوع الاتفاقية؛ أي بنسبة 63 في المائة. أما فيما يتعلق بالسكن الاجتماعي (250.000) فقد تم عقد 1114 اتفاقية، لإنجاز 476.979 وحدة من بينها 350.310 وحدة قد تم إنجازها فعليا. وأضاف أن هذه الدينامية في الإنتاج مكنت من المساهمة في تقليص العجز السكني الذي انتقل من 800.000 وحدة سنة 2012 إلى 400.000 وحدة حاليا.
وبخصوص موضوع الفئة المستهدفة، فإن الولوج إلى السكن الاجتماعي من فئة 250.000 درهم، مشروط بعدم الملكية. أما فيما يخص المنتوج السكني المنخفض التكلفة (140.000 درهم)، فشروط الولوج تتحدد في مستوى الدخل (أقل أو يعادل مرتين الحد الأدنى الأجور)، بالإضافة لعدم الملكية.
وتماشيا مع توصيات التقرير، تعمل هذه الوزارة، يقول الوزير، على إعادة صياغة الإطار المنظم للبرنامجين، بالشكل الذي يسمح بفصلهما عن بعض من ناحية المساحة والخصائص المعمارية والعمرانية، وذلك بهدف الاستجابة للطلب المستمر والمتزايد على السكن الاجتماعي.
وأوضح أنه "بالتأكيد، يمكن بذل المزيد من المجهودات لتحقيق تحكم أفضل ونجاعة أكبر بالنسبة لهذين المنتوجين من حيث جودة التنفيذ وهي مسألة تم تناولها من خلال وضع وسائل التتبع والمراقبة"، معتبرا أن الوزارة تعتبر توصيات المجلس الأعلى للحسابات منطلقا هاما، لأجل إعادة النظر في خطط المنتوج الاجتماعي ببرنامجيه، بغية تحسين ظروف تنزيله وشروط إنجازه.