أعلن الملك محمد السادس، يوم 12 أكتوبر الجاري، خلال افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، أن "تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي لا يمكن إلا أن تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق"، معلنا أن ذلك "قد يمكّن من تعبئة، على الأقل، مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي". وبما أن سلسلة التمور في إطار المخطط الأخضر ترتكز أساسا على أراضي الجموع كان لابد من معرفة آثار هذا الخطاب على المهنيين والمستثمرين.
إنتاج "مستحسن" وكمية "قليلة"
إنتاج التمور هذا العام "ماشي جيد ولكن مستحسن"، هذا ما ذهب إليه محمد بلحسن، رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية لإنتاج التمور.
وبرر بلحسن، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، خلال مشاركته في الدورة التاسعة للملتقى الدولي للتمر بالمغرب، الذي تنتهي فعالياته اليوم الأحد، هذا التراجع في الكمية أساسا، بموجة البرد القارس في شهري فبراير ومارس، ما جعل النخيل تتأخر "وماطلّعش حتى لمارس وأبريل"، على حد تعبيره، ما أثر على المنتوج وأدى إلى أن "الجودة مابيهاش والكمية قليلة".
وقدّر رئيس فيدرالية "FIMADATTES" بأن يكون المحصول الوطني هذا العام (الجني مازال مستمرا) مابين 95 و100 ألف طن، وأوضح أنه "ناقص" عن العام الماضي (2016-2017)، وهو المنتوج الذي حددته وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في 128 ألف طن، في حين أن المعدل السنوي للإنتاج الوطني السنوي هو 117 ألف طن، عن 59640 هكتار من المساحات المزروعة.
ويعتبر بلحسن أن "القطاع لديه مستقبل في إطار المخطط الأخضر"، لأن الضيعات الجديدة التي خصصت لها الدولة 17 ألف هكتار (من أراضي الجموع) خارج الواحات ستؤدي بإنتاجها من التمور إلى أنه بعد 4 أو 5 سنوات سيشرع المغرب في التصدير إلى الخارج، في الوقت الذي لايوجد اكتفاء ذاتي من التمور حاليا.
وحول عادة عدم استهلاك التمور بكثرة بين صفوف المغاربة، يقول رئيس فيدرالية المهنيين "بصفتنا فيدرالية، نحاول أن نوصل التمر ليصبح مثل باقي الفواكه، لأن استهلاك المغربي لايصل إلى ثلاثة كيلوغرامات في العام (وزارة عزيز أخنوش تحدد الرقم في 3,25 كلغ للفرد) ولكن الهدف من كل هذه الاستثمارات ومن الفيدرالية هو أن يصل التمر إلى كل موائد المغاربة".
ولكي تصل التمور إلى كل المغاربة، لابد من وفرة الإنتاج وتثمينه والحفاظ عليه في وحدات خاصة للتبريد، وهو ما تم الشروع فيه بالفعل، في إطار المخطط الأخضر في السنوات الأخيرة، وأساسا عبر مجموعات النفع الاقتصادي. ويقول بلحسن، في هذا الإطار، "في السنوات الأخيرة شرع في تنظيم هذا القطاع، وبعد تنظيمه تم تشكيل فيدراليات ومجموعات للنفع الاقتصادي لتطوير الإنتاج وتحسينه، وشرع في تعبئته وفي الحفاظ عليه في التبريد وبجودة حسنة". وأقر هذا المسؤول عن مهنيي القطاع بمشاكل في هذا الأخير، موضحا "بالنسبة إلى المجمّعين (لمجموعة من الاستغلاليات في إطار المخطط الأخضر) لابد من صعوبات في البداية، ولكن في المستقبل سيكون الأمر أحسن".
أراضي الجموع.. المبتدأ والمنتهى
"الضيعات الجديدة التي أقيمت كلها نواحي بوذنيب أو زاكورة أغلبها أراضي الجموع والخطاب الملكي (لافتتاح الدورة الخريفية للبرلمان) أكد ما كان يسير عليه المخطط الأخضر ودعّمه وهذه الـ17 آلأف هكتار (أفق المخطط الأخضر) كلها أراضي للجموع في المنطقة"، يقول بلحسن، في تصريحه لـ"تيل كيل عربي".
من جانبه يعتبر محمد رشيد حميدي، رئيس جمعية المستثمرين لإنتاج التمور بجهة درعة تافيلالت، أن "الخطاب الملكي شجع الاستثمار الفلاحي، وتضمن إشارات قوية من بينها تثمين الوعاء العقاري". وزاد، في تصريح لـ"تيل كيل عربي": "في هذا الإطار، طرحنا ضمن التوصيات (ضمن أشغال المنتدى السابع للاستثمار في سلسلة التمور الذي تم تنظيمه ضمن فعاليات الملتقى الدولي للتمر بأرفود) لِمَ لا يتم تحفيظ أراضي الجموع ولو جماعيا وهي حوالي 17 ألف هكتار (أفق الدولة في إطار المخطط الأخضر) والتي يتم استغلال حوالي 8 آلاف هكتار منها حاليا، والتي وصل فيها المستثمرون إلى النتائج، حتى يتم الوصول إلى الأهداف المرجوة منها، لأن المستثمر سيشعر بالاستقرار والاطمئنان عندما يكون الوعاء العقاري محفظا وتعطى له الإمكانيات للاستفادة من الدعم وغيره؟".
وحول حقوق أصحاب الأراضي الجموع، قال حميدي إنها "مضمونة لأن لهم الحق في 5 هكتارات والسكان الأصليون لهذه الأراضي أصبحوا يشتغلون بشكل جدي في هذه الضيعات الفلاحية بأجور جد عالية، لأن أقل ما يمكن أن يتلقوه هو الحد الأدنى للأجور. في الوقت الذي كان الواحد منهم لا عمل له ولا أفق له في المنطقة، ولم يكن أن يجد أمامه إلا الهجرة إلى مناطق أخرى. أما الآن، فهو مستقر مع أبنائه، وبالتالي أعتقد جازما أن هذه الحقوق مضمونة بطريقة غير مباشرة"، على حد تعبيره.