تدفع حكومة سعد الدين العثماني بأن "إصلاح" نظام المقاصة يهدف إلى تحقيق هدفين رئيسين؛ وهما، من جهة، المساهمة في إعادة التوازنات الماكرواقتصادية للبلاد، ومن جهة أخرى، الانتقال من نظام مساعدة اجتماعية جد مكلف وغير مستهدف إلى نظام مساعدة جديد أكثر إنصافا يمكن من تحسين فعالية ونجاعة تدخل الدولة في هذا المجال.
في انتظار تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، الذي سيشكل قاعدة معلوماتية شاملة ستمكّن من تسجيل وتوحيد معطيات البرامج الاجتماعية لاستهداف أفضل للفئات المؤهلة، حسب تقرير لوزارة المالية متعلق بمشروع قانون المالية لسنة 2019، يقول التقرير، "ستستمر الدولة في دعم أسعار غاز البوطان والسكر وحصيص من الدقيق الوطني للقمح اللين".
وقد خصصت الحكومة في مشروع ميزانية 2019 لذلك اعتمادات تبلغ 17,670 مليار درهم، مقابل 13,019 مليار درهم برسم ميزانية 2018.
وعمليا، كانت كلفة دعم غاز البوتان والسكر ودقيق القمح اللين قد بلغت 9,790 مليار درهم بالنسبة للفترة الممتدة من يناير إلى يوليوز 2018، منها 6,865 مليار درهم برسم غاز البوتان.
البوتان.. تكلفة "البوطا"
تم في سنة 2016 حذف نظام التسوية المتعلقة باستيراد غاز البوتان بإدماج هذه التكاليف بشكل جزافي في بنية الأسعار، التي تمت مراجعتها مع حذف البنود المتعلقة بتمويل المخزون والنقل بالجملة، لكن لم يحدث أي تغيير بخصوص ثمن البيع لهذه المادة.
وحسب تقرير وزارة محمد بنشعبون، فإن نسبة دعم غاز البوتان انتقلت من 4027 درهما للطن في سنة 2017؛ أي ما يعادل 48 درهما للقنينة من فئة 12 كلغ و12 درهما للقنينة من فئة 3 كلغ، إلى 4672 درهما للطن في سنة 2018 (الفترة الممتدة من يناير إلى شتنبر)؛ أي ما يعادل56 درهما لقنينة 12 كلغ و14 درهما لقنينة 3 كلغ.
وحسب التقرير ذاته، فإن الاستهلاك السنوي لغاز البوتان يرتفع بشكل مستمر، فقد سجل 2,34 مليون طن في 2017، مقابل 2,26 مليون طن في 2016؛ أي بزيادة 3,3%.
وسجلت نفقات دعم غاز البوتان 10,315 مليار درهم في سنة 2017 مقابل 7,138 مليار درهم في سنة 2016. وتعزى هذه الزيادة أساسا، حسب المصدر ذاته، إلى ارتفاع السعر العالمي لغاز البوتان الذي انتقل من 358 دولارا للطن إلى 467 دولارا للطن بين سنتي 2016 و2017، ثم إلى ارتفاع الاستهلاك الوطني.
وتشمل كلفة دعم غاز البوتان 9,983 مليار درهم برسم دعم الثمن و332 مليون درهم برسم نقل الغاز بالجملة من الموانئ نحو مراكز التعبئة، وذلك من أجل الحفاظ على ثمن أساسي موحد على المستوى الوطني.
السكر.. ثلث الاستهلاك "قالب"
من أجل الحفاظ على ثمن وطني ثابت للسكر المكرر وفصله عن تقلبات السوق العالمية، يورد التقرير أنه تم تأسيس منحة استيراد السكر الخام تمكن من خفض ثمن استيراد السكر الخام إلى مستوى الثمن المرجعي (المحدد حاليا في 5335 درهم للطن مع الحفاظ على التسعيرة الجمركية في حدود 35% من ثمن التكلفة والشحن)، وعلى العكس، يقول التقرير، عندما تكون الأسعار منخفضة، ييتم استرجاع لفائدة الدولة وذلك لرفع ثمن الاستيراد إلى مستوى الثمن المرجعي.
وتقدر الكميات المستهلكة من السكر المكرر على المستوى الوطني خلال سنة 2017 بما يناهز 1217 ألف طن، مسجلا ارتفاعا بنسبة 2% مقارنة مع سنة 2016.
ويصنف الاستهلاك الوطني، حسب المصدر ذاته، من السكر المكرر حسب نوعيته كما يلي: 56% من السكر المحبب، 30% من السكر القالب، و14% من السكر المقرط.
وانتقلت نسبة تغطية الاستهلاك بالإنتاج الوطني من السكر من 20 % في سنة 2012 إلى 49% في سنة 2016 ثم إلى 47% في سنة 2018.
ويساهم استيراد السكر الخام في تلبية الاستهلاك الداخلي من السكر المكرر, وقد انخفضت الكميات المستوردة من السكر، حيث انتقلت من 1040 ألف طن سنة 2012 إلى 809 ألف طن سنة 2017. وقد تراجعت النسبة التي تشكلها الواردات في تغطية الحاجيات الوطنية من 80% إلى أقل من 60% خلال الأربع سنوات الأخيرة.
وبلغ الغلاف المالي الإجمالي لدعم مادة السكر برسم سنة 2017 ما يناهز 3,68 مليار درهم برسم الدعم عند استهلاك السكر المكرر و229 مليون درهم برسم الدعم الإضافي عند استيراد السكر الخام.
الدقيق.. دعم "فرينة"
في إطار ما وصفه تقرير وزارة المالية بـ"ترشيد النفقات العامة"، تم تقليص وإعادة توزيع حصيص الدقيق المدعم، مع استثناء الأقاليم الجنوبية والمناطق المعزولة والمندرجة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والجماعات القروية، وذلك على أساس الفقر.
وفي إطار "إصلاح" نظام المقاصة، توالت مراجعات الحصيص من 10 إلى 9 ملايين قنطار في سنة 2009، ثم إلى 8,5 مليون قنطار في سنة 2013، ثم إلى 7,5 مليون قنطار في سنة 2015 ثم إلى 6,5 مليون قنطار في سنة 2016.
وقد بلغ حجم الكميات المسحوقة من طرق المطاحن الصناعية خلال موسم التسويق 2017/2018 حوالي 55 مليون قنطار، يمثل القمح اللين منها 83% ولايتجاوز استعمال الطاقة الإجمالية للمطاحن الصناعية للقمح اللين 53%.
وبما أن حصيص الدقيق الوطني للقمح اللين ظل ثابتا في 6,5 مليون قنطار برسم سنة 2017، ظل بند التكلفة المتعلق بدعم الدقيق ثابتا، فيما يناهز 1025 مليون درهم.
وقد عرف السعر العالمي للقمح اللين مستوى منخفضا نسبيا، كان من شأنه عدم اللجوء إلى الدعم عند الاستيراد. ومنه يرجع ارتفاع النفقات الإجمالية لدعم الدقيق من 1083 مليون درهم في سنة 2016 إلى 1465 مليون درهم في سنة 2017، إلى ارتفاع كلفة طلبات العروض لسنة 2017 وإعادة العمل بالمنحة الجزافية عند تجميع القمح اللين.