لا يخفي عبد الحق العربي، المدير العام لحزب العدالة والتنمية، في حديث مع "تيل كيل – عربي"، بصفته مستشارا مكلف لدى رئيس الحكومة بالملف الاجتماعي، أن قيام حكومة عبد الإله بنكيران بإحالة مشروع القانون التنظيمي للإضراب على مجلس النواب، هو أبرز تشويش يتعرض له الحوار الاجتماعي، الذي تنعقد جلسته الأولى، اليوم (الاثنين)، بين الرئيس سعد الدين العثماني والمركزيات النقابية.
-
في أي سياق تنعقد جلسة الحوار الاجتماعي اليوم بين رئيس الحكومة والنقابات وماهي أجندتها؟
اجتماع اليوم الأول من الجولة الجديدة من الحوار الاجتماعي مع حكومة سعد الدين العثماني، وهي الجولة التي سبقها لقاءان، الأول للتعارف مباشرة بعد تعيين سعد الدين العثماني، رئيسا للحكومة، والثاني مر قبل ثلاثة أسابيع كان مع الأمناء العامين للنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب (الباطرونا) وتم فيه التفاهم حول منهجية الحوار الاجتماعي، وآفاقه، وفيه تقرر عقد أول جولة في 9 أكتوبر (اليوم).
وحسب المنهجية المعتمدة منذ سنوات مع الحكومات السابقة وتتشبث بها النقابات وتعتبرها المنهجية السليمة، تكون دورتين للحوار، الأولى في شتنبر- اكتوبر، والثانية في مارس-أبريل، ويكون محور الدورة الأولى هو قانون المالية، على اعتبار أن مجموعة من المطالب، خاصة منها المالية، يعبر عنها من خلال قانون المالية، لذلك النقابات تطالب بأن يكون لديها رأيها في قانون المالية، وبذلك جولة اليوم، الموضوع الرئيسي فيها هو مشروع قانون المالية ومناقشته، والاستماع إلى مقترحات الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين في الموضوع.
-
ألا ترى أن التشاور مع النقابات حول مشروع قانون المالية جاء متأخرا، بحكم أن خطوطه العريضة تمت صياغتها وعرضت في المجلس الوزاري لـ2 أكتوبر؟
في اللقاء الماضي لم يكن انعقد بعد المجلس الوزاري، لذلك كنا نتحدث عن المعطيات التي حكمت الإعداد لقانون المالية، والآن مجلس الوزراء انعقد والتوجهات العامة صادق عليها المجلس تحت رئاسة جلالة الملك، ولكن تبقى توجهات عامة وكبرى، أما تفاصيل قانون المالية فلم تعرض بعد على مجلس النواب، فالأجل الأقصى قانونيا لإحالة مشروع قانون المالية على البرلمان هو 20 أكتوبر، وبالتالي مازال هناك أجل وفرصة للمناقشة والاستماع للشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وإذا ما تم الاتفاق على أمور معينة فيمكن أن تدرج في مشروع قانون المالية لـ2018.
-
بعض النقابيون يعتبرون أن المنهجية السليمة تستوجب أن تسبق اللقاء المركزي المنعقد اليوم حوارات اجتماعية قطاعية مع الوزراء، بماذا تردون؟
لقد قمنا بذلك، وكان هناك مرسوم لرئيس الحكومة صدر في يونيو الماضي، وطلب فيه من جميع القطاعات الوزارية فتح حوارات مع النقابات القطاعية، وهو ما تم، إذ توصلنا من عدد كبير من القطاعات الحكومية بتقارير الحوارات الاجتماعية القطاعية، وبطبيعة الحال نتائجها ستؤخذ بعين الاعتبار خلال جلسة حوار اليوم بين رئيس الحكومة والمركزيات النقابية.
-
وكيف استقبل رئيس الحكومة رفض المركزيات النقابية التقدم بمذكرة مطالب جديدة وإصرارها على التفاوض حول المذكرة التي قدمتها إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق؟
الدكتور سعد الدين العثماني، في الحقيقة، طالب النقابات بإمداده بمطالبها، ولكن مجموعة من المركزيات النقابية، وفي الوقت نفسه الذي تقول فيه إن الحكومة الحالية لا يجب أن تكون استمرارية للحكومة السابقة، التي يعتبر النقابيون أن الحوار الاجتماعي معها فاشل، يقولون أيضا إن مطالبنا مازالت عندكم في الرفوف، ومن المفروض أن تكون هناك استمرارية للمرفق العام، بمعنى يريدون القطيعة في جانب، ويريدون الاستمرارية في آخر!
ومع ذلك، فقد أصر سعد الدين العثماني على تسلم المطالب وهو ما استجابت له الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وسلمت ملفا مطلبيا جديدا، وباقي النقابات هناك من وعدت بأن تأتي بملفها المطلبي، وهناك التي تشبثت بموقف أن الملف المطلبي الذي قدمته إلى رئيس الحكومة السابق مازال ساري المفعول.
-
وماذا عن الفدرالية الديمقراطية للشغل التي دعت، بالتزامن مع انطلاق الحوار الاجتماعي، إلى مسيرة احتجاجية إلى مقر رئاسة الحكومة ؟
أولا الفدرالية الديمقراطية للشغل، مع الأسف، لم تعد من النقابات الأكثر تمثيلية، فالقانون اليوم يقول إن هناك أربع نقابات هي الأكثر تمثيلية في المغرب وهي التي تحضر في الحوار الاجتماعي، وبالتالي ينعقد الحوار الاجتماعي الحالي، لأول مرة، في غياب الفدرالية الديمقراطية للشغل لأنها لم تحصل على العتبة في الانتخابات، وبالتالي دعوتها إلى مسيرة، نوع من الضغط على الحكومة لكي تشركها في الحوار الاجتماعي.
وعلى كل، رئيس الحكومة له كامل الاستعداد للجلوس إلى النقابات الممثلة في البرلمان (مجلس المستشارين)، ولكن ليس في إطار جلسة الحوار الاجتماعي، التي تخص النقابات الأكثر تمثيلية قانونيا.
-
هل توجد مؤشرات يمكن أن نتوقع معها التوقيع على اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب في الأيام المقبلة؟
نتمنى ذلك (صمت)... أما المؤشرات فستظهر حينما ينطلق الحوار، أما الآن فالحوار جلسته الرسمية الأولى هي المنعقدة اليوم (الاثنين)، وعلينا أن ننتظر لنرى ماذا استعداد الأطراف لحصول تقارب في وجهات النظر بينها.
ولا أخفي، صراحة، أن هناك أمورا، مع الأسف، حولها خلاف وتشوش على الحوار الاجتماعي، أبرزها القانون التنظيمي للإضراب، الذي أحيل على مجلس النواب من قبل الحكومة السابقة، ولا يمكن للحكومة الحالية سحبه والإتيان به إلى طاولة الحوار الاجتماعي، عكس ما تدعي النقابات.
إن النقابات ممثلة في البرلمان ويمكن أن يناقش هناك، وأكثر من ذلك سعد الدين العثماني، عبر عن مرونته، أنه مستعد أن يستمع للنقابات ورأيها، ولكن دون أن يسحب مشروع القانون التنظيمي للإضراب من البرلمان، وإذا بدا له أن هناك تعديلات معقولة فالحكومة ستتقدم بها إلى البرلمان حيث تتم مناقشة مشروع القانون المذكور.