هل سيؤثر سقوط "غصن" على صناعة السيارات بالمغرب؟

تيل كيل عربي

بعد أن بات شبه مؤكد أن القضاء اليابان سيتابع كارلوس غصن- الذي أزيح من رئاسة تسيير "نسيان" اليابانية، مع احتفاظه بمنصبه كرئيس مدير عام لرونو- بشكل رسمي انطلاقا من يوم الاثنين، تتناسل الأسئلة حول مستقبل الماركة الفرنسية بالمغرب الذي يضم أحد أكبر مصانعها في العالم.

يبدو أن وضع كارلوس غصن، الرئيس المدير العام لـ"رونو" يزداد تعقيدا في اليابان، وقد يطول مقامه في سجونها. إذ قرر مكتب النائب العام بطوكيو توجيه الاتهام رسميا لملك صناعة السيارات بفرنسا واليابان، حسب ما ذكرت صحيفة "نكاي" اليابانية الجمعة. وينتظر أن يعلن عن الاتهام رسميا يوم الاثنين القادم موعد انتهاء فترة الاعتقال الاحتياطي.

بل إن النيابة العامة باليابان ستصدر مذكرة اعتقال جديدة في حق الرجل بناء على شكوك تخص قضية مالية أخرى، ما يعني اللجوء مرة أخرى إلى فترة من الاعتقال الاحتياطي قد تصل مدتها إلى 22 يوما أخرى.

ويتساءل الكثير من المتتبعين عن مدى تأثير المتاعب التي يتعرض لها كارلوس غصن على المغرب الذي يضم منذ سنوات أحد أكبر مصانع رونو. فبين إمبراطور صناعة السيارات ذي الأصول اللبنانية والمغرب علاقة حب كبيرة. إذ يخصص للرجل دائما استقبال رؤساء الدول عندما يحل بالمغرب سواء لقضاء عطله بالجنوب أو خلال زياراته الرسمية لمصنع رونو الكبير بطنجة. والواقع أنه هو صاحب فكرة إنشاء هذه الوحدة الصناعية الضخمة بعاصمة البوغاز. فهذا المشروع الذي تم التوقيع على إنشائه في 2007، وتم افتتاحه في 2012، ينتج سيارة كل دقيقة وتعتبر بين المواقع الخمسة الأهم بالنسبة إلى رونو في العالم,

ولكن ولادة هذه المصنع الكبير لم تكن سهلة بالمرة. إذ وجدت رونو نفسها في وضع صعب جراء الأزمة المالية التي هزت العالم في 2008، ولم تعد لها الإمكانات الكافية لاستثمار الـ700 مليون أورو التي كان يحتاجها المشروع.

في خضم هذا الارتباك، أوحى الملك إلى مصطفى الباكوري، الذي كان مديرا لصندوق الإيداع والتدبير(CDG) آنذاك، بفكرة إنشاء شركة تتكلف بأصول هذا المشروع الصناعي.

هكذا دفع الذراع المالي للدولة 47% من الـ700 مليون أورو لمواكبة إنشاء المصنع، كما أن مؤسسة الحسن الثاني منحت قرضا مباشرا للمُصَنِّع الفرنسي، فاستأنف المشروع طريقه. وقبل كارلوس غصن اليد الممدودة التي كانت مصحوبة بعد امتيازات: لا رسوم على الصادرات لمدة خمس سنوات، وإعفاء من الضريبة على الشركات، فضلا عن امتيازات أخرى.

منذ ذلك الحين، كانت طريق النجاح سالكة. وخلال زيارته الأخيرة إلى المغرب في أكتوبر الماضي، عبر غصن عن "ارتياحه" لنتائج التعاون مع المغرب، وأعلن – أمام محمد السادس ووزير الصناعة، مولاي حفيظ العلمي- عن مضاعفة القدرة الإنتاجية لـ"صوماكا" بالدار البيضاء، والانتقال من إنتاج 75 ألف سيارة في السنة إلى 150 ألف.

لكن بعد ثلاث أسابيع فقط على هذه الزيارة، جرى اعتقال كارلوس غصن (عاما) بمطار طوكيو، للاشتباه في كونه صادق ما بين 2011 و2015 على تقارير مالية لـ"نيسان" مع علمه أنها لم تكون دقيقة، وإذا ما تثبت عليه التهم الموجهة إليه فـ"غصن" مهدد بالسجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات.

مستقبل رونو في المغرب

بعد اعتقال الرجل ارتفعت الأسئلة حول مستقبل رونو في المغرب. فوحدتا التصنيع بكل من طنجة والدار البيضاء تحتلان موقعا استراتيجيا داخل المجموعة الفرنسية، وتمثلان 10% من مجموع مبيعاتها في العالم. كما يعد المصنعان رمزا ناجحا لعلامة "صنع بالمغرب"، خاصة وأنهما يصدران أكثر من 60% من إنتاجهما إلى أوروبا ومصر وبلدان الخليج.

حاولت مجموعة "رونو المغرب"، في اتصال مع "تيل كيل"، طمأنة الجميع بالقول "لن يتغير أي شيء، والأهداف المعلنة لن يعاد فيها النظر". وأضاف مصدر مقرب من وزارة الصناعة أن "الرجال يرحلون، والمؤسسات باقية. مصنع رونو المغرب سيواصل ديناميته".

ولا ينكر المتتبعون أن اعتقاله في اليابان يجعل أمر تصنيع سيارات من ماركة "نيسان" أمرا مستبعدا. وإذا أراد المغرب إغراءها حقا، فسيكون عليه التفاوض مباشرة مع اليابانيي، ويقول المصدر ذاته "العمل مع المصنعين اليابانيين يخضع لمنطق مختلف تماما، بسبب اختلاف الثقافة والقيم. يجب زيارتهم كثيرا، وإرساء أسس الثقة، والإصرار... هذا يتطلب وقتا طويلا جدا".

وخلص المصدر نفسه إلى أن رونو المغرب ستواصل صعودها مع أو بدون غصن، رغم أن "إنشاء مصنع طنجة لم يكن ممكنا لولاه".

بتصرف عن "تيل كيل" فرنسي