الساعة تشير للثامنة صباحاً من اليوم الخميس، المحطة الطرقية "باب دكالة" بمراكش، حافلة "أسفار إفران" القادمة من أزيلال والمتوجهة إلى أكادير، تتوقف قرب أحد الأسواق الممتازة المقابلة للمحطة، قبل أن يصعد على متنها العشرات من رجال الأمن، ليضعوا حداً لهروب منفذي جريمة ذبح سائحتين بمنطقة إمليل يوم الاثنين الماضي.
وحسب روايات الشهود، كانت الحالفة تقل قرابة 20 مسافراً، خضعوا كلهم للتحقيق وتحقيق الهوية، بعدما طلب منهم رجال الأمن بطاقاتهم الوطنية، وتابع المسافرين كلهم تفاصيل الاعتقال وحجز ما كان بحوزة "ذئاب داعش المنفردة الثلاثة".
كيف تم الاعتقال؟ متى؟ أين كانت وجهتهم؟ وهل كان اعتقالهم صدفة أم عملية أمنية رصدت تحركاتهم؟
هل كان للصدفة دور؟
اختار عبد الصماد الجود ورشيد أفاتي ويونس وازياد، الصف الأخير في الحافلة، للجلوس، دون أن يثيروا أي شكوك حول هويتهم، يقول يوسف أشيبان، لـ"تيل كيل عربي"، وهو شاب كان على متن الحافلة رفقة أمه.
وأضاف الشاب الذي كان متوجها إلى تحنوات، على متن حافلة "أسفار إفران"، إن "الثلاثة كانوا نائمين. اعتقدت أنهم قادمين من أزيلال، ولا يمكن تمييز ملامحهم بسبب الظلام الذي كان يخيم على الحافلة في الساعات الأولى من الصباح".
أحد العاملين في المحطة، قال إن "الثلاثة اقتنوا تذاكرهم من الشباك رقم 21، وبرنامج الرحلة التي استقلوها كان يفرض انطلاق الحافلة من أمام السوق الممتاز الساعة التاسعة و45 دقيقة، لكن عادت أدراجها، بعدم تدخل أحد رجال الأمن، وطلب منه إغلاق الباب.
"تيل كيل عربي" وجه سؤالا للمصدر الأمني، حول المكان الذي قدم منه "الذئاب الثلاثة المنفردة"، وكان جوابه: "التحقيق جار الآن، لا يمكن الافصاح عن أي معطيات، التحريات صلات هؤلاء وأين تحركوا منذ وقوع الجريمة إلى اليوم، والافصاح عن أي معلومة قد يؤثر على مسار التحقيق".
العامل بمحطة "باب دكالة"، كشف لـ"تيل كيل عربي"، أن "قرابة 20 عنصراً من الأمن، حلوا بها يوم أمس الأربعاء، وتوجهوا نحو الإدارة، وكان معهم أمر من النيابة العامة للإشراف على كاميرات المراقبة، واعتكفوا طيلة الليل على هذا الأمر". هل رصدتهم الكاميرات لحظة دخولهم للمحطة أو حين قاموا باقتناء تذاكر السفر؟ يرد مصدر "تيل كيل عربي" بالقول: "لا أملك معطيات حول هذا الأمر، لكن أعتقد أن تغييرهم لشكلهم قد يكون صعب من مهمة ضبطهم، وكشف هويتهم، خاصة وأنهم كانوا شبه ملثمين بسبب الثياب التي كانوا يرتدونها والقبعات التي يضعونها على رؤسهم".
لحظة الاعتقال
"لم يبدوا أي مقاومة، بعد صعود رجال الأمن إلى الحافلة توجهوا نحو المقاعد الخلفية مباشرة، قاموا بتصفيدهم، وتفتيشهم وتفتيش الأغراض التي كانت بحوزتهم، كان كل واحد منهم يحمل سلاحاً أبيض تحت ثيابه، تابعنا العملية برمتها، لا أحد منهم تكلم أو حاول الافلات من قبضة رجال الأمن، أحدهم كان معه (جباد) وحجارة"، يقول الشاب يوسف، الذي فضل بعد الواقعة رفقة أمه اقتناء تذكرة على متن حافلة أخرى للسفر نحو وجهتم.
وأضاف الشاب، أنه "بعد كشف هوية الثلاثة، قام رجال الأمن بالتقاط صور لهم في مقاعدهم من مختلف الجهات، ثم قاموا بانزالهم من الحافلة بعد وضع معطف على رأس كل واحد منهم.
عامل في المحطة الطريقة "باب دكالة"، نقل لـ"تيل كيل عربي" ما وقع خارج الحافلة، وحكى أنه "مباشرة بعد توجه عدد كبير من رجال الأمن نحو "أسفار إفران"، بدأ الجميع يهرول نحوه لمتابعة ما يحصل، وتصاعد الصياح داخل المحطة ومحيطها: "راه شدو الإرهابيين ديال إمليل..."
المصدر ذاته، أفاد في شهادته أن "عناصر الأمن أنزلوهم بعدما أخفوا هويتهم، وتكلف بهم عناصر أمن ملثمون، نقلوهم على متن ثلاث سيارات لا تحمل رمز الأمن الوطني، لمحت من بينها سيارة رباعية الدفع، وكل واحد منهم نقل منفرداً على متن سيارة".