لم يمر تصريح الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداوي، حول تسقيف أسعار المحروقات، الذي أدلى به لموقع حزب العدالة والتنمية، دون أن يثير بعض التساؤلات حول آراء مجلس المنافسة، بينما يعتقد الوزير أن ما صدر عنه، يوم الجمعة الماضية، لا يخرج عن القانون، معتبرا أنه حريص على معرفة رأي تلك المؤسسة الدستورية، رغم طابعه غير الملزم.
"الرأي" و"الرأي الآخر"
ففي الوقت الذي ينكب مجلس المنافسة، على صياغة رأيه حول تسقيف أسعار المحروقات، أدلى الداودي بتصريح يوم الجمعة فاتح فبراير، عند استضافته، من قبل البرنامج الإذاعي "نقطة إلى السطر"، يشير فيه إلى أن وزارة الشؤون العامة والحكامة ستقوم بتسقيف أسعار المحروقات مباشرة بعد التوصل بالرأي الاستشاري لمجلس المنافسة.
غير أن الوزير، مضى في حديثه قائلا: "سأقوم بتسقيف الأسعار سواء كان الرد بالإيجاب أو بالسلب، لأن رأي المجلس استشاري وليس إلزاميا".
وكان الوزير قد طلب رأي المجلس، حول تسقيف أسعار البنزين والغازوال، في دجنبر الماضي، وهو الطلب الذي جاء بعد تعيين رئيس وأعضاء تلك المؤسسة الدستورية.
وقد جاء طلب رأي مجلس المنافسة، تفعيلا للفصل الرابع الخاص بقانون حرية الأسعار والمنافسة، الذي ينص على أنه "لا تحول أحكام المادتين 2 و3 أعلاه دون إمكانية قيام الإدارة، بعد استشارة مجلس المنافسة، باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين. و لا يجوز أن تزيد مدة تطبيق التدابير المذكورة على ستة (6) أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة من طرف الإدارة".
غير أنه إذا كان الوزير امتثل في طلب الرأي لما ينص عليه الفصل الرابع من ذلك القانون، إلا أن مصدرا قريبا من المجلس، فضل عدم ذكر اسمه، يعتبر أن تصريح الوزير لم يلتزم بواجب التحفظ، الذي يفترض أن يسود عند تناول هذا النوع من النوازل، مشيرا إلى أن ما صدر عن الوزير حول رأي المجلس المنتظر، فيه استخفاف بما يمكن أن يصدر عنه حول التسقيف، حيث أنه قد يفرغه من محتواه.
ويرى أنه رغم كون رأي المجلس استشاري وغير ملزم، فإنه يفترض في صاحب القرار السياسي أو الأطراف الأخرى، التي يمكن أن تطلب رأيه، أن تحافظ على مصداقية تلك المؤسسة الدستورية.
ويشدد على أن تصريحات الوزير لا تخدم الصورة الإيجابية التي يراد إشاعتها حول تلك المؤسسة الدستورية، التي عانت مؤخرا من عدم اشتغالها لمدة أربعة أعوام، قبل تعيين الملك للرئيس الجديد.
ويتصور أن الوزير يؤسس بتصريحاته، لسابقة يمكن أن توظف في المستقبل من قبل المتعاملين مع الوزير من أجل عدم إعطاء قيمة لآراء المجلس، التي تحظى، رغم عدم إلزاميتها، بنوع من الشرعية المعنوية.
ويتصور أنه يفترض في الفاعلين السياسيين والفاعلين الاقتصاديين، الإعلاء في تصريحاتهم من شأن المجلس، الذي يمكن أن يضطلع بدور حاسم في تفادي بعض الأزمات، فهو يرى أنه لو كان المجلس يشتغل إبان المقاطعة، كان سيكون ملاذا للأطراف المعنية بتلك الحركة.
وعبر مصدر آخر، عن أسفه لعدم توفر ما يمنع من الإدلاء بتصريحات من قبل السياسيين حول الملفات التي يكون المجلس بصدد دراستها، غير أنه يعتبر أن واجب التحفظ، يجب أن يكون مستبطنا من قبل السياسيين والوزراء، عند تناول القضايا التي يمكن أن تؤثر على القرارات أو الآراء المرتبطة بها.
ويشير إلى أنه كان يمكن للوزير أن يلجأ إلى لجنة الأسعار التي يرأسها من أجل استصدار قرار حول التسقيف، دون طلب رأي مجلس المنافسة، أما وقد طلب ذلك الرأي، كما ينظم ذلك الفصل الرابع من قانون حرية الأسعار والمنافسة، فإنه يتوجب عليه الانتظار وتفادي الآراء التي يمكن تجدى لها في المجلس أو تربك عمله.
الداودي: لا تبخيس
الوزير لحسن الداودي، أوضح من جانبه، في تصريح لـ" تيل كيل عربي"، أن تصريحاته، ليس فيها أي تبخيس لما يمكن أن يصدر عن المجلس، مؤكدا على أن رأي المؤسسة الدستوري، لا يلزم الحكومة، التي التزمت بالتسقيف سلفا.
ويذهب إلى أن الحكومة تنتظر، مع ذلك، رأي المجلس، قبل اجتماع لجنة الأسعار، التي يفترض أن تدرج المحروقات ضمن السلع المقننة أسعارها، مشددا على أن تصريحاته، ليس فيها أي انزياح عن المقتضيات القانونية.
وينكب المجلس حاليا، بعد الاستماع لآراء جميع الأطراف المعنية بالتسقيف، على صياغة تقرير الرأي النهائي، الذي يرتقب أن يرفع إلى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، وهي العملية التي ستعقبها ندوة صحفية سيعقدها المجلس لتقديم توضيحات حول رأيه، حسب مصدر قريب من المجلس.
وينتظر أن يكشف المجلس عن الرأي الذي طلب منه في دجنبر الماضي، حول التسقيف في الرابع عشر من فبراير الجاري. ويعتزم الوزير الداوي، دعوة لجنة الأسعار، التي يرأسها، للانعقاد، وهي اللجنة التي تجد مسوغها في المرسوم رقم 2.14.652، المتخذ لتطبيق المتعلق بتنظيم الأسعار المعروضة عليها، حيث يراد ضم المحروقات إلى قائمة السلع والخدمات المقننة أسعارها.
وتضم تلك اللجنة، بالإضافة إلى وزير الشؤون العامة والحكامة، وزراء الداخلية، والاقتصاد والمالية، والفلاحة والصيد البحري، والصناعة والتجارة، والوزير التابع له النشاط المعني بأشغل اللجنة، التي تتولى مديرية المنافسة والأسعار وتنمية الاستثمار كتابتها.