ساهمت المقاطعة والتوقيت الصيفي والتصنيع، عند الإعداد والتقطيع، بشكل حاسم، في الزيادة التي عرفتها أسعار اللحوم بالمغرب، في الفترة الأخيرة، حسب ما يؤكده رئيس جمعية الجزارين بالمغرب.
وارتفعت أسعار اللحوم بعشرة دراهم منذ العام الماضي، كي تقفز في المدن إلى 80 درهما للكيلوغرام، وهو سعر يراه، مصطفى بلفقيه، رئيس جمعية الجزارين بالمغرب، متسقا مع التحولات التي عرفتها تربية الأبقار والعرض الذي يواكب تغير الطلب.
ويشير إلى أن التوقيت الصيفي غير العادات الاستهلاكية للأسر المغربية، خاصة النووية منها، التي أضحت تكتفي بمنازلها بوجبة واحدة، عندما يجتمع أفراد الأسرة في المساء.
غير أنه إذا كان التوقيت قد أثر على الطلب التقليدي، الذي كانت تعبر عنه الأسر الممتدة التي تقصد الجزارين، فإنه خلق طلبا جديدا على "الأجزاء النبيلة" من لحوم الأبقار والأغنام، خاصة مع تحول العديد من الأسر إلى تناول وجبة الغذاء في المقاهي.
ويورد بلفقيه سببا آخر يمكن أن يفسر هذا الارتفاع في سعر اللحوم الحمراء بالمغرب، حيث يشير إلى المقاطعة، وما كان لها من تأثير على تعاطي المربين، خاصة الصغار منهم، على ما يتوفرون عليه من أبقار.
ويوضح بأن المربين الصغار كانوا يسخرون بقراتهم لتزويد شركات إنتاج الحليب بتلك المادة، غير أن منهم من عمد، في سياق المقاطعة، إلى تصريف الأبقار الحلوب في السوق، حيث تسخر من أجل توفير اللحوم في السوق.
وإذا كانت المقاطعة والتوقيت الصيفي سببان طارئان ساهما، في تصور بلفقيه، في ارتفاع الأسعار، فإن رئيس جمعية الجزارين بالمغرب يرى أن هناك سببا له علاقة بظاهرة السرقة التي تتعرض لها الأبقار في البوادي، في ظل عدم العمل بنظام يحدد هوية القطيع، بما يتيح التعرف على مصدره عند المراقبة في الطرقات.
ويوضح، على هذا المستوى، أن المربين الذي يتوفرون على بقرتين أو ثلاث بقرات، ماعادوا يغامرون أكثر في التوسع في استثماراتهم، بما يوفر عرضا كبيرا في السوق، ماداموا قد يتعرضون لسرقات من قبل عصابات متخصصة في البوادي.
ويرى بلفقيه أن العرض العادي من اللحوم الحمراء في السوق أضحى يواجه منافسة عبر التصنيع الذي يشهده القطاع على مستوى الأعداد والتقطيع، حيث أن بعض العملاء، مثل المطاعم، أضحوا يعبرون عن طلبات خاصة، تنصب أكثر على "الأجزاء النبيلة"، في علاقة مع تغير العادات الاستهلاكية للأسر.
ويستحضر في رصده للتحولات التي شهدها القطاع مسألة الاستثمارات المهمة التي أنجزت فيه، منذ إطلاق المخطط الأخضر، غير أن وتيرة تلك الاستثمارات تباطأت في الفترة الأخيرة، ما قد يكون انعكس على العرض من اللحوم بأسواق المملكة.
وتوقع المخطط الأخضر رفع رقم معاملات قطاع اللحوم الحمراء من 26 مليار درهم إلى 40 مليار درهم، مراهنا على رفع الإنتاج بين 2014 و2020، إلى 612 ألف طن، بما يساعد على نقل الاستهلاك الفردي من 14,2 إلى 17,3 كيلوغرام في العام الواحد.
وكان المجلس الأعلى للحسابات أشار، في مذكرة استعجالية في 2017، إلى أن المغرب أنتج في 2016، 550 ألف طن من اللحوم، غير أنه لاحظ أن 250 ألف طن من ذلك الإنتاج مصدره المجازر السرية.
وتوصل التقرير، الذي شمل أكثر من سبعين مجزرة، إلى السوق المغربي، يعرف عرضا كبيرا لللحوم التي لم تعد بطريقة تراعي المعايير الصحية، سواء على مستوى الإعداد والتقطيع أو النقل، ما ينطوي على خطر نقل الأمراض المعدية إلى المستهلكين.