ردت الحكومة الجزائرية الاثنين للمرة الأولى على التظاهرات الحاشدة ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، بالقول إن المسألة ستحسم عبر صناديق الاقتراع، مستبعدة بذلك ضمنيا تراجعه عن الترشح، كما طالب المتظاهرون.
ووضع الرئيس بوتفليقة الذي يحكم البلاد من 1999، حدا لتساؤلات ظلت مطروحة لشهور طويلة، بإعلان ترشحه لولاية جدية في الانتخابات المقررة في 18 أبريل.
ونزل عشرات الآلاف إلى الشوارع الجمعة خصوصا في العاصمة حيث التظاهر ممنوع، ردا على دعوات و جهت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لرفض ترشح الرئيس بوتفليقة البالغ من العمر 81 عاما والذي أضعفته جلطة دماغية في 2013، لولاية خامسة.
واعترف رئيس الوزراء أحمد أويحيى،الاثنين، بأن "عددا معتبرا " من الجزائريين شاركوا في المظاهرات، خلال عرضه بيان السياسة العامة للحكومة أمام مجلس النواب.
ولكن أوحيى الذي يقود الحكومة للمرة الثالثة وهو أحد كبار مناصري بوتفليقة، رد على المتظاهرين بأن الانتخابات "ستجرى بعد أقل من شهرين ويمكن لأي شخص الاختيار بكل حرية" مستبعدا أي تغيير في مسار الانتخابات.
وأضاف "من حق أي كان أن يكون مع أو ضد أي مرشح. ويبقى الفصل في الصناديق بطريقة سلمية ومتحضرة".
وتنتهي آجال تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية بعد أقل من أسبوع في منتصف ليل 3 مارس (23:00 تغ).
وردا على "نداء التغيير" الذي أطلقه المتظاهرون، شدد أويحيى على أن بوتفليقة بعث رسالة ترشحه بهدف "تزكية الندوة الوطنية" التي "لا سابق لها في تاريخ الجزائر وستكون مفتوحة للجميع يناقش فيها كل ما يمكن مناقشته الا الثوابت الوطنية والطابع الجمهوري للدولة".
ودعا الجزائريين أيضا إلى "اليقظة" لأن هناك "دعوات مجهولة" للتظاهر، كما دعاهم إلى "الحذر من انزلاقات خطيرة".
وأضاف أن الجزائر "عاشت ما يكفي من المآسي وشهدت ما يكفي من الإصلاحات من أجل أن تتمكن من الاختيار في جو هادئ وسلمي"، في إشارة الى الحرب الاهلية بين 1992 و2002 .
مشددا على أنه "من حق الجزائر اليوم أن تعيش في كنف السلم والاستقرار وألا يفقد الشعب الجزائري ثمار هذا الاستقرار الذي جاء بفضل إرادته عندما أقر السلم والمصالحة الوطنية".
وخلال الأيام الماضية عاد العديد من أنصار الرئيس لتذكير الجزائريين بهذه الحرب التي تعرف ب"العشرية السوداء" ردا على التظاهر ضد بوتفليقة الذي يعتبرونه صاحب الفضل في إنهائها.
اندلعت الحرب الأهلية بعد أن ألغى الجيش الجزائري نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 1991 التي فاز في دورتها الأولى الاسلاميون.
وكانت تلك أول انتخابات تشريعية تعددية بعد انتفاضة 5 أكتوبر التي أسقطت نظام الحزب الواحد الذي كان يسيطر عليه حزب جبهة التحرير الوطني آنذاك ومازال إلى اليوم في الحكم.
واعتبر استاذ العلوم السياسية في المعهد العالي للتخطيط، رشيد غريمان أن "مسيرات فبراير كانت معتبرة جدا لكن السلطة في الجهة المقابلة لا يمكنها ان ت نصت. إنها صم اء".
واوضح في تصريح لوكالة فرنس برس تعليقا على تصريح رئيس الحكومة" الأخطر هو أنها يمكن أن تذهب الى حد القمع".
ولم يصدر أي رد فعل من العواصم الأوروبية حول حول هذا الوضع غير المسبوق في الجزائر منذ عشرين سنة.
وعلقت مايا كوسييانيتش المتحدثة باسم مفوضة الاتحاد الأوروبي للأمن والسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني، الاثنين، على الاحداث في الجزائر قائلة " نتمنى ان تسمح هذه الانتخابات التعبير بحرية في جو هادئ وفي أطار الديمقراطية وسيادة دولة القانون".
وفاجأت مظاهرات الجمعة الجميع بالنظر الى حجمها وتركت أثرا واضحا لدى الجزائريين.
والأحد عاد عدة مئات للتظاهر مجددا في وسط العاصمة الجزائرية، بالرغم من الانتشار الكثيف لعناصر الشرطة.
وانتقلت عدوى التحرك تدريجيا الى كل قطاعات المجتمع، فقد تجمع الاثنين حوالي مائة المحامين أمام محكمة بوسط العاصمة الجزائرية حاملين لافتات كتب عليها "الدفاع مع المواطنين" ومرددين شعارات ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
كما انتشرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطلاب الجامعات من أجل التجمع الثلاثاء بينما دعا أساتذة الجامعات زملاءهم للالتحاق بهم.
ونشر حوالي ثلاثين مثقفا، من صحافيين وجامعيين، الاثنين، بيانا "إلى كل الجزائريين والجزائريات"، عبروا فيه عن "مساندتهم لحراك الشارع السياسي ومساندتهم لمسيرة التغيير الذي يطالب به المجتمع"
كما ندد مجموعة من صحافيي الاذاعة الجزائرية، الأحد، بمسؤوليهم لعدم السماح لهم بتغطية تظاهرات الجمعة وما بعدها.
واستقالت رئيسة التحرير بالقناة الثالثة للاذاعة مريم عبدو، من منصبها تنديدا بتصرف مسؤوليها، فألغي برنامجها الاسبوعي الذي كانت تقدمه.