بمناسبة حلول اليوم العالمي للسكتة الدماغية، الذي يصادف 29 أكتوبر من كل سنة، سلط موقع "العلوم والمستقبل" الفرنسي، في إطار حملة تحسيسية بشراكة مع جمعية طب الأعصاب بفرنسا، الضوء على دراسات حول العوامل المساعدة على الإصابة بالسكتة الدماغية، ومنها واحدة، تبرز أن "الحشيش"، الذي يعد المغرب من أكبر منتجيه ومستهلكيه في العالم، يرشح متناوليه للتعرض لجلطة دماغية.
رغم أنها لا تشكل إلا 10 % من مجموع الحوادث العصبية والدماغية، إلا أنه خلال 20 سنة، ارتفعت نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية لدى الأشخاص أقل من 55 سنة بنسبة 25 %، هي التي لها تبعات مؤلمة ودراماتيكية على الحياة المهنية والاجتماعية.
وإذا كان من اللافت، أنه غالبا، ما لا يتم حسم السبب الحقيقي للجلطة الدماغية، إلا أن الدكتور فاليري وولف، رئيس وحدة الأمراض الدماغية والعصبية بالمستشفيات الجامعية لستراسبورغ، خلص إلى أن بعض عوامل الخطر لم تتم دراستها بما فيه الكفاية.
وجاء ذلك، بعدما قام فريق طبي تابع للدكتور فاليري وولف بإنجاز دراسة حول مختلف الأشخاص الشباب الذين أصيبوا بجلطات دماغية وتم التكفل بهم بالوحدة الطبية التي يديرها بستراسبورغ، فانتهت النتائج إلى أنه من أصل 48 شخصا يقل عمرهم عن 50 سنة، كان 13 منهم مستهلكين للحشيش، وبينهم 10 عانوا تشنجات في الأوعية داخل المخ، عبارة عن تضيق في الأوعية وانكماش في أنابيبها.
ولاحظ الفريق ذاته، أن الأمر يتعلق تحديدا لدى الضحايا بـضيق الأوعية الدموية الناتج عن تقلص الألياف العضلية الموجودة في الأوعية الدموية ". و إذا كان التبغ، بوصفه عامل خطر ثابت، يسبب تصلب الشرايين الدموية، بفعل ترسيب الدهون على جدرانها، ما يؤدي إلى انسداد الشريان وفشل في جريان الدم، لتتبعه الإصابة بالسكتة الدماغية، أكد فريق الباحثين، أن الآلية التي يسبب بها التبغ الجلطة الدماغية هي نفسها بالنسبة إلى الحشيش، لكن السؤال الذي لم يجدوا له جوابا بعد هو طبيعة التأثير الخاص الذي يلعبه القنب الهندي على جدار الشرايين.
وتبعا لذلك، يقتنع الطبيب فاليري وولف، أن الوقاية تظل أساسية، سيما أن الحشيش هو المخدر الأول من حيث الاستهلاك بالعالم، وبفرنسا توصلت الدراسات إلى أن مليون و200 ألف شخص يتناولونه اعتياديا، و550 ألف يدخوننه يوميا، وبالتالي، يقول فاليري وولف: "الحشيش هو أصل مضاعفات مرضية في القلب والدماغ، وهو ما يجب أن يكون موضوع دراسات منهجية في المختبر في حالات الإصابة بالجلطة الدماغية، خصوصا لدى الأشخاص أقل من 55 سنة".
وفي انتظار الأخذ بتوصية فاليري وولف، تم إقرار "برتوكول" للبحث السري في منطقة شرق فرنسا، يرمي إلى تأكيد العلاقة الرابطة بين استهلاك الحشيش والإصابة بالجلطة الدماغية لدى الأشخاص البالغين، أما فريق البحث في ستراسبورغ، فقرر دراسة حالة شباب لم يصابوا بالجلطة الدماغية لكنهم يستهلكون الحشيش، من أجل معرفة هل هناك إرهاصات تضيق في الأوعية الدماغية لديهم.
وجدير بالذكر، أن "الكانابينوايد"، وهو حشيش مصنع ويباع بحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، له الأثار نفسها للقنب الهندي الطبيعي، "يتم تسويقه بالولايات المتحدة الأمريكية منذ 2011، صار ثاني مخدر الأكثر استهلاكا من قبل الشباب، فتم تأكيد إصابة 13 حالة بالجلطة الدماغية" يؤكد الدكتور وولف.
ويشير الطبيب ذاته، إلى أن التشوهات التي عثرت الدراسة عليها لدى مرضى الجلطة الدماغية، تخص الذين يستهلكون الحشيش وليس القنب الهندي (الكيف)، وسبب هذا الفرق، هو أن تركيز "رباعي هيدرو كانابينول"، بوصفه المادة الجزئية المخدرة والفاعلة في القنب الهندي، مرتفعة أكثر في الحشيش (20 %)، مقارنة بالقنب في حالته غير المحولة (2 %).
وفي ما يتعلق بباقي المنتوجات المستعملة في "قطع" الحشيش، يجيب الطبيب فاليري وولف، رئيس وحدة الأمراض الدماغية والعصبية بالمستشفيات الجامعية لستراسبورغ، قائلا: "نعمل حاليا على القيام بتجربة على حيوان لمعرفة هل"رباعي هيدرو كانابينول أم بعض المواد الملحقة هي المسؤولة على تضيق الأوعية الدموية".
(بتصرف عن موقع "العلوم والمستقبل")