صعد منسقو هيأة الدفاع من مجموعة ناصر الزفزافي من معتقلي حراك الريف، يتقدمهم النقيب عبد الرحيم الجامعي، بحلول منتصف نهار اليوم، إلى مكتب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالبيضاء، للاحتجاج ضد القاضي علي الطرشي، بشأن طريقة تسييره الجلسة.
ويأتي ذلك، بعدما توقفت الجلسة، على خلفية جدل قانوني بشأن تفسير المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية، المتعلقة بالوضعية التي يجب أن يمثل فيها المتهمون أمام هيأة الحكم، إذ يصر المحامون على عدم تسجيل إنابتهم عنهم ما لم يكن المعتقلون جالسين في الصف الأمامي أمام القاضي، وليس في القفص الزجاجي الموجود خلف كراسي المحامين على يسار القاعة.
القاضي مر إلى مطالبة هيأة الدفاع بتسجيل الإنابات عن المتهمين، وهو ما رفضته مشترطة أن تقوم بذلك حينما يوجد جميع المتهمين أمام القاضي وليس في القفص الزجاجي، لكن الرئيس سرعان ما أعلن أنه بعد المداولة مع مسشاريه، قرر عدم الاستحابة للملتمس، وبالتالي لم يعد أمام المحامين غير استئناف القرار.
وفيما ساند حكيم الوردي، نائب الوكيل العام للملك قرار القاضي، واعتبر أنه نهائي وصدر بعد المداولة وباسم جلالة الملك، لذلك لا يستقيم التراجع عنه، تشبث الدفاع أنه قرار عرضي ومن صلاحية الرئيس التراجع عنه، وأمام حدة الجدل قرر الرئيس رفع الجلسة.
وتبعا لتلك التطورات ذهب المحامون للاحتجاج لدى الرئيس الأول، دون أن يعني ذلك إمكانية التراجع عن قرار القاضي، لأنه نظريا مستقل في قراراته. وأوضح الحبيب حاجي، عضو هيأة الدفاع عن معتقلي الريف، في حديث مع "تيلكيل عربي"، أن ما لم يحدث طارئ "تنذر التطورات، كما صرحت بذلك للقاضي في مرافعتي، بانسحاب الدفاع من الجلسة، ما سيضطره إلى تأخيرها، لأن محاكمات الجنايات يستحيل أن تجري في غياب المحامي، ولكي يوفره القاضي، عليه مراسلة نقيب هيأة المحامين بالبيضاء ليعينه في إطار المساعدة القضائية".
أما السيناريو الثاني الذي يمكن أن يتأكد بعد قليل أمام تشبث القاضي بأن قراره حكم نهائي وما على الدفاع إلا استئنافه، هو استمرار الجلسة بعد تسجيل المحامين إنابتهم عن ناصر الزفزافي و11 متهما الموجودين في الكراسي الأمامية، دون 20 متهما الآخرين الموجودين في القفص الزجاجي.
ويعود ذلك لتشبث المحامين بأن تفسير المادة 423 يفيد بأن المتهم يمثل أمام القاضي حرا وتحت مراقبة حارس، وبتوفير شرط اطمئنانه ووجود المحامي بجانبه، في حين ترى المحكمة والنيابة العامة أن القفص الزجاجي بدوره تنزيل هندسي للمادة 423 وبأن القفص الزجاجي تتوفر فيه شروط مثول المتهمين أحرارا تحت مراقبة الحراس، كما يصلهم الكلام ويسمعون ما يجري في مقدمة القاعة.
وانطلقت أولى جلسات محاكمة ناصر الزفزافي، ومجموعته المكونة من 31 متهما آخر، أبرزهم محمد جلول ومحمد المجاوي، في العاشرة من صباح اليوم الثلاثاء، تحت إجراءات استثنائية، منها تشديد المراقبة على الصحافيين والأسر والمحامين بشأن الهواتف، إذ منع مجددا إدخالها إلى المحكمة، ويمر الحضور من بوابتين كاشفتين للمعادن يشرف عليها رجال الشرطة قبل ولوج القاعة.
ولفت ناصر الزفزافي الانتباه إليه في القاعة التي يحضر فيها والداه أحمد وزليخة الزفزافي، ومحاميه محمد زيان، بأن طالب القاضي علي الطرشي بعد تحققه من هويته بالسماح له بإلقاء كلمة، بالقول: "أرجوك لدي ملتمس من أجل مصلحة الوطن"، لكن أجابه القاضي: "الكلام من بعد وليس الآن"، وانتقل إلى المناداة على باقي المتهمين.
الجلسة شهدت أيضا رفع شعارات حراك الريف في إحدى اللحظات من قبل المتهمين وعائلاتهم، من قبيل الموت لا المذلة، أما الحالة الصحية للمتهمين، فلاحظ "تيلكيل عربي"، أن محمد جلول يبدو عليه وهن شديد مقارنة بالآخرين.
في ما يتعلق بالمحامين، تحضر لمؤازرة المتهمين في مجموعة الزفزافي، أسماء بارزة من مختلف الأطياف والتوجهات، من قبيل محمد زيان، وعبد الرحيم الجامعي، ومحمد أغناج، وأنور البلوقي، ومحمد المسعودي، وعائشة الخماس، والأمازيغيان أحمد الدغرني وحسن إدبلقاسم.
وفيما يرتقب أن يتم تأخير ملف مجموعة الزفزافي، سيشهد اليوم كذلك مثول جديدا أمام الهيأة نفسها لمجموعة نبيل أحمجيق، المتكونة من 22 متهما، ثلاثة منهم في حالة سراح مؤقت، والصحافي حميد المهدوي، في وقت تعتبر فيه النيابة العامة أن ملف الزفزافي هو الأصل، وتلتمس ضم ملفي أحمجيق والمهداوي إليه.