أجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الأحد، محادثات أزمة مع زملائها في حزب المحافظين، فيما تسعى إلى وضع خطة للأسبوع الحاسم في عملية بريكست وسط تقارير تفيد بأن رئاستها للحكومة باتت مهددة.
والتقت ماي، في مسكنها الريفي في شيركز، بنواب الحزب المؤيدين لـ"بريكست"، ومن بينهم النائب النافذ جاكوب ريس-موغ ووزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذي يعتبر طامحا في خلافتها.
ويتعين على ماي اتخاذ قرار حول ما إذا كانت ستطلب من النواب التصويت مرة أخرى على اتفاق "بريكست" الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي والذي رفضه البرلمان مرتين.
وعقب أسبوع شهد فوضى عارمة، تنتشر تكهنات على نطاق واسع على أن المحافظين يستعدون لإجبار ماي على الاستقالة.
وقالت صحيفة "صنداي تايمز"، اليوم الأحد، إن ماي "تتعرض لانقلاب كامل"، حيث تم وضع خطط لكي يتولى نائبها ديفيد ليدينغتون دور رئيس حكومة تصريف أعمال.
وذكرت الصحيفة أنها تحدثت إلى 11 من كبار الوزراء الذين "أكدوا أنهم يريدون أن تفسح رئيسة الوزراء الطريق لشخص آخر"، وأنهم يعتزمون مواجهتها بذلك في اجتماع للحكومة غدا الاثنين.
وعادة ما يجري مثل هذا الاجتماع أيام الثلاثاء، ولكن الحكومة أكدت أنه من المقرر أن يعقد الاجتماع الساعة العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي (10,00 تغ) الاثنين.
من جهتها توقعت صحيفة "مايل أون صنداي" أن تتم تنحية ماي "خلال أيام"، وأن يتولى وزير البيئة المؤيد لـ"بريكست" مايكل غوف مهام رئيس الحكومة المؤقت.
إلا أن غوف وليدينغتون نفيا أية رغبة لهما في تولي رئاسة الوزراء. وقال غوف "ليس هذا هو الوقت المناسب لتغيير قبطان السفينة".
وانتقد وزير المال فيليب هاموند، البوم الأحد، من يخططون للاطاحة بماي، وأكد لشبكة "سكاي" البريطانية أن "تغيير" رئيس الحكومة "لا يحل المشاكل"، معتبرا أن السعي لإطاحة رئيسة الوزراء "في غير محله" في وقت تواجه المملكة المتحدة في ملف بريكست أحد أكبر التحديات في تاريخها المعاصر.
وتواجه ماي كذلك احتمال سيطرة النواب على إجراءات مجلس العموم بهدف عقد سلسلة من ما يسمى بـ"عمليات التصويت الدلالية" للكشف عن الدعم الموجود لخيارات أخرى بشأن "بريكست".
ويأتي ذلك بعد أن حصلت ماي هذا الأسبوع خلال قمة الاتحاد الأوروبي على تأجيل لـ"لبريكست" لمدة ثلاثة أسابيع عن موعده في 29 مارس للحصول على موافقة على اتفاق بريكست أو العثور على بديل آخر.
يعاني البرلمان والحكومة البريطانيان من أزمة مستمرة منذ أشهر بسبب "بريكست"، حيث لم يتمكن النواب من اتخاذ قرار حول كيفية تنفيذ نتيجة استفتاء 2016 حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس انقسامات مريرة في أنحاء البلاد.
والسبت خرج نحو مليون شخص، بحسب المنظمين، في مسيرة مؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي عبرت شوارع لندن الرئيسية وطالبت بإجراء استفتاء ثان على بريكست.
وعقب الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على تأجيل "بريكست"، الذي لا يزال على النواب التصويت عليه ليصبح قانونا بريطانيا الأسبوع المقبل، لا يزال الغموض يكتنف الوضع.
ففي حال وافق البرلمان على اتفاق بريكست، فستخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 22 ماي بموجب الشروط التي توصلت إليها ماي مع الاتحاد الأوروبي العام الماضي.
وفي حال لم يقر البرلمان الاتفاق في الأسابيع المقبلة، فعلى لندن وضع خطة جديدة أو مواجهة الخروج بدون اتفاق في 12 أبريل.
وفي حال تمديد "بريكست" لفترة ثانية طويلة، فسيتعين على لندن إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي في ماي.
ورفضت ماي ومؤيدو "بريكست" هذا الخيار، وقالوا إنه من غير المنصف تجاهل غالبية البريطانيين الذين صوتوا من أجل الخروج من الاتحاد في 2016.
أبلغت ماي النواب أنها لن تطرح اتفاقها للتصويت مرة أخرى إلا في حال وجود مؤشرات على "الدعم الكافي له".
ولكن ذلك يبدو غير مرجح مع استمرار معارضة الحزب الوحدوي الديموقراطي الموالي لها للاتفاق.
وأقر هاموند لسكاي نيوز "يبدو من الصعب جدا الحصول على أغلبية للاتفاق".
إلا أنه قال "بطريقة أو بأخرى ستتاح للبرلمان هذا الأسبوع فرصة تقرير ما يفضله".
وسيستأنف النواب النقاش بشأن "بريكست"، الاثنين، مع وجود فرصة للتصويت على تعديل طرحته مجموعة من كبار النواب من مختلف الأحزاب يحدد جدولا لعمليات "تصويت دلالية" بعد يومين.
وخسرت خطوة مماثلة هذا التصويت الشهر الماضي بهامش صوتين.
وفي حال كسبت هذه الخطوة التصويت، فسيتمكن النواب من التصويت على عدة خيارات من بينها وقف عملية "بريكست" برمتها أو إجراء استفتاء ثان أو البقاء في الاتحاد الجمركي الأوروبي أو السوق الأوروبية الموحدة.
وبعد ذلك يمكن للنواب محاولة تحويل تصويتهم غير الملزم إلى قانون واجب التطبيق.