اجتمع اليوم مهنيو السينما بالمغرب للاحتفاء باليوم الوطني للسينما الموافق ل26 أكتوبر.
لا يبدو أن اليوم الوطني للسينما هو اجتماع ولقاء احتفائي بالمرة. فالفاعلون في السينمائيون بالمغرب اختلفوا اليوم حول طريقة تسيير القطاع بالمغرب وحول القوانين المؤطرة لعملية دعم السينما، موجهين انتقاداتهم للمركز السينمائي المغربي وللوزارة المكلفة بالقطاع.
وزير الاتصال والثقافة محمد الأعرج قال أن السينما بالمغرب مقبلة على منظومة متكاملة للدعم السينمائي. هذه المنظومة حسب كلمة الوزير الافتتاحية "تستجيب وتهدف إلى تطوير السينما، لتجعل من الدعم فاعلا ثقافيا". الأعرج في حديثه إلى موقع "تيلكيل عربي" اضاف أنهم داخل الوزارة بصدد إخراج "مجموعة مشاريع قوانين، في السنوات المقبلة، تتعلق بإعادة النظر في عمل المركز السينمائي المغربي، لكي يواكب التحولات النوعية والعالمية في مجال السينما، بالإضافة لمجموعة من المراسيم الموازية".
وفتح اليوم الوطني للسينما، النقاش أمام الفاعلين السينمائيين لطرح مشاكلهم ولتأطير قطاعهم بأنفسهم. لهذا فتح المركز مقره اليوم، لثلاثة ورشات متوازية؛ خصصت الأولى لدعم الإنتاج السينمائي والقوانين المؤطرة، والثانية حول واقع القاعات السينمائية، فيما خصصت الثالثة للمهرجانات السينمائية. واقتصرت المناقشات على وضع المقترحات والمشاكل التي يعاني منها السينمائيون لتقديمها للمركز السينمائي بالمغرب.
دعم سينمائي.. يحتاج إلى دعم
في الورشة الأولى التي حضرها جل المخرجين الحاضرين، أشار نور الدين الخماري أن الحديث يتكرر كل سنة في هذا اليوم الوطني عن نفس المشاكل، "لكن دون نتيجة". المخرج الذي ينتج ويخرج ويتكلف بالتوزيع، يتساءل عن "جدوى وجود غرف مهنية للانتاج وعن دورها في المغرب". متهما بعض الموزعين بالتلاعب والكذب في أرقام المبيعات. الخماري نبه إلى أن المشكل يتمثل في كون "المهنيين أنفسهم غير متحدين، وليس في المركز السينمائي أو الوزارة".
دعم السينما هذا، ركز عليه أغلب المتدخلين في الورشة المخصصة لدعم الإنتاج. واعتبروا أن قطاع الإنتاج بالمغرب تتخلله بعض المشاكل، كالبطائق المهنية والإجراءات الإدارية.. لكن غالبية المتدخلين ركزوا على الدعم المالي المقدم من طرف الدولة؛ إذ اعترض البعض على طريقة تجزيء ما يعرف بالتسبيق على المداخيل، بشطريه الأول والثاني الذي يمنحه المركز السينمائي لصانعي الأفلام. فيما اقترح آخرون تقديم الدعم بأجزائه الكاملة و"إرجاء المحاسبة بعد إخراج الفيلم".
المهنيون أنفسهم اعترفوا أن هذه المرحلة، أي تقديم الدعم قبل التصوير، تعرف اختلالات من طرف المخرجين أنفسهم، "بسبب نقص الموارد". محمد الإدريسي رئيس نادي منتجي ومهنيي قطاع السمعي البصري بالأقاليم الجنوبية، قال في معرض مداخلته أن "الجميع يتحايل على القانون لكي ينتج أفلامه"، في إشارة إلى ضعف الميزانية المقدمة من طرف المركز.
من جهته أكد محمد العروسي أن الإطار القانوني لا يمكن تجاوزه، مشيرا إلى "عدم إمكانية منح الجميع دعما ماليا، لمن لا يتوفر على ما تنص عليه الشروط والقوانين التي تضعها لجنة الدعم". العروسي عضو لجنة دعم الانتاجات السينمائية أكد كذلك على "ضرورة توحد المهنيين، من أجل الدفع بتغيير القوانين والتأثير في تحسين القطاع".
تزامنا مع اليوم الوطني، قال المخرج المغربي عبد السلام الكلاعي في تصريحه لـ"تيلكيل عربي" أن السينما المغربية "تحتاج إلى لوبيات، إذا جاز التعبير، تدافع عن الفيلم المغربي في المهرجانات العالمية، فالمخرج عندنا يتكلف بمهمة الإخراج والإنتاج أحيانا، لكنه يضطر كذلك أن يتتبع فيلمه في المهرجانات العالمية للتسويق له ولتمثيل المغرب". الكلاعي ركز في معرض حديثه على أن الفيلم المغربي "يتم إنجازه بعشر ميزانية الفيلم الإيراني أو المصري"، مؤكدا على وجود "مجهود محترم للسينما والإبداع بالمغرب، إذا ما قورن بقلة الدعم المقدم إليه".
اتهام المركز السينمائي
داخل بناية المركز السينمائي، الكل اتفق على إيجاد حلول توافقية يمكنها تغيير القوانين، الجاري العمل بها في دعم الأفلام السينمائية. لكن ذلك لم يمنع من امتعاض البعض من هذا الحل. أولهم محمد عبد الرحمن التازي رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام، أبدى امتعاضه من كون المركز السينمائي المغربي يتلقى مشاريع القوانين والمقترحات فقط. وقال في تصريحه لـ"تيلكيل عربي" أن المركز "يجب أن يشارك في إيجاد الحلول، والجلوس معنا على طاولة واحدة".
التازي الذي قضى 50 عاما في الميدان السينمائي، اعتبر أن "هناك أشخاصا داخل المركز يستفيدون من عدم توحدنا". داعيا في نفس التصريح جميع المهنيين إلى الانضواء تحت لواء الغرفة المهنية للأفلام، "لأنها كالأحزاب والتمثيليات البرلمانية، وباعتبارها الممثلة الوحيدة والقادرة على تغيير وتحسين القطاع".
من جهته عبر خالد العثماني الكاتب العام للغرفة المغربية للتقنين والمبدعين السينمائيين، أن "قطاع السينما بالمغرب من حيث الانتاجات الأجنبية أكسب المغرب 600 مليون درهم.. لكنه يعاني مشكلا حقيقيا يكمن في تأخر منح المركز السينمائي للدعم في أجله المحدد". لذا وحسب حديث العثماني لموقع "تيلكيل عربي"، فإن السينمائي يضطر "لوقف تصويره حتى يتم صرف الشطر الثاني من الدعم". مرجحا المشكل في كونه "إداريا في الإجراءات، التي تتسبب في قتل القطاع".
المتحدث الذي نبه إلى غياب تقديم حصيلة سنوية في هذا اليوم، أضاف أن "هذا اليوم لا يصلح ولا يكفي لتدارس قوانين حساسة، ستؤطر السينما لسنوات مستقبلا".