لم يتردد خبراء البعثة الاستشارية لصندوق النقد الدولي، الذين يزورون المغرب حاليا،، في التعبير عن موقفهم من التعاقد في الوظيفة العمومية. فرأي المؤسسة المالية مطلوب، خاصة أنه متهم بتشجيع السلطات العمومية على إحداث نوع من " المرونة" في الوظيفة العمومية، غير أن رأي الصندوق لم يقتصر على التعاقد، بل شمل احتمالات توسيع نظاق تليين سعر صرف الدرهم ومستقبل رفع الدعم عن غاز البوتان والسكر والدقيق.
التعاقد.. والوظيفة العمومية
لم يكن رأي خبراء صندوق النقد الدولي في التعاقد مفاجئا، فعندما سئلوا حول ما إذا كان يمكن التراجع عنه، اعتبروا أن أنه يندرج ضمن توجه يرمي إلى إصلاح الوظفية العمومية.
وذهب نيكولا بلانشي، رئيس البعثة الاستشارية لصندوق النقد الدولي، في ندوة صحفية، أمس الثلاثاء بالرباط، إلى أن التعاقد يندرج ضمن مداخل أخرى لإصلاح الوظيفة العمومية بالمغرب، من قبيل أعادة الانتشار والحركية.
واعتبر أن التوجه الذي يراد منه تشجيع الاستحقاق، يفترض أن يفضي إلى نوع من المرونة على بعض الأنظمة الخاصة في الوظيفة العمومية، من أجل تسهيل الانتقال بين الانتقال من إدارة إلى أخرى بسلاسة كبيرة.
وكان محمد بن عبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، التزم بأن يقدم في الثالث من أبريل المقبل، عرضا أمام الحكومة، حول نموذج جديد للوظيفة العمومية، يراد له أن يكون مستندا على الكفاءة والحركية، ومستلهما النماذج التدبيرية في القطاع الخاص.
ويعتبر مراقبون بأن الحكومة التزمت تجاه صندوق النقد الدولي، بإصلاح الوظيفة العمومية، بما يساعد على تقليص كتلة الأجور إل 10.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، هذا ما يفسر في نظرهم اللجوء للتعاقد في التعليم في إطار جهوي، الذي سيعفي الحكومة من توفير أجور عبر الموازنة.
توسيع نطاق التليين
يرى خبراء صندوق النقد الدولي، أن الشروط مواتية من أجل المضي في تليين سعر صرف الدرهم، معبرين عن مساندة المؤسسة المالية الدولية للتدرج في توسيع نطاق تليين سعر صرف العملة الوطنية.
وأكدوا إلى أن البعثة تناولت مع السلطات الحكومية، مسألة راهنية توسيع نطاق تليين صرف الدرهم، مؤكدا على أن هناك اتفاق رئيسي بين الطرفين حول التدرج في التليين.
غير أنه تجلى من حديث بلانشي، الذي يقود البعثة التي حلت بالمغرب منذ خمسة عشرة يوما، أنه بينما يفضل الصندوق الانتقال إلى مرحلة جديدة في توسيع نطاق سعر صرف الدرهم، ترى السلطات الحكومية المغرب، أنه يجب التريت.
واختار المغرب التدرج، رغم توصية صندوق النقد الدولي، في تقريره الصادر في يناير الماضي، حيث يرى أن الظروف مواتية للانتقال إلى مرحلة ثانية في مسلسل سعر صرف الدرهم المغربي.
ويستحضر المغرب في قراره التريث قبل الانتقال للمرحلة الثانية من توسيع نطاق تحرك الدرهم، وضعية المالية العمومية والعجز التجاري، آخذا بعين الاعتبار حطر التضخم في ظل وضعية اجتماعية حرجة.
وأكد بلانشي، على الطابع الوقائي الذي يجب أن يكتسيه التليين في المغرب، في مواجهة المخاطر الخارجية، التي يمكن أن تأتي من ارتفاع سعر البترول في السوق الدولية في الفترة المقبلة.
وشدد على أن رصيد المغرب من العملة الصعبة، يتيح له تغطية خمسة أشهر من الواردات، مضيفا أنه يمكن في حال ظهور ظرفية ناتجة عن صدمات خارجية استعمال خط الوقاية والسيولة.
وكان صندوق النقد الدولي وضع رهن إشارة المغرب خط وقاية وسيولة بقيمة 2,97 مليار دولار لسنتين، حيث يراد من ذلك الخط أن يشكل ضمانة ضد الصدمات الخارجية وسيدعم الجهود التي تبذلها السلطات لمواصلة تعزيز متانة الاقتصاد والعمل من أجل نمو أكبر وأشمل".
ويعتبر بنك المغرب، أن عملية تليين سعر صرف الدرهم، التي انخرط فيها المغرب، كانت ناجحة، معتبرا أن ذلك يعطي الدليل على صمود الاقتصاد المغرب وصلابة أساسياته، معتبرا أن ذلك سيستمر، بالرغم من بعض المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد، والمتمثلة أساسا في العجز التجاري.
ويلاحط البنك المركزي، أن البنوك لم تطلب العملة الصعبة من بنك المغرب منذ عام، ما يؤشر على الدينامية الجديدة للسوق القائمة بين البنوك، التي تتوفر على رصيد مهم من العملة الصعبة.
ويرى أنه في ظل ارتفاع قيمة العملة الوطنية في علاقتها بالعملات الأجنبية، لم يعمد الفاعلون إلى التحوط ضد تقلبات سعر الصرف، ما يخدم مصالح المستوردين.
البوطا والسكر
يوصي صندوق النقد الدولي بالمغرب، بتبني نظام للاستهداف الاجتماعي، قبل المضي في تحرير أسعار السلع التي مازالت تحظى بالدعم عبر صندوق المقاصة.
وذهب نيكولا بلانشي،إلى أنه يتوجب قبل مواصلة رفع الدعم عن غاز البوتان والسكر والدقيق، يتوجب وضع نظام السجل الاجتماعي الموحد الذي يهم استهداف الفئات الفقيرة بالدعم.
وأشار إلى أنه لا يوجد ضغط على المغرب من أجل تسريع وتيرة رفع الدعم عن تلك السلع، مادام العجز متناغم مع أهداف توازنات الميزانية.
وأكد رئيس بعثة الصندوق، على أن صدمات خارجية، يمكن أن تفضي إلى رفع مستوى الدعم، كما حدث في العام الماضي، عندما ارتفع سعر غاز البوتان في السوق الدولية.
وتوقعت الحكومة عبر قانون المالية، أن تصل نفقات المقاصة في العام الحالي إلى18,3 مليار درهم، مقابل 13,7 مليار درهم في العام الماضي.
وكانت حكومة سعد الدين العثماني، كشفت عن نيتها في الشروع في في تنزيل السجل الاجتماعي الموحد بشكل تدريجي قبل نهاية سنة 2019، وهو السجل الاجتماعي الموحد، الذي تقدمه الحكومة على أنه إصلاح كبير يهدف إلى تعزيز القدرة على استهداف الفئات الهشة والفقيرة المعنية بالدعم الاجتماعي.