أدى تزايد عدد الولايات التي ترخص استهلاك الماريخوانا في أمريكا إلى اشتداد المخاوف من التأثيرات السيئة لهذه النبتة رغم "فوائدها" الصحية المتمثلة أساسا في تخفيف مجموعة من الآلام.
بعد تزايد عدد الولايات التي تعمد إلى ترخيص استهلاك الماريخوانا في أمريكا، أخذ العديد من المسؤولين الحكوميين والباحثين والمهتمين عموما يبدون قلقهم من تأثير هذا الأمر على معركة الحد من التدخين، التي يعتبرها الكثيرون من بين أنجح المعارك التي خاضتها المصالح الصحية في بلاد العم سام طيلة العقود الأخيرة.
وقال بيتر كو، وهو عضو جمهوري في مجلس مدينة نيويورك، خلال جلسة استماع "نحن نحاول الحد من كل أنواع التدخين، فلماذا إذن تريدون ترخيص استهلاك الماريخوانا".
من جانبه، بدا غاري سميث، وهو من سكان نيويورك، مستاء بشدة من احتمال ترخيص ولاية نيويورك استهلاك الماريخوانا. فهو يدرك أن الأبحاث لم تجد علاقة بين تناول الماريخوانا وسرطان الرئة، الذي قضى على ثلاثة من أفراد عائلته المدخنين وأصابه بعد 20 عاما على توقفه عن التدخين، ولكنه يخشى أن تكون هناك أخطار مازالت مجهولة لهذه النبتة على الجهاز التنفسي.
بيد أن المدافعين عن استهلاك هذه العشبة يردون بأنه لا وجه للمقارنة بينها وبين السجائر المصنوعة من التبغ على المستوى الصحي، كما أن الماريخوانا يمكن استعمالها بطرق أخرى غير تدخينها.
وأشارتقييم شامل للمصالح الفيدارلية الأمريكية إلى أن الأبحاث التي أجريت على أثار الماريخوانا أظهرت ان خطر تسببها في الإصابة بسرطان الرئة يظل "ضئيلا" وهو على كل حال "أقل بكثير" من التدخين. وعلى عكس السجائر، هناك دلائل على "الفوائد الصحية" لهذه العشبة الخضراء، مثل التخفيف من حدة الآلام المزمنة.
من جهته، خلص تقرير فيدرالي أنجز عام 2017 إلى أنه في الوقت الذي تعتبر فيه السجائر من الأسباب الرئيسية للإصابة بالنوبات القلبية، فلم يتم البرهنة على وجود علاقة بين استهلاك الماريخوانا وهذه النوبات.
وبالمقابل توصل تقرير للأكاديمية القومية للعلوم والهندسة والطب، إلى وجود "دلائل قوية" تربط بين استهلاك القنب الهندي لمدة طويلة والإصابات المتكررة بالالتهابات الرئوية.
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أثار أخرى للماريخوانا. فهذه العشبة، حسب الاكاديمية القومية للعلوم والهندسة والطب، تخفف من حالات القيء المتربطة بالعلاجات الكميائية، كما تحد من الآلام المزمنة لدى الكبار، ولكن بالمقابل هناك دلائل تربط بين هذا المخدر والإصابة بالشيزوفرينيا، وكذلك التسبب في حوادث السير.
والواقع أنه يمكن استهلاك التبغ والماريخوانا معا، وحاز نوع من السجائر الذي يخلط المادتين معا شعبية متنامية في الولايات المتحدة.
وخلصت مجموعة من الدراسات إلى أن عددا متزايدا من مستهلكي السجائر أخذوا يدخنون الماريخوانا كما أن مستعملي هذه العشبة أخذوا يميلون إلى التدخين.
ويقول الدكتور ستيرلينغ ماكفيرسون، أستاذ الطب في جامعة واشنطن متخصص في دراسة استهلاك الماريخوانا والسجائر من طرف المراهقين، "كل مادة تقوي استهلاك الأخرى، والعكس بالعكس، وهذا من شأنه تعزيز فرص الانزلاق إلى الإدمان". بل إن الأكاديمية القومية توصلت إلى أن تناول الماريخوانا يزيد من خطر الإدمان على مواد أخرى غير التبغ.
أمام هذا الوضع الملتبس للماريخوانا، يرى بعض المسؤولين الصحيين في أمريكا أنه يمكن ترخيص استهلاكها للاستفادة مما تتيحه من "فوائد طبية"، ولكن مع تسييج هذا الترخيص بمجموعة من الضوابط للحد من أخطارها المحتملة والمجهولة لحد الآن.
عن وكالة "أسوشيايتد بريس"