"التحويل عوض الاقتصار على تصدير المواد المعدنية في شكلها الخام، وذلك لإنتاج مواد معدنية مصنعة ذات قيمة مضافة عالية، تعزز القدرة التنافسية في السوق العالمية، سيما أن بعض المعادن أصبحت ذات أهمية استراتيجية إما لنذرتها أولتزياد الطلب عليها في السوق العالمية".
كان هذا أبرز أهداف النسخة الأولى من ملتقى مراكش الدولي للتعدين، المنعقد يومي 17 و19 أبريل الجاري، بحضور وزراء ومسؤولين من 15 دولة إفريقية بالإضافة إلى مشاركة تركيا والبرتغال والهند.
ويحظى المنتدى الأول من نوعه، والذي يطمح المغرب لجعله موعداً سنوياً قاراً، بدعم استراتيجي من طرف المكتب الشريف للفوسفاط، فضلاً عن مؤسسات عمومية وشركات اقتصادية خاصة من داخل المغرب وخارجه.
موعد إفريقي قار
وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة عزيز الرباح، أكد خلال افتتاح المنتدى أنه "انطلاقا من الأهمية التي يكتسيها قطاع المعادن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العديد من البلدان، كذا الفرص الاستثمارية التي يتيحها، ارتأت وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة أن تجعل من هذا الملتقى موعدا قارا يجمع مختلف المتدخلين في القطاع المعدني".
كما يبحث المغرب حسب المتحدث ذاته، عن جعل الملتقى "منبرا للنقاش والتحاور وتبادل الخبرات والتجارب حول القضايا المتعلقة بالقطاع المعدني وكذلك للوقوف على التحديات والإكراهات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي من أجل بلورة رؤى مندمجة تروم ضمان التنمية المستدامة للصناعة المعدنية".
المعادن والسوق الدولية
وأوضح الرباح أن "الظرفية الاقتصادية العالمية تتميز بعدم استقرار وتقلبات أسواق المواد الأولية بما فيها المعدنية، مما يؤثر سلبا على وثيرة نمو القطاع المعدني بشكل عام، حيث أن انخفاض أسعار المواد المعدنية يترتب عنه انخفاظ ملحوظ على مستوى الاستثمارات، مما يساهم في إلغاء بعض المشاريع الاستثمارية التي تصبح غير مربحة".
وتابع الوزير أن "هذا الوضع لم يستثني حتى كبار الشركات المنجمية العالمية حيث تعرف أسهم بعضها منحا متقلبا في مختلف البورصات العالمية".
وأَضاف: "علاوة على ذلك، بدأنا نشهد خلال السنوات الأخيرة، تحول العالم نحو أشكال جديدة للإنتاج والأسواق ينذر بانتقال العالم إلى نظام إنتاجي جديد يوفق بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار كل من البعد البيئي والاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية وذلك بغية تحقيق أهداف التنمية المستدامة".
واعتبر وزير الطاقة والمعادن أن "القطاع المعدني، الذي يتسم بضخامة الإستثمارات وبعامل المجازفة، مطالب بالانخراط في هذا التوجه من خلال اعتماد الوسائل والتقنيات التكنولوجية الحديثة في مختلف مراحل سلسلة الإنتاج وترشيد استعمال الموارد المائية وكذا استخدام الطاقات المتجددة لتلبية الحاجيات الطاقية لهذا القطاع".
تحول إفريقي.. من التصدير إلى التصنيع
ومن بين أبرز أهداف المنتدى في نسخته الأولى، الاستثمار الأنجع لأراضي هذه الإفريقية، بفضل التركيبات الجيولوجية المتنوعة التي تتميز بها، وبثروات معدنية متعددة ومتنوعة.
في السياق، قال الوزير الرباح، إن "العديد من البلدان بهذه القارة، اكتسبت خبرة ومهارة بشرية عالية على مر السنين، بحيث أصبحت الثروات المعدنية تشكل رافعة أساسية في تنمية العديد من البلدان الإفريقية. واعتبارا لحجم ومستوى التحديات التي يواجهها القطاع كذا دوره المحوري في اقتصاديات البلدان الإفريقية، فإننا مطالبون، أكثر من أي وقت مضى، بتوحيد الجهود لمواجهة هذه الاكراهات وضمان تنمية مستدامة للقطاع المعدني على مستوى القارة".
ودعا الرباح الدول الإفريقية في المنتدى إلى ضرورة "بلورة رؤية مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات ومميزات القطاع المعدني ووضع الآليات اللازمة لترجمتها إلى مشاريع ملموسة ذات فائدة مشتركة تروم مجال التثمين والتحويل عوض الاقتصار على تصدير المواد المعدنية في شكلها الخام، وذلك لإنتاج مواد معدنية مصنعة ذات قيمة مضافة عالية تعزز القدرة التنافسية في السوق العالمية، سيما أن بعض المعادن أصبحت ذات أهمية استراتيجية إما لنذرتها أولتزياد الطلب عليها في السوق العالمية".
القطاع المعدني في المغرب
وأشار الرباح في كلمته إلى أن "القطاع المعدني المغربي يتبوأ مكانة مهمة في الاقتصاد الوطني، وتتجلى هذه الأهمية من خلال مساهمته في الناتج الداخلي الخام بنسبة 10 في المائة، وحصته في قيمة الصادرات الوطنية بأكثر من 20 في المائة".
أما بالنسبة للإنتاج المنجمي الوطني فقد بلغ سنة 2017 ما مجموعه 35,11 مليون طن، يمثل فيه الفوسفاط أكثر من 90 في المائة، كما بلغت الاستثمارات المعدنية حوالي 14 مليار درهم".
"وإذا كان للمغرب احتياطات مهمة من الفوسفاط (73 في المائة من الاحتياط العالمي) وصناعة تحويلية متطورة بوأته مكانة أول مصدر وثالث منتج في العالم، فهو يحتل أيضا رتبا بارزة على المستوى العالمي والأفريقي في استخراج عدد من المعادن مثل الزنك والرصاص والنحاس والفضة والباريتين والفليورين والكوبالت"، يضيف الرباح.
وفي ما يتعلق بالفوسفاط ومشتقاته، يقول وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، ومنذ سنة 2009 نهج المغرب من خلال المجمع الشريف للفوسفاط استراتيجية تهدف إلى تعزيز موقعه الريادي في سوق الفوسفاط ومشتقاته لرفع حصته في السوق العالمية إلى 40 في المائة في أفق 2028 في ما يخص جميع المنتجات الفوسفاطية.
وسيتم تحقيق هذا الهدف، الذي وصفه الرباح بـ "الطموح"، من خلال تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى على مستوى الاستغلال والتقييم في إطار برنامج استثماري يقدر بأكثر من 200 مليار درهم (20 مليار دولار)